أوقفت إدارة الرئيس الأميركي الجديد، جو بايدن، يوم السبت، طلب حصانة قدمته الحكومة المصرية (سابقاً) بخصوص رئيس الوزراء السابق، حازم الببلاوي، عبر سفارتها في واشنطن، بشأن تمتع الأخير بحصانة شخصية إزاء الدعوى المقامة ضده من الناشط الحقوقي محمد سلطان، ليس فقط بحكم وضعه الدبلوماسي الحالي، ولكن أيضاً بسبب منصبه الرسمي.
وبحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، فإن وقف طلب الحصانة جاء عقب تغير الإدارة الأميركية، ولن يُعاد النظر فيه إلا بعد 26 فبراير/ شباط المقبل، مع استقرار الأمور الأساسية لإدارة الرئيس بايدن، مشيرة إلى طلب السفارة المصرية في واشنطن عدم تدخل الخارجية الأميركية في القضية التي رفعها سلطان ضد الببلاوي، في 10 يوليو/ تموز الماضي.
وأشارت الصحيفة إلى تحذير السفارة المصرية بشأن تضرر "العلاقة الاستراتيجية" بين الولايات المتحدة ومصر جراء الدعوى، مستطردة بأن "القرار جاء بعد مزاعم عن حملة ضغوط دبلوماسية شنتها حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي لعرقلة الدعوى المرفوعة ضد الببلاوي من الناشط الأميركي من أصل مصري".
واتهم عدد من المشرعين الأميركيين وجماعات حقوق الإنسان القاهرة بابتزاز إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، عبر التهديد بإضعاف الشراكة الاستراتيجية في الشرق الأوسط، ما لم تتدخل واشنطن لرفض دعوى قضائية من سلطان (32 عاماً).
ويعمل الببلاوي في المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي، منذ الثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني 2014، وبموجب الاتفاقية الدبلوماسية يتمتع بـ"حصانة كاملة" من الإجراءات الجنائية والمدنية والإدارية في الولايات المتحدة.
واتهم سلطان رئيس وزراء مصر الأسبق بتعذيبه، قائلًا: "من غير المعقول أن أرى حكومتي تحاول التدخل نيابة عن جلادي بدلاً من حماية مواطنها... لقد عرضوا عائلتي وأقاربي للأذى بشكلٍ كبير، هذا لم ينتهِ بعد... نعلم من البداية أنها معركة طويلة، وضربة كهذه لن تمنعنا من السعي لتحقيق العدالة".
بينما استشهد محامي سلطان بقانون حماية ضحايا التعذيب الأميركي، وهو قانون عام 1991، الذي يسمح بدعاوى ضد المسؤولين عن التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية التي تقع في أي مكان في العالم، إذا كان المتهمون في الولايات المتحدة، ولم يبقوا في مناصب رئاسية أو حكومية.
واعتقل سلطان في أعقاب الانقلاب العسكري على مرسي في عام 2013، واضطر إلى الإضراب عن الطعام لمدة 495 يوماً احتجاجاً على تردي أوضاع احتجازه، حتى أفرجت عنه السلطات المصرية استجابة لضغوط خارجية، على أثر تنازله عن الجنسية المصرية في استجابة منه لطلب الحكومة الأميركية، ومن ثم ترحيله إلى الولايات المتحدة.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي أطلقت السلطات المصرية سراح أولاد أعمام سلطان الخمسة بعد 144 يوماً من الاعتقال التعسفي، على خلفية القضية التي رفعها ضد الببلاوي، وذلك فور إعلان وسائل إعلام أميركية فوز بايدن في الانتخابات الرئاسية.
واعتقلت أجهزة الأمن المصرية خمسة من أقارب سلطان في محافظتي الإسكندرية والمنوفية، بعد أن رفع الأخير دعوى قضائية ضد الببلاوي، يتهمه فيها بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، خلال أحداث فض اعتصامي "رابعة العدوية" و"نهضة مصر" السلميين لأنصار الرئيس الراحل محمد مرسي في أعقاب انقلاب عام 2013.
ووفق إفادة قدمها سلطان إلى محكمة أميركية، فإن قوات الأمن المصرية داهمت منازل أقاربه في 15 يونيو/ حزيران الماضي، واعتقلت خمسة من أبناء أعمامه تتراوح أعمارهم بين 20 و24 عاماً، وأخفتهم قسرياً لفترة رداً على الدعوى القضائية، التي رفعها في محكمة أميركية بموجب قانون حماية ضحايا التعذيب، ضد الببلاوي الذي أشرف على تنفيذ مجزرة "رابعة العدوية"، وتعذيبه داخل السجن خلال فترة احتجازه.
وكان بايدن قد طالب السلطات المصرية في يوليو/ تموز الماضي بالإفراج الفوري عن أقارب سلطان، قائلاً إن "عهد الشيكات على بياض لديكتاتور ترامب المفضل (في إشارة إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي) قد انتهى". ويوم الخميس الماضي، أخلت المحاكم المصرية سبيل قرابة 600 شخص من المعتقلين على ذمة قضايا سياسية تحسباً لفوز المرشح الديمقراطي بمنصب رئيس الولايات المتحدة.
تجدر الإشارة إلى موافقة مجلس النواب المصري على قانون يهدف إلى تحصين قادة انقلاب الثالث من يوليو/ تموز 2013 قضائياً، من مسؤولية الجرائم التي ارتكبت بحق المعتصمين السلميين في وقائع العنف الدامية التي أعقبت إطاحة مرسي، فضلاً عن منع توجيه اتهام دولي من قبل أي هيئة قضائية أجنبية أو دولية ضدهم، وتمتعهم بحصانة دبلوماسية أثناء وجودهم خارج البلاد.