إجراءات قانونية لضبط تجاوزات أفراد الشرطة.. هل تسعى السلطات الجزائرية لتحسين صورة المؤسسة الأمنية؟
تشهد الجزائر في الآونة الأخيرة سلسلة توقيفات وملاحقات قضائية لعدد من أفراد الشرطة، تجري مساءلتهم بشأن تجاوزات ارتكبوها في حق مواطنين خلال تنفيذ القانون.
وأعلنت نيابة الجمهورية بمحكمة الدبيلة، التابعة لمجلس قضاء ولاية الوادي جنوبي الجزائر، إيداع ثلاثة من أعوان الأمن رهن السجن تمهيداً لمحاكمتهم بتهمة القتل الخطأ، وعدم تقديم العون لشخص في حالة خطر، بعد حادث دهس غير متعمد من سيارة تابعة لمصالح الأمن لسائق دراجة قبل يومين في مدخل مدينة طالب العربي الحدودية بين الجزائر وتونس، ما خلّف حالة من التوتر والغضب لدى سكان المدينة، الذي تجمع عدد منهم واعتدوا على مقر الأمن.
وأفاد القضاء الجزائري، في بيان، بأنه وتبعاً "لوقوع حادث مرور جسماني بمدخل مدينة الطالب العربي أدى إلى وفاة شخص كان على متن دراجة نارية وإصابة مرافقه، وأشتبه في أن سيارة المصلحة التابعة لأمن الدائرة هي المتسببة في الحادث، أمر وكيل الجمهورية بفتح تحقيق حول وقائع الحادث، فقدم سائق سيارة مصلحة الأمن واثنين من مرافقيه أمام النيابة".
وأعلن القضاء أن المتهمين استجوبوا من طرف قاضي التحقيق، ووجهت إلى أفراد الشرطة الثلاثة تهم "القتل الخطأ، والجرح الخطأ، والفرار من المسؤولية المدنية والجزائية وعدم تقديم المساعدة لشخص في خطر"، وصدر في حقهم أمر بإلايداع رهن الحبس المؤقت.
وهذه هي المرة الثانية في ظرف أسبوع، والثالثة في أقل من شهر، تعلن فيها السلطات الجزائرية عن ملاحقة أفراد شرطة بسبب ارتكابهم تجاوزات، إذ كان القضاء الجزائري قد أعلن، الأحد الماضي، عن بدء التحقيق مع أمنيين في فرقة مكافحة المخدرات، في منطقة تبسة شرقي الجزائر، لكشف ملابسات وفاة شاب تعرض للتعنيف على يد رجال شرطة، خلال مداهمة منزله بحثاً عن المخدرات لدى شقيقه، وتعهدت السلطات باتخاذ "كل الإجراءات القانونية في ضوء نتائج التحقيق في وفاة الشاب جباري هيثم، في 20 يوليو/تموز الجاري، حتى تبيان ظروف الوفاة، بعد تشريح الجثة لتحديد الأسباب الحقيقية، حيث كان الضحية قد أكد قبيل وفاته أنه تعرض للضرب العنيف بالقوّة المفرطة على يد ثلاثة من أفراد الشرطة بالإضافة إلى صعق كهربائي متواصل".
ويعتقد مراقبون أن الردع القضائي لكل سلوك غير قانوني يصدر عن الأمنيين، وتعمد السلطات الجزائرية الاعلان عنها للرأي العام، هما سياسة تسعى لصرامة قانونية في محاولة للحفاظ على صورة المؤسسة الأمنية، ومنعاً لاستغلالها من قبل بعض الناشطين، خاصة المتواجدين في الخارج، ممن ينتقدون بشكل متكرر الأجهزة الأمنية.
وخلال شهر يونيو/حزيران الماضي، وجه القضاء الجزائري إلى ثلاثة من عناصر الأمن في منطقة وهران غربي البلاد، تهم محاولة طمس وتغيير الوقائع، بهدف إخفاء مسؤوليتهم عن وفاة شاب خلال توقيفه بمركز أمني، وأصدرت محكمة جنايات وهران حكما بالسجن سبع سنوات نافذة في حقّهم، بتهم "الاحتجاز التعسفي خارج القانون في الأماكن المخصّصة لحجز الأشخاص الذين يُلقى القبض عليهم، من دون إطلاع السلطة المختصة" (النيابة العمومية)، وكذا "محاولة طمس آثار الجريمة من خلال إجراء تغييرات في مكان الواقعة بهدف عرقلة سير العدالة، والإهمال المؤدّي إلى الوفاة، والتهرّب من المسؤولية المدنية والجزائية عن طريق إدخال تغيير على المكان".
وفي شهر مارس/آذار الماضي، كانت مصالح الأمن قد فتحت أيضاً تحقيقات في حق أمنيين، بعد تسريب فيديوهات نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، لأعوان الأمن، تتضمن تعرية وضرب عدد من الموقوفين داخل مركز للأمن في منطقة عنابة شرقي الجزائر، بعدما تم توقيفهم من قبل قوات الأمن، في أعقاب هجوم عنيف لمجموعات من عصابات الأحياء على مركز أمني بقصد تحرير "مجرم" أوقفته الشرطة.