الاحتلال الإسرائيلي يقرر بناء مشروع استيطاني جديد لعزل القدس عن محيطها الفلسطيني

15 نوفمبر 2020
قد تكون الخطوة بمثابة اختبار للعلاقات مع الإدارة المقبلة لبايدن (توماس كويكس/فرانس برس)
+ الخط -

استباقاً لزيارة من المقرر أن يقوم بها وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو لدولة الاحتلال الإسرائيلي وإعلانه نيته زيارة مستوطنة بسغوت المقامة على أراضي الفلسطينيين في محافظة رام الله والبيرة وسط الضفة الغربية، أعلنت وزارة الإسكان الإسرائيلية، اليوم الأحد، اعتزامها الشروع ببناء أكثر من 1200 وحدة استيطانية جنوب القدس المحتلة على أراض تتبع لخربة طباليا من أراضي بلدتي بيت صفافا وبيت جالا في محافظتي القدس وبيت لحم، وهو ما قوبل برفض الفلسطينيين، الذين حذروا من خطورته في سياق تسريع العمل بالمشروع الاستيطاني.
وعلى الرغم من أن زيارة بومبيو لمستوطنات في الضفة الغربية قد وصفت بأنها رسالة دعم لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يواجه محاكمة بالفساد، ومحاولة منه لتجنيد اليمين الاستيطاني لصالح نتنياهو، قال خليل تفكجي الخبير المختص في شؤون الاستيطان، لـ"العربي الجديد"، إن الإعلان الإسرائيلي الجديد بخصوص بناء 1200 وحدة استيطانية هو محاولة من الحكومة الإسرائيلية لتسريع العمل بهذا المشروع الاستيطاني الذي تعطل أكثر من مرة بسبب مشكلات تتعلق بملكية جزء من الأراضي التي ستقام عليها مستوطنة "جفعات همتوس" للكنيسة اللوثرية في القدس، حيث مارست الحكومة الألمانية ضغوطاً على حكومة الاحتلال لمنع البناء في تلك الأراضي.
وفي هذا السياق، لفت تفكجي إلى أن إعلان المناقصة اليوم الأحد، يتم للمرة الثالثة، حيث كانت آخر مرة أعلن عنها قبل ستة أشهر، بيد أن أحدا ًمن المقاولين لم يتعاط معها، وبالتالي كان يتم تأجيلها.
وفي تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، أكد تفكجي أن المخطط الاستيطاني المسمى "جفعات همتوس" يشكل حلقة في سلسلة مستوطنات مشروع القدس عام 2020 الرامي إلى عزل القدس بالكامل عن محيطها الفلسطيني، حيث ستقام على 950 دونماً من أراضي خربة طباليا المقسمة بين أراضي أملاك غائبين وأخرى لمواطنين وثالثة أميرية.

الاحتلال وتهويد القدس
ووفقاً لتفكجي، فإن إقامة مستوطنة "جفعات همتوس" تهدف إلى إقامة بيت لحم يهودية من خلال ربط مستوطنة "جيلو" و"جبل ابو غنيم" وإقامة نحو تسعة فنادق لإحكام إغلاق المدينة المقدسة بالكامل من الجهة الجنوبية وعزل صور باهر وبيت صفافا والشرفات بالكامل عن بيت ساحور وبيت لحم.
بدوره، أكد القيادي في حركة "فتح"، حاتم عبد القادر، في حديث لـ"العربي الجديد"، تعليقاً على نشر مناقصات لبناء الوحدات الاستيطانية الجديدة جنوب القدس، أن الاحتلال يواصل سياسة تهويد القدس والاستيلاء على ما تبقى من أراضيها.
ولفت إلى أن "ما نشهده هذه الأيام يمثل ذروة التصعيد الإسرائيلي في القدس المحتلة ومحاولة طمس الوجود الفلسطيني فيها"، منتقداً الدول العربية التي سارعت إلى التطبيع مع دولة الاحتلال، بل تجاوز بعضها الخطوط الحمراء فلسطينياً وعربياً وحتى عالمياً بالبدء بالاستثمار في المستوطنات المقامة على أراضي المواطنين الفلسطينيين.
وكانت الحكومة الإسرائيلية قامت مطلع تسعينيات القرن الماضي، بتوطين نحو مائتين من اليهود الإثيوبيين على الأراضي التي ستبنى عليها المستوطنة وقامت بإسكانهم في كرفانات حيث ما زالوا يقيمون هناك.
وكانت الحكومة الإسرائيلية قد صادقت بصورة نهائية على بناء 2561 وحدة سكنية جديدة في هذه المستوطنة، ومنذ ذلك الوقت وهي تطرح مناقصات البناء للشروع بتنفيذ مخطط إقامة المستوطنة المذكورة بيد أن العقبات التي أشير إليها سابقاً كانت تحول دون ذلك.

كانتون مغلق
ورأى تفكجي، أن هذا المشروع الاستيطاني عدا عزله القدس عن مدن الجنوب بيت لحم، بيت جالا، وبيت ساحور، فإنه سيحول بلدة صفافا إلى كانتون مغلق، وذات الأمر في شمال القدس حيث حول الاحتلال بلدة شعفاط إلى كانتون.
يذكر أن أكثر من 200 ألف مستوطن يقطنون في المستوطنات التي أقامتها سلطات الاحتلال في القدس الشرقية إلى جانب حوالي 350 ألف فلسطيني يحملون بطاقة "مقيم مقدسي" حسب تعريف وزارة داخلية الاحتلال لهم، حيث لا تعترف بهم كمقيمين.

 

هدم منازل المقدسيين
وبينما يتكثف البناء الاستيطاني في معظم أنحاء القدس الشرقية حيث تبنى مستوطنات جديدة، ويتم توسيع القائم منها، تصعد بلدية الاحتلال في القدس من هدم منازل المقدسيين وتمنعهم من البناء متذرعة بقوانين بناء لا تطبق إلا على المقدسيين بينما تعطي حوافز كثيرة للبناء الاستيطاني وتساهم بصورة مباشرة في بناء أحياء استيطانية جديدة.
ووفقاً لمعطيات مركز معلومات واد حلوة المختص بالشأن المقدسي، فقد هدمت بلدية الاحتلال في القدس منذ مطلع هذا العام وحتى اليوم أكثر من 170 منزلاً ومنشأة، جزء كبير منها هدم بأيدي أصحابه بناء على أوامر تصدرها بلدية الاحتلال في القدس المحتلة.
وبينما يتهدد الهدم أكثر من 25 ألف منزل فلسطيني في القدس المحتلة حسب معطيات بلدية الاحتلال في القدس، فإن مخططات الاحتلال حتى العام 2030 تقضي ببناء أكثر من 58 ألف وحدة استيطانية، وفق مدير دائرة الخرائط في بيت الشرق والخبير المختص في شؤون الاستيطان، خليل تفكجي.

 

قتل حل الدولتين
من جانبه دان المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، في تصريحات صحافية، اليوم الأحد، المشروع الاستيطاني وقال أبو ردينة، إن هذا القرار  هو استمرار لمحاولات حكومة الاحتلال قتل حل الدولتين المدعوم دولياً، والتنكر لكل قرارات الشرعية الدولية التي أكدت مراراً أن الاستيطان جميعه غير شرعي.
وأضاف أن "استمرار حكومة الاحتلال طرح العطاءات أو إقامة وحدات جديدة لن يغير من حقيقة أن كل الاستيطان إلى زوال، وأن هذه المستوطنات غير شرعية ومخالفة لكل القرارات والقوانين الدولية".

أبو ردينة: القرار  هو استمرار لمحاولات حكومة الاحتلال قتل حل الدولتين المدعوم دولياً، والتنكر لكل قرارات الشرعية الدولية

في السياق ذاته، قال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة: إن إعلان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو عزمه زيارة مستوطنات في الضفة الغربية، خطوة استفزازية للشعب الفلسطيني وقيادته، وهي سابقة خطيرة تؤكد تحدي هذه الإدارة لقرارات الشرعية الدولية، وفي مقدمتها القرار رقم 2334 الذي دان الاستيطان بموافقة الإدارة الاميركية السابقة.
وتابع: "تحاول إسرائيل الاستفادة من الدعم اللامحدود من قبل الإدارة الأميركية الحالية التي قدمت لها كل دعم ممكن من أجل التوسع الاستيطاني والاستيلاء على مزيد من الأراضي الفلسطينية".
وقال أبو ردينة: إن هذا الإعلان يعني أن هذه الإدارة الأميركية أصبحت شريكاً أساسياً في احتلال الأراضي الفلسطينية، مؤكداً أنه لا يمكن لهذه الزيارة أو أي دعم أميركي للاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية أن يعطيه شرعية أو يغير من حقيقة أنه إلى زوال".

بدورها، أكدت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية في بيان صحافي، مساء اليوم الأحد، "أن الاحتلال الإسرائيلي بإعلانه الاستيطاني الأخير، يهدف إلى تدمير حل الدولتين"، 
وقالت الوزارة، إنه من الواضح تماماً أن دولة الاحتلال تسابق الزمن في استغلال الفترة الانتقالية المتبقية من إدارة الرئيس دونالد ترامب لتنفيذ مشاريعها الاستعمارية التوسعية، والتي من شأنها تقويض فرص تحقيق السلام على أساس مرجعيات السلام الدولية، وفي مقدمتها مبدأ حل الدولتين.
وبينت الوزارة أن هذه القرارات وما سبقها من قرارات تؤكد أن دولة الاحتلال لم تتوقف لحظة واحدة عن سياسة الضم والاستيطان ونقل المستوطنين وإحلالهم على الأرض الفلسطينية، وأنها ماضية في سياستها القديمة الجديدة بزحف متواصل وتآكل متكامل للأرض الفلسطينية المخصصة لدولة فلسطين.