أكد كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني، اليوم الثلاثاء، أن حصول الاتفاق خلال مفاوضات فيينا الرامية إلى إحياء الاتفاق النووي مرتبط بـ"وجود إرادة جادة واستعداد فعلي لدى الطرف الآخر لتنفيذ جميع تعهداته بالاتفاق النووي من دون أي استثناء"، مشيرا إلى أن المفاوضات لم تدخل إلى الآن "مرحلة جادة".
واتهم باقري كني، في مقابلة مع التلفزيون الإيراني، الإدارة الأميركية الحالية بأنها تنتهج "سلوكا متناقضا"، منتقدا قيامها بفرض عقوبات جديدة على إيران في ظل استمرار المفاوضات في فيينا.
وأشار باقري كني إلى عقد اجتماعات متعددة خلال الأيام الأخيرة منذ استئناف المفاوضات الخميس الماضي، لـ"تحديد وحصر الخلافات وتقليلها"، قائلا إن "المفاوضات مستمرة بشأن تحديد هذه الخلافات لندخل بعد ذلك مرحلة التفاوض حولها لإزالتها. خلال الأيام الأخيرة، حصل تقدم جيد للغاية حول تحديد نقاط الخلاف".
وكشف "العربي الجديد"، أول من أمس الأحد، نقلا عن مصادر مطلعة، قولها إن اللجنة المشتركة للاتفاق النووي كانت قد اتفقت، الخميس الماضي، على ضرورة عمل لجان الخبراء على "تحديد جميع النقاط الخلافية المرحّلة من الجولات السابقة وحصرها، فضلاً عن تسجيل الملاحظات الإيرانية على مسودات الجولة السادسة"، مشيرة إلى أن أطراف المفاوضات ستنتقل بعد ذلك إلى مرحلة التفاوض حول هذه القضايا العالقة وبحث حلول لها.
وأكد كبير المفاوضين الإيرانيين أن "الأولوية الأولى لنا هي رفع العقوبات غير القانونية والظالمة ضد الشعب الإيراني"، كاشفا عن أن "المفاوضات لرفع العقوبات لم تدخل بعد مرحلة جادة"، قائلا إنه "تم تبادل عدة مسودات، لكن ما بات واضحا أنه يجب أن ترفع فورا كل عقوبة تتنافى مع الاتفاق النووي، سواء تلك التي فرضت في عهد الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، أو في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، أو في عهد الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن".
وأضاف كبير المفاوضين الإيرانيين أنه "على أساس ذلك، يجب أن تلغى جميع العقوبات التي فرضت وفق سياسة الضغوط القصوى، لأنها مرتبطة بالاتفاق النووي".
باقري كني: الاحتلال الإسرائيلي يسعى جادا في التأثير بشكل سلبي ومخرب على أجواء المفاوضات داخل غرف التفاوض
وفي السياق، كشفت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد"، الجمعة الماضي، أن المسودة التي قدمها الوفد الإيراني، قبل أسبوعين، بشأن رفع العقوبات لأطراف المفاوضات "تنص على ضرورة إلغاء كل العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة في إطار سياسة الضغوط القصوى"، مشيرة إلى "توجه أميركي للاحتفاظ ببعض العقوبات".
وأضافت المصادر أن "الولايات المتحدة كانت قد وافقت خلال الجولة السابقة على رفع 1040 إجراء حظر، تنوعت بين إلغاء معظمها وتعليق بعض هذه العقوبات التي فرضت تحت بند مكافحة الإرهاب"، مع الإشارة إلى أن "الوفد الإيراني السابق قد قبل بذلك".
غير أن الحكومة الإيرانية الجديدة رفضت ذلك، وفي مسودتها بشأن رفع العقوبات، أكدت "ضرورة رفع جميع العقوبات البالغ عددها أكثر من 1500 عقوبة"، كما قالت المصادر، التي أوضحت أن "إيران ذكرت أن جميع العقوبات المرتبطة بحقوق الإنسان والصواريخ ومكافحة الإرهاب وغيرها مرتبطة بالاتفاق النووي، لكونها فرضت بعد الانسحاب منه في إطار الضغوط القصوى".
اتهامات لإسرائيل بالسعي للتأثير السلبي على أجواء المفاوضات
على صعيد متصل، اتهم باقري كني الاحتلال الإسرائيلي بـ"السعي جديًا إلى التأثير بشكل سلبي ومخرب على أجواء المفاوضات داخل غرف التفاوض".
وفي إشارة إلى لقاءات أوروبية مع المسؤولين الإسرائيليين، اتهم المسؤول الإيراني الأطراف الأوروبية المشاركة في المفاوضات بأنها "تسلك سلوكا متناقضا"، قائلا "إنهم من جهة يدّعون إجراء مفاوضات لإحياء الاتفاق النووي وعودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق، ومن جهة ثانية، يجرون لقاءات مطولة مع ذلك الكيان غير الشرعي، وينشرون معه مقالات مشتركة للقضاء على المفاوضات أو وضع عراقيل جادة أمام التوصل إلى اتفاق".
يشار إلى أن وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي يئير لبيد كان قد زار بريطانيا وفرنسا قبل أسبوعين مع استئناف المفاوضات في فيينا، ونشر مقالا مشتركا مع نظيرته البريطانية ليز تروس عشية استئناف مفاوضات فيينا.
كما أكد كبير المفاوضين الإيراني أن "الخلافات حول موضوعي الضمانات لعدم خروج الولايات المتحدة لاحقا من الاتفاق النووي، والتحقق من رفع العقوبات عمليا، ما زالت قائمة".
غروسي يحذر من "صورة مبهمة" بشأن برنامج إيران النووي
في الأثناء، حذر المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، من أن القيود التي يواجهها مفتشو وكالته في إيران تهدد بمنح العالم فقط "صورة مبهمة للغاية" بشأن برنامج طهران، التي تقوم بتخصيب اليورانيوم لمستويات أقرب من أي وقت مضى لدرجة الأسلحة النووية.
وأوضح، في مقابلة موسعة مع وكالة "أسوشييتد برس"، أنه يريد أن يبلغ إيران أنه "لا سبيل هناك للالتفاف" على مفتشيه في الوكالة الدولية، إن أرادت إيران أن تكون "دولة تحظى بالاحترام وسط مجتمع الأمم".
وأضاف من فندق في أبوظبي، بعد زيارته أول محطة طاقة نووية في الإمارات: "علينا أن نعمل معا. عليهم أن يعملوا معنا. سأتأكد من أن يفهموا أن بإمكانهم أن يجدوا فينا شريكا".
وأردف غروسي "إن لم ير المجتمع الدولي من خلالنا، من خلال الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بوضوح، عدد أجهزة الطرد المركزي أو القدرة التي تمتلكها تلك الأجهزة.. فستكون لدينا صورة مبهمة للغاية. ستمنحنا وهما وليس الصورة الحقيقية. وهذا سبب أهميته".