إسرائيل تطور "قبة سيبرانية" لمواجهة هجمات إيران المعلوماتية

03 مايو 2024
من المؤتمر الدولي الرابع حول الأمن الداخلي والسايبر في تل أبيب، 15 نوفمبر 2016 (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- حرب سيبرانية "صامتة" تدور بين إسرائيل وإيران، تتبادلان فيها الضربات الإلكترونية على أهداف حكومية وعسكرية ومدنية، بما في ذلك النظم المعلوماتية لمستشفيات إسرائيلية، دون إعلان رسمي عن تبنيها.
- إيران تستثمر بقوة في الحرب السيبرانية رداً على هجمات استهدفت برنامجها النووي وحركات الاحتجاج، بدعم من حلفائها الروس والصينيين، مما يشكل مصدر قلق لإسرائيل.
- إسرائيل تطور "قبة سيبرانية" لرصد ومواجهة الهجمات السيبرانية بكفاءة، معتمدة على التعاون بين الجهات الحكومية، الأمنية، الخاصة، والأكاديمية، وتؤكد على أهمية الشراكة الدولية في مواجهة التحديات السيبرانية.

في حين يبدو خطر التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران مستبعداً في الوقت الراهن، تدور حرب "صامتة" بين تل أبيب وطهران في الفضاء السيبراني، حيث تسعى الدولة العبرية إلى إحباط الهجمات الإيرانية. وتدور معركة بالوكالة بين إسرائيل وإيران في الفضاء السيبراني، إذ لا تتبنيان الهجمات، وإن كان من المعلوم في الحرب بالضرورة أن أسماء المجموعات التي تعلن عن استهداف جهات مدنية وعسكرية تابعة بشكل أو آخر لمؤسسات فاعلة.

بين إسرائيل وإيران العدوتين "حرب صامتة بعيدة عن الأنظار"، على حدّ قول أفيرام أتزابا، المسؤول عن التعاون الدولي في المديرية الوطنية الإسرائيلية للأمن السيبراني. وتُعنى هذه الهيئة الواقعة في حيّ راقٍ في شمال تل أبيب والخاضعة لسلطة رئيس الوزراء، بالدفاع عن أنظمة المعلوماتية في القطاع المدني الإسرائيلي، بحسب أتزابا.

ومنذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الفائت، لوحظ ارتفاع شديد في الهجمات المتأتية من إيران ومن حركات متحالفة معها في المنطقة، بحسب ما قال أفيرام أتزابا في تصريحات لوكالة فرانس برس، خصوصاً حزب الله اللبناني وحركة حماس، مضيفاً: "يحاولون قرصنة كلّ ما في وسعهم قرصنته، من دون أن يتمكنوا من إلحاق أضرار فعلاً".

وكشف المسؤول عن إحباط 800 هجوم واسع منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الفائت. واستهدفت تلك الهجمات، في جملة أهدافها، منظمات حكومية والجيش الإسرائيلي ومنشآت مدنية. وتعرّضت الأنظمة المعلوماتية في مستشفيين إسرائيليين في حيفا وصفد في الشمال للقرصنة وعُمّمت بيانات شخصية لمرضى.

تحليلات
التحديثات الحية

"مصدر قلق للمستقبل"

أتت استثمارات إيران في المجال "السيبراني" متأخّرة نسبياً ومدفوعة بحدثين رئيسيين، بحسب ما أوضح البروفسور تشاك فرايليش، الباحث في المعهد الإسرائيلي لدراسات الأمن القومي، في دراسته التي صدرت في فبراير/ شباط الفائت تحت عنوان "التهديد السيبراني الإيراني".

فخلال الاحتجاجات على نتائج الانتخابات الرئاسية سنة 2009 في إيران، تحوّلت شبكة الإنترنت إلى وسيلة لحشد الصفوف وتعظيم الأثر. وقمعت السلطات هذه الحركة الاحتجاجية بالرصاص الحيّ في الشارع وقطعت أيضاً النفاذ إلى شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع التي ساهمت في اتّساع رقعة التظاهرات.

وفي سبتمبر/ أيلول 2010، تعرّض البرنامج النووي الإيراني لهجوم سيبراني متطوّر جدّاً بواسطة فيروس "Stuxnet" نسبته طهران إلى إسرائيل والولايات المتحدة، ما تسبب بسلسلة من الأعطال في أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم.

ومذاك، طوّرت إيران استراتيجية سيبرانية فعلية وصقلت مهاراتها في هذا المجال، "فباتت من أكثر الدول نشاطاً في هذا الميدان"، بحسب ما قال البروفسور فرايليش لوكالة فرانس برس، معتبراً أن "هجماتها تهدف إلى تقويض منشآت وتدميرها، فضلاً عن جمع بيانات للاستخبارات وتداول معلومات خاطئة لأغراض دعائية". مؤكّدا أن إيران فعالة جداً في التضليل الإعلامي.

وفي المقابل، تعدّ إسرائيل "قوّة سيبرانية" كبيرة نسبت إليها هجمات قويّة عدّة على أهداف إيرانية، مثل العطل المعلوماتي الذي شلّ فجأة العمل في مرفأ بندر عباس سنة 2020. غير أنّ إسرائيل تواجه "عدوّاً مرهوب الجانب" سيواصل تعزيز قدراته، خصوصاً بفضل الدعم الروسي والصيني، بحسب فرايليش.

ولفت الباحث إلى أن سكّان إيران هم أكثر عدداً بتسع مرّات من سكّان إسرائيل، وتسعى طهران إلى أن يتخصّص المزيد من الطلاب في التكنولوجيا السيبرانية وأن يتدرّب عدد أكبر من العسكريين الشباب على استراتيجيات الحرب السيبرانية، الأمر الذي يشكّل "مصدر قلق للمستقبل".

"قبة سيبرانية"

غير أن أفيرام أتزابا رأى من جانبه أن النوعية أهمّ من الكمّية بالنسبة إلى قراصنة المعلوماتية، فضلاً عن سبل استخدام التكنولوجيا. وقال "نطوّر منذ سنتين قبة سيبرانية للتصدّي للهجمات المعلوماتية تعمل مثل القبّة الحديدية في وجه الصواريخ"، مستعرضاً نظاماً دفاعياً "استباقياً" قادراً على جمع معلومات مشتّتة لإعطاء لمحة عامة عن التهديد ومواجهته بطريقة منسّقة وشاملة.

وكشف أتزابا أن "أجهزة مسح ضوئي تحلّل على مدار الساعة المجال السيبراني الإسرائيلي لرصد مكامن الهشاشة وإبلاغ الجهات الفاعلة في الدفاع السيبراني بسبل الحدّ منها باستمرار"، مشيراً إلى أن "بعض وظائف القبة السيبرانية هي قيد التشغيل".

ورأى أفيرام أتزابا أن قوّة إسرائيل تكمن في التعاون القائم بين الجهات المختلفة، من مؤسسات حكومية وأمنية وشركات خاصة ومجموعات تكنولوجيا وأمن تكنولوجي، وجامعات ومعاهد بحثية، فضلاً عن بعض قراصنة المعلوماتية الإسرائيليين.

وأكد "نعمل يداً بيد"، مضيفاً "نتعاون أيضاً عن كثب مع بلدان عدّة"، في مقدّمتها الولايات المتحدة وفرنسا، "إذ إنّ كلّ الدول تواجه خطر الإرهاب السيبراني". وختم قائلاً: "لا بدّ من إقامة شبكة لمواجهة شبكة أخرى".

(فرانس برس)