قبيل استئناف مفاوضات فيينا... إيران تتهم أميركا وأوروبا بعدم الجدية

29 نوفمبر 2021
هذه الجولة الأولى من مفاوضات فيينا في عهد الحكومة الإيرانية الجديدة المحافظة (الأناضول)
+ الخط -

اتّهم المتحدث باسم وزارة  الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة، قبيل استئناف مفاوضات فيينا النووية مساء اليوم الاثنين، بريطانيا وأطرافاً أخرى بـ"عدم الجدية" في هذه المفاوضات وبالسعي لإيجاد أرضية لإطالة أمدها، فيما أكد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان أن بلاده دخلت المفاوضات بـ"حسن نية وإرادة جادة وكافية للتوصل إلى اتفاق جيد".

وأشار خطيب زادة، في مؤتمره الصحافي الأسبوعي، إلى المقال المشترك لوزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس ونظيرها الإسرائيلي يئير لبيد في صحيفة "تلغراف" البريطانية، قائلاً إن نشر هذا المقال عشية استئناف المفاوضات فيينا "دليل على عدم جدية بعض الدول".

وأضاف المتحدث الإيراني أن إسرائيل "كانت قد سعت منذ اليوم الأول لمنع التوقيع على الاتفاق النووي والقضاء على الاتفاق، واليوم، فيما هي طرف معارض أساسي لمفاوضات فيينا وإحياء الاتفاق النووي، تقوم وزيرة الخارجية البريطانية بكتابة مقال مشترك مع وزير خارجية الكيان الصهيوني. عندما تنظرون إلى هذا الاصطفاف تعلمون أقله أن بعض الدول الأوروبية لا تحظى بإرادة كافية لرفع العقوبات".

واتهم خطيب زادة هذه الدول بالسعي لإطالة أمد المفاوضات وعدم تنفيذ الاتفاق النووي، رابطاً مصير مفاوضات فيينا بـ"جدية وحسن نوايا الجانب الأميركي"، محمّلاً الولايات المتحدة مسؤولية ما آل إليه الاتفاق النووي والانسداد خلال الجولات السابقة من المفاوضات.

وتابع: "إذا لم تسع أميركا لإنهاء المأزق في فيينا، فحينئذ ستكون الظروف صعبة، لكنها إذا رجعت إلى المفاوضات لكسر المأزق، فهي ستكون على الطريق الصحيح".

وأكد خطيب زادة أن بلاده تخوض مفاوضات اليوم بـ"جدية وحسن نية"، داعياً الجانب الأميركي أيضاً إلى أن تكون لديه الجدية نفسها للوصول إلى حلّ، متهماً إياه بالسعي خلال الجولات الست السابقة إلى الحفاظ على تراث الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب والتمسك بسياسة الضغوط القصوى والعقوبات.

وشدد المسؤول الإيراني على أن "نافذة مفاوضات فيينا لن تكون مفتوحة للأبد"، داعياً جميع الأطراف إلى "اغتنام الفرصة"، مع تأكيده أن طهران لا ترغب في وصول المفاوضات إلى طريق مسدود.

طهران: لا مفاوضات مباشرة قبل رفع العقوبات الأميركية

ورداً على دعوة المبعوث الأميركي للشأن الإيراني روبرت مالي إيران إلى التفاوض مباشرة، باعتباره الطريق الأمثل للوصول إلى حلّ، قال خطيب زادة إن بلاده لن تخوض أي تفاوض مع واشنطن من دون رفع كامل للعقوبات التي فرضتها عليها.

وأكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية أن الوفد الإيراني "لن يجري أي تفاوض ثنائي مع الوفد الأميركي"، قائلاً إن "تركيبة الوفد الإيراني دليل على أن إيران شاركت في المفاوضات بجدية، وهي عازمة على رفع العقوبات".

وأوضح خطيب زادة أن إيران تدخل مفاوضات فيينا "بعزم وإرادة جادة للوصول إلى اتفاق"، مضيفاً أنها تريد "حوارات مثمرة".

وعن زيارة المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي إلى إيران الأسبوع الماضي، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إنها لم تتوج باتفاق، لكنه قال في الوقت ذاته إن "حوارات جيدة أجريت على مستويات مختلفة" مع غروسي.

وأضاف أن "المباحثات لم تصل إلى اتفاق بسبب بعض المصطلحات التي كانت تحظى بأهمية للطرفين، لكن بنود الاتفاق جاهزة تقريباً"، كاشفاً عن أن "الوفد الإيراني سيعقد اجتماعات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لاستكمال الاتفاق".

ومن المقرّر أن تُستأنف، مساء اليوم الاثنين، مفاوضات فيينا النووية غير المباشرة بين طهران وواشنطن، بوساطة أعضاء الاتفاق النووي (روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا).

وتهدف المفاوضات إلى إحياء الاتفاق النووي بما يرفع العقوبات الأميركية عن طهران، التي أعادت فرضها الإدارة الأميركية السابقة بعد انسحابها من الاتفاق عام 2018، ويعيد إيران إلى التزاماتها النووية التي أوقفتها خلال السنوات الثلاث الماضية رداً هذا الانسحاب.

والجولة الجديدة من المفاوضات هي السابعة بعدما انطلقت خلال إبريل/نيسان الماضي، كما أنها الجولة الأولى في عهد الحكومة الإيرانية الجديدة المحافظة.

وتخيم على استئناف المفاوضات أجواء مشحونة وسط تهديدات واتهامات متبادلة، فمن جانب، باتت الولايات المتحدة تهدد باللجوء إلى الخيار العسكري إذا فشلت المفاوضات، وإيران أيضا تلوح بـ"خيارات أخرى" من جانب آخر.

هدفان لإيران في مفاوضات فيينا

وعشية استئناف المفاوضات، اتهم كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني الدول الغربية، خصوصاً الولايات المتحدة، باستغلال المفاوضات للحدّ من "برنامج إيران النووي السلمي والمشروع"، قائلاً إن "على الغرب أن يدفع ثمن انتهاك تعهداته بالاتفاق النووي".

وقال باقري كني، في مقال نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، إن بلاده تبتغي تحقيق هدفين في مفاوضات فيينا، مشيراً إلى أن "الهدف الأول هو رفع العقوبات بشكل كامل ومضمون ويمكن التحقق منه... والهدف الثاني هو تسهيل تحقيق الحقوق القانونية للشعب الإيراني في استخدام العلم النووي السلمي، وخصوصاً تقنية تخصيب اليورانيوم المهمة للغاية لأغراض صناعية، وفق معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية".

إيران: مستعدون لـ"اتفاق جيد" ونرفض المطالب العابرة للاتفاق النووي في المفاوضات


أعلن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، اليوم الاثنين، أن بلاده دخلت هذه المفاوضات بـ"حسن نية وإرادة جادة وكافية للتوصل إلى اتفاق جيد"، مؤكدا أنها "لن تقبل بالمطالب العابرة للاتفاق النووي، ولن تخوض مفاوضات حول قضايا خارج الاتفاق"، في إشارة إلى القضايا الصاروخية والإقليمية التي تطالب واشنطن وعواصم أوروبية بالتفاوض بشأنها. 
وفي مطلع مقال نشره موقع صحيفة "إيران" الرسمية، قدم أمير عبد اللهيان سردية حول تطورات الاتفاق النووي منذ انسحاب واشنطن منه عام 2018 حتى الآن، قائلا إن "الجمهورية الإسلامية الإيرانية، على الرغم من نكث الغرب الاتفاق النووي، أظهرت مرة أخرى حسن نواياها لتحقيق غاية رفع العقوبات المفروضة بشكل أحادي وغير قانوني"، مشيرًا إلى أن طهران "مستعدة حاليا لحوار مثمر للتوصل إلى اتفاق جيد مع مجموعة 1+4" الشريكة في الاتفاق، والتي تتفاوض مع الوفد الأميركي في فيينا في ظل رفض إيران التفاوض المباشر معه.
وحمّل وزير الخارجية الإيراني، الولايات المتحدة مسؤولية ما آل إليه الاتفاق النووي والوضع الراهن، متهما إياها بأنها "لم تألُ جهدا خلال السنوات الأربع الماضية للقضاء على الاتفاق النووي، لكن إيران وظفت جميع قدراتها للحفاظ على الاتفاق" حسب قوله. 
وفي إشارة إلى الجولات الست الماضية لمفاوضات فيينا، قال إنها "أظهرت لإيران أن الولايات المتحدة ليس لديها فهم صحيح للحقائق"، مؤكدًا أن لا سبيل للعودة إلى الاتفاق النووي من دون رفع العقوبات ضد الشعب الإيراني.
كما أكد الوزير الإيراني "ضرورة تركيز الهدف الرئيسي للمفاوضات على تنفيذ كامل للاتفاق النووي، بهدف إعادة العلاقات التجارية والتعاون الاقتصادي مع الجمهورية الإسلامية إلى حالة طبيعية"، قائلا إنه لتحقيق هذا الهدف "يجب أن تنتفع إيران بالكامل من رفع العقوبات".
وربط أميرعبد اللهيان عودة إيران عن خطوات نووية اتخذتها خلال السنوات الأخيرة لخفض تعهدتها النووية بـ"الحصول على ضمانات وتعويضات وإلغاء مؤثر وقابل للتحقق للعقوبات".
وشدد المسؤول الإيراني على أن "عودة أميركا المحتملة إلى الاتفاق النووي لا تهمنا، إلا إذا قدمت لنا ضمانات بعدم تكرار التجربة المريرة السابقة، وتمكن شركاؤنا الاقتصاديون من خوض تعاملات اقتصادية مستدامة من دون قلق".
وحذر أمير عبد اللهيان من أن نافذة المفاوضات "لن تكون مفتوحة إلى الأبد. على أميركا والدول الأوروبية الثلاث (فرنسا وألمانيا وبريطانيا) فهم ذلك"، قائلا إن بلاده "إلى جانب جهودها الدبلوماسية القوية والنشيطة لإلغاء العقوبات الأميركية الظالمة، تمتلك في الوقت نفسه برنامجا مؤثرا لإحباط مفاعيل العقوبات في ظل برنامج تنموي مستدام للاقتصاد".
وأضاف أن "طهران، بقدر التزامها بعدم انحراف برنامجها النووي السلمي، تتعهد أيضا بالحفاظ على إنجازات علمائها النوويين والصناعة النووية السلمية، وبتحقيق تنمية شاملة على الرغم من العقوبات غير القانونية وغير الإنسانية".
وختم أميرعبد اللهيان مقاله بالقول إن "الاتفاق ممكن وفي المتناول إذا كانت لدى بقية الأطراف أيضا إرادة سياسية"، قائلا إن وفد إيران للمفاوضات يحظى بـ"دعم كامل".
 

المساهمون