عاشت إسطنبول مع بقية المدن التركية ليلة طويلة من الترقب والمتابعة المتواصلة حتى ساعات الفجر بانتظار إعلان الفائز بانتخابات الرئاسة والبرلمان، التي بلغت نسبة المشاركة فيها نحو 90% في انتخابات ينظر إليها باعتبارها استفتاء على بقاء الرئيس رجب طيب أردوغان في الحكم للعقد الثالث، إذ يقود البلد منذ عام 2003 ولم يهزم في أكثر من 10 انتخابات.
وفي نتائج أولية غير رسمية، فقد حصل الرئيس رجب طيب أردوغان على 49.50 بالمائة من الأصوات، مقابل 44.89 بالمائة لصالح مرشح المعارضة كمال كلجدار أوغلو بعد فرز نحو 99.90 بالمائة من أصوات الناخبين، بحسب وسائل إعلام تركية.
وحقق المرشح الرئاسي سنان أوغان نتيجة مفاجئة، إذ حصل على 5.17 بالمائة من أصوات الناخبين، ما صعب الأمر على تحالف المعارضة.
أكد رئيس الهيئة العليا للانتخابات في تركيا أحمد ينار أنه "يمكن البدء في الحملة الانتخابية للجولة الثانية بحسب النتائج الأولية المعلنة"، مؤكدًا إجراء جولة ثانية بين أردوغان وكلجدار أوغلو في 28 مايو/ أيار.
وفي انتخابات البرلمان، حافظ التحالف الجمهوري الحاكم المؤلف من أحزاب العدالة والتنمية والحزب القومي وحزب الرفاه الجديد وحزب الاتحاد الكبير على الأغلبية البرلمانية بعد حصوله على نسبة 49.46 بالمائة بعد فرز 99.87 بالمائة من أصوات الناخبين. ووفق النتائج، فقد حصل تحالف الأمة المكون من (الشعب الجمهوري، الجيد، المستقبل، السعادة، دواء، والديمقراطي) على 35.04 بالمائة.
ورصد مراسل "العربي الجديد" أجواء إسطنبول منذ البدء بفرز أصوات الناخبين وحتى ساعات الفجر الأولى بانتظار إعلان الفائز. وتجمع المئات أمام مقر حملة أردوغان في منطقة الفاتح، وسط إسطنبول، وبدأوا بمتابعة النتائج، حيث نصبت شاشة عرض كبيرة أمام المبنى.
ومع تقدم أردوغان بالنتائج بدأت الجماهير بالاحتفال وإطلاق الألعاب النارية، وسط حالة من الفرح والأهازيج.
وقال أحد المحتفلين وعرف عن نفسه باسم أحمد، في حديث لـ"العربي الجديد"، بالقول إنهم سعداء بالنتيجة في ظل المؤشرات التي كانت تفيد بفوز مؤكد لمرشح المعارضة، وأضاف: "أردوغان أثبت أنه زعيم هذه الأمة الأول".
وغادر هؤلاء المكان مع ساعات الفجر الأولى بعد سماعهم خطاب أردوغان من مقر حزب العدالة والتنمية من العاصمة أنقرة وسط تصفيق وهتافات داعمة لأردوغان. وقال أردوغان من شرفة مقر الحزب موجهاً كلامه لحشد كبير من أنصاره، إنّ تركيا أتمّت عرساً ديمقراطياً جديداً في انتخابات 14 مايو/أيار. وأضاف: "نحن متقدمون بفارق كبير في الانتخابات، رغم أنّ النتائج ليست نهائية بعد".
وأشار إلى تفوق التحالف الجمهوري في الانتخابات البرلمانية، قائلاً: "تحالف الجمهور (يضم 4 أحزاب يقودها حزب العدالة والتنمية) يفوز بأغلبية مقاعد البرلمان وفق نتائج الانتخابات".
وقالت إحدى المناصرات لأردوغان من أمام مقر الحملة الانتخابية لحزب العدالة والتنمية في منطقة الفاتح، لمراسل "العربي الجديد"، إنها متفائلة بعد حصول أردوغان على هذه النسبة، موضحة أنها تعتقد بأن الرئيس قادر على حسم النتيجة في الجولة الثانية.
وفي منطقة بشكتاش، تجمع المئات من أنصار مرشح المعارضة كمال كلجدار أوغلو لمتابعة نتائج الانتخابات، وبدأوا بالاحتفال أيضاً مع إعلان مرشحهم تقدمه بالنتائج رغم أن النتائج المعلنة كانت عكس ذلك.
وقال أحد أنصار كلجدار أوغلو إن النتيجة لم تحسم بعد، وإنهم يقفون إلى جانب مرشح المعارضة حتى الرمق الأخير وإحداث التغيير.
وقال كلجدار أوغلو، الذي يرأس تحالفاً واسعاً من ستة أحزاب معارضة، ليل الأحد - الإثنين، في خطاب: "إذا كانت أمّتنا تريد جولة ثانية، إذاً سننتصر في الجولة الثانية"، مشيراً إلى أنّ "الرغبة في التغيير في المجتمع أكبر من 50 في المائة".
وفي ظهيرة اليوم الإثنين، قام مراسل "العربي الجديد" بجولة في غلطة سراي وفي ميدان تقسيم ومنطقة الفاتح، وسط إسطنبول، ولاحظ وجود مجموعة بسيطة من صور الدعاية الانتخابية بعد انتهاء التصويت في الانتخابات وانقضاء فترة الصمت الانتخابي.
وقالت سيدة تركية، عرفت عن نفسها باسم فاطمة: "ما أتمناه هو الخير لوطني وشعبي، لا أريد أكثر من ذلك"، مضيفة "أنا قلبي مع حزب العدالة والتنمية".
بدوره، قال أحد الشبان: "في الأصل كنت أريد نجاح حزب الشعب الجمهوري، لكن الأصوات لصالح أردوغان، أنا ممتن لهذه النتائج"، مضيفاً "أظن أن أردوغان سيفوز في الجولة الثانية".
إلى ذلك، قال أحد أنصار كلجدار أوغلو: "أنا متشائم، تعرضنا لخيبة أمل، لم أتوقع هذه النتائج القليلة، لأن الحزب الحاكم لم يكن جيداً، نعاني في الدخل اليومي، مشاكل في العدالة والقضاء، أنا كمواطن كنت أظن أن الشعب التركي سيغير خياره، لكن ذلك لم يحدث".
وعن الجولة الثانية، أضاف "إنها صعبة، من المؤكد أن الرئيس سيكمل".