إسرائيل 2015: "الفرص" والتحدّيات والتغييرات الداخلية

13 يناير 2015
تتعدد المخاطر التي تواجه الحكومة الإسرائيلية (مارتن بورو/فرانس برس)
+ الخط -
أسهب عدد من المحللين العسكريين والسياسيين في إسرائيل، منذ أواخر الشهر الماضي، في تحديد ملامح العام الجديد وما يحمله لإسرائيل من تحديات وأخطار. وكرر معظمهم اللازمة نفسها، التي تحذّر من مخاطر تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وما أسموه بـ"الإسلام الأصولي"، و"تواصل الخطر الإيراني". ودعوا إلى تمكين جيش الاحتلال من إدراك الواقع الجديد، لتغيير خططه القتالية، خصوصاً في مواجهة أخطار "الجبهة الشمالية".

وقد انضم داني ياتوم رئيس الموساد السابق (لفترة 1996- 1998)، ورئيس الطاقم الأمني والسياسي سابقاً في ديوان رئيس الوزراء السابق، إيهود باراك، إلى المحللين، ورأى، خلافاً لهم، أن "هناك فرصاً كبيرة لإسرائيل في مواجهة تحدياتها العسكرية والأمنية والسياسية، على الرغم من أن العام الجديد يحمل في طياته بذور تغيير شامل في عدد المناصب الرئيسية للدولة، بدءاً من تغيير رئيس الأركان العامة للجيش، بعد اختيار جادي أيزنكوت خلفا لبيني غانتس، مروراً بالتغيير المنتظر للمفتش العام للشرطة، وانتهاء بتغيير رئيس الموساد الحالي، تامير باردو، الذي تنتهي ولايته أواخر العام الحالي، إضافة إلى تشكيل حكومة جديدة بعد انتخابات الكنيست في 17 مارس/آذار المقبل".

ويستعرض ياتوم أبرز التحديات التي تواجه إسرائيل، ويلخّصها في "مهمة بناء الجيش الإسرائيلي وملاءمته من جديد للأخطار الآنية التي لن تختفي، مثل حراسة حدود الدولة، ومكافحة الإرهاب الذي يلفّ إسرائيل من مختلف الجهات، وتعزيز الجبهة الداخلية، تحسباً واستعداداً لاندلاع مواجهة آتية تسقط فيها مئات الصواريخ داخل العمق الإسرائيلي". ويرى أن "أحد أكبر الأخطار، هو احتمال تمدد داعش وتمكّن التنظيم، الذي بات يسيطر على أجزاء واسعة من سورية والعراق، من السيطرة على المملكة الأردنية الهاشمية، ليُصبح على حدودنا".

ومن بين الخطوات الأولى التي يطالب بها ياتوم، "استخلاص العبر من الأخطاء السياسية والأمنية التي وقعت فيها إسرائيل في العدوان الأخير على غزة، بعد أن فشل المستوى السياسي في تحديد أهدافه الاستراتيجية، وانجرّ في واقع الحال وراء الجيش وتوصياته، مما أطال أمد الحرب لتبلغ 50 يوماً".

وتتطلّب الاستراتيجية الجديدة، التي يدعو إليها أن "يوفّر الجيش القدرة على كشف الأنفاق الهجومية، وتطوير قدرات قتالية داخلها للسيطرة على الجزء المطلوب منها، تمهيداً لتفجيرها ومنع وصول المقاومين على حين غرة إلى داخل إسرائيل". وأضاف "ينطبق ذلك على إيجاد حل لسلاح قذائف الهاون قصيرة المدى، عبر نشر الجنود في نقاط تجميعهم خارج نطاق هذه القذائف وتطوير وسائل تكنولوجية لمواجهتها".

إلى ذلك، يقرّ ياتوم بأنه "ثبتت إشكالية العقيدة الإسرائيلية القاضية بإمكانية ضرب المنظمات فقط عبر القصف الجوي، وبالتالي فإن العبرة تقضي باستهداف قادة المنظمات أنفسهم، ودمج القصف الجوي في عمليات برية محدودة، مع ضرب البنى التحتية المدنية الأساسية والمهمة بشكل كبير".

ولعلّ أهم ما يتناوله ياتوم، هو تطرّقه للملف الإيراني، إذ يعتبر الرئيس السابق للموساد، أن "إيران ستواصل سباقها نحو تطوير سلاح ذري"، لكنه يعتبر ذلك "فرصة مهمة، وأن على إسرائيل اغتنامها وتوظيفها لتطوير المعارضة العربية في الخليج للمشروع الإيراني، للوصول إلى تكوين شبكة من المصالح المشتركة بينها وبين إسرائيل".

ويرى أن "خريطة الشرق الأوسط للعام 2015، ستشهد تغييراً ملموساً ومهماً مع تبلور مصالح متشابهة لدول عربية، مثل السعودية ومصر ودول الخليج والأردن والسلطة الفلسطينية، وإسرائيل". ولفت إلى "كل شيء يبدأ من معارضة الجميع تحوّل إيران إلى دولة نووية، واعتبارها الإرهاب خطرا يجب مواجهته، وبالتالي على إسرائيل المسارعة إلى استغلال ذلك لمصلحتها، والدعوة إلى عقد مؤتمر إقليمي بمشاركة الدول المذكورة، إلى جانب الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي، لاستئناف العملية السلمية، عبر إضافة مفاوضات إقليمية إلى جانب المفاوضات الثنائية بين إسرائيل والفلسطينيين، مع بحث مسألة إعادة إعمار غزة".

وكغيره من المحللين والمراقبين، يجزم ياتوم بأنه "من دون مبادرة سياسية، سيتواصل تراجع وتدهور وضع إسرائيل دولياً، ويتفاقم التوتر السائد في علاقاتها مع دول عربية معتدلة، كما أن استخدام الفيتو الأميركي لن يكون مفروغاً منه وتلقائياً".

ويولي ياتوم أهمية بالغة لاستعادة العلاقات الأردنية والمصرية مع إسرائيل إلى سابق عهدها، انطلاقاً من أن "الاتفاقيات المبرمة معهما لها دلالات استراتيجية مهمة، يُستحسن الحفاظ عليها وبذل كل جهد لتسخين العلاقات معهما".

وعلى الرغم من اللهجة التي يتبعها ياتوم في توزيع نصائحه، إلا أنه عند تطرقه إلى ملف القدس المحتلة، يبيّن "واجب وضرورة تعزيز حضور الاحتلال بكل مؤسساته، بدءاً من البلدية وانتهاء بالشرطة والشاباك والجيش، لضبط الأوضاع فيها، بما في ذلك منع الإسرائيليين من تكرار زياراتهم الاستفزازية إلى المسجد الأقصى، من جهة، مع وضع عراقيل مادية، كالحواجز الإسمنتية ونقاط التفتيش عند بوابات ومشارف الأحياء اليهودية لضبط حركة الفلسطينيين المقدسيين، إليها ومنها إلى باقي أنحاء إسرائيل".

وينهي ياتوم رصده لفرص العام 2015 وتحدياته، بالدعوة أيضاً إلى "تحسين العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة، مع تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة، كأمر يجب أن يتصدّر أولوياتها، لاعتبار العلاقات الإسرائيلية- الأميركية، الحجر الأساس في القوة الاستراتيجية لإسرائيل ومصدر قوة الردع التابعة لها".