أقرّت إيران بمشاركتها في حرب اليمن من خلال تقديم الدعم العسكري لحلفائها الحوثيين، وذلك لأول مرة بعد سنوات من إنكار الاتهامات المتكررة الموجهة إليها من الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً والتحالف السعودي في دعم انقلاب جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) وإطالة أمد الحرب.
ويأتي الاعتراف الإيراني في خضم حراك دولي واسع لإنهاء النزاع اليمني، حيث تحاول طهران فرض نفوذها كلاعب رئيسي في الأزمة اليمنية. ويتزامن أيضاً مع ما نقلته تقارير إعلامية بأنّ طهران وعدت باستخدام نفوذها لوقف هجمات الحوثيين على السعودية، وطلبت في المقابل أن تدعم الرياض المحادثات النووية في فيينا التي قد تقود إلى رفع العقوبات الأميركية عنها.
وكشف مساعد قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني، الجنرال رستم قاسمي، بشكل صريح، مساء الأربعاء، أنّ كل ما يمتلكه الحوثيون من أسلحة ناتج من مساعدات قدمتها طهران لحلفائها في اليمن، وخصوصاً في تكنولوجيا صناعة السلاح، لافتاً إلى أنّ عملية التصنيع تجري في اليمن، ولا سيما الطائرات المسيَّرة بدون طيار والصواريخ الباليستية.
وفيما أشار إلى إرسال سلاح "بشكل محدود جداً" إلى جماعة الحوثيين في مطلع سنوات الحرب، أكد المسؤول الإيراني، في تصريحات إعلامية، أنه "لا حاجة الآن لإرسال السلاح"، في إشارة إلى امتلاك الحوثيين ترسانتهم الخاصة.
وأقرّ قاسمي بالاتهامات السابقة التي دائماً ما يكررها التحالف السعودي والحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، والتي تتهم طهران بإرسال خبراء أسلحة إلى صنعاء لقيادة المعركة بجانب الحوثيين، وقال إنّ عددهم "محدود جداً ولا يتجاوز عدد أصابع اليد"، وإنّ مهمتهم "تقتصر على تقديم الاستشارات".
وتشكل الاعترافات الإيرانية ضربة موجعة للتحالف العسكري الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين، حيث تكشف فشل الحظر المفروض على اليمن منذ 26 مارس/ آذار 2015 في كبح تدفق السلاح الإيراني إلى حلفائهم الحوثيين في صنعاء.
ولم يصدر أي تعليق من جماعة الحوثيين التي دائماً ما تفاخر بأنّ التطور العسكري الحاصل في صفوفها ناتج من خبرات يمنية خالصة، رغم أنّ زعيمها، عبد الملك الحوثي، سبق أن وجه عبارات شكر وثناء خاص للدعم الذي تقدمه إيران لهم، دون الإفصاح عن هويته وما إذا كان عسكرياً أو إعلامياً أو مادياً.
وفي المقابل، اعتبرت الحكومة اليمنية الشرعية، التصريحات الصادرة عن مساعد قائد "فيلق القدس" أنها تمثل "انتهاكاً صارخاً للقوانين والمواثيق الدولية، وتحدياً سافراً لإرادة المجتمع الدولي"، وفقاً لوزير الإعلام معمر الإرياني.
وقال الإرياني، في سلسلة تغريدات على "تويتر"، إنّ تصريحات الجنرال قاسمي "تعيد تسليط الضوء على الدور الايراني المزعزع لأمن اليمن واستقراره، ومسؤوليته عن المأساة الإنسانية التي خلفتها الحرب".
٢-التصريحات تعيد تسليط الضوء على الدور الايراني المزعزع لأمن واستقرار اليمن، ومسئوليته عن المأساة الانسانية التي خلفتها الحرب، واستخدام طهران مليشيا الحوثي أداة لتنفيذ أجندتها التوسعية وسياسات نشر الفوضى والارهاب في المنطقة، وتهديد المصالح الدولية في البحر الاحمر وباب المندب pic.twitter.com/wWx2r8UxPF
— معمر الإرياني (@ERYANIM) April 21, 2021
وأشار المسؤول اليمني إلى أنّ الإقرار الإيراني، يكشف عن "استخدام طهران مليشيا الحوثي أداة لتنفيذ أجندتها التوسعية وسياسات نشر الفوضى والإرهاب في المنطقة، وتهديد المصالح الدولية في البحر الأحمر وباب المندب"، مطالباً المجتمع الدولي بـ"النهوض بمسؤولياتهم وفق مواثيق الأمم المتحدة ومبادئها، والضغط على النظام الايراني لوقف تدخلاته المزعزعة لأمن اليمن والمنطقة واستقرارهما، ودوره في تقويض الجهود التي تبذلها الدول الشقيقة والصديقة للتهدئة وحل الأزمة بطريقة سلمية".
وجاءت الاعترافات الإيرانية، بعد ساعات من اتهامات أميركية جديدة ساقها مبعوث واشنطن إلى اليمن، تيموثي ليندركينغ، وقال خلالها إنّ الدعم الإيراني للحوثيين "كبير وحاسم".
وأوضح ليندركينغ، الذي عُيِّن منتصف فبراير/ شباط الماضي مبعوثاً إلى اليمن، في إيجاز أمام الكونغرس، أمس الأربعاء، أنّ النظام الإيراني "لم يظهر أي مؤشر على رغبته في حل بنّاء للصراع اليمني، وسنرحب بوجود أي دور إذا كانوا على استعداد لذلك".
ومساء الأربعاء، نقلت وكالة "رويترز"، عن أربعة مصادر، بينهم دبلوماسي، لم تسمهم، أنّ إيران وعدت باستخدام نفوذها لوقف هجمات الحوثيين على السعودية، وطلبت في المقابل أن تدعم الرياض المحادثات النووية، وذلك خلال محادثات جمعتها بالجانب السعودي في بغداد خلال وقت سابق من شهر إبريل/ نيسان الجاري، ومن المقرّر أن تنعقد جولة ثانية قريباً.
وفيما نقلت عن مسؤولين بالشرق الأوسط ومصادر أنّ الجولة الثانية من المحادثات ستنعقد هذا الشهر دون تحديد موعد لها، أشارت الوكالة إلى أنّ التركيز الأساسي في المحادثات بين الطرفين حتى الآن كان على اليمن، حيث يصعّد الحوثيون هجماتهم الصاروخية وعبر الطائرات المسيّرة على السعودية.