إبطال نيابتين في لبنان: حزب الله يستعيد حليفه في طرابلس

24 نوفمبر 2022
كرامي أحد أبرز حلفاء "حزب الله" في الشمال(حسين بيضون)
+ الخط -

برز على الساحة اللبنانية، اليوم الخميس، "حدث نيابيّ" تمثّل بإبطال المجلس الدستوري نيابتَيْ رامي فنج وفراس السلوم وإعلانه فوز فيصل كرامي وحيدر آصف ناصر في طرابلس، دائرة الشمال الثانية، وذلك في معرض البتّ بالطعون الانتخابية التي بلغ مجموعها 15 طعناً.

وتمكّن كرامي أحد أبرز حلفاء "حزب الله" في الشمال من انتزاع مقعد الطائفة السنية في طرابلس من فنج الذي خاض انتخابات مايو/أيار 2022 على لائحة "انتفض.. للسيادة للعدالة"، وانضم لاحقاً إلى تكتل "التغييريين"، وقد عُرِف إبان "انتفاضة 17 تشرين" بطبيب الفقراء، وكان تعرض للتوقيف واستدعي للتحقيق لتوزيعه الطعام في ساحة النور.

كرامي هو نجل رئيس الوزراء الراحل عمر كرامي، وحفيد رجل الاستقلال عبد الحميد كرامي، وعمّه الرئيس المغتال رشيد كرامي، عين وزيراً في حكومة نجيب ميقاتي عام 2011، من حصة "حزب الله"، كما شكل ما يعرف باللقاء التشاوري، بعد فوزه بانتخابات عام 2018، وهو يضم نوابا من الطائفة السنية المعارضين لـ"تيار المستقبل" الذي يرأسه سعد الحريري، والذي قرر الاعتكاف بانتخابات 2022.

في المقابل، فاز حيدر آصف ناصر الذي ترشح على لائحة فنج الانتخابية عن المقعد العلوي في طرابلس، في حين أبطلت نيابة فراس السلوم، الذي خاض الانتخابات مع لائحة "التغيير الحقيقي"، ووُضِع في خانة قوى المجتمع المدني، قبل أن يظهر عند فوزه أنه من خطّ "الممانعة" ويؤكد بدوره أن هذا هو نهجه، ومن ثم ينخرط برلمانياً مع كتلة "تيار المردة" (يرأسها سليمان فرنجية حليف حزب الله والمرشح لرئاسة الجمهورية).

ويحمل هذا التطور معاني سياسية عدّة، أبرزها تصبّ في صالح "حزب الله" الذي دائماً ما يسعى لتوسيع شبكة حلفائه خصوصاً في الطائفة السنية وعلى مستوى طرابلس، وفق ما يقول الكاتب السياسي صهيب جوهر لـ"العربي الجديد"، ويلفت إلى أن "قبول الطعن، يعني أن فريق ما يعرف بـ8 آذار وحلفاءه تمكنوا من ضمّ نائب جديد إلى صفوفهم، هو كرامي، إضافة إلى كسب المقعد العلوي، ما سيرتد ايجاباً عند فتح بازار رئاسة الجمهورية".

من ناحية ثانية، يقول جوهر إن فيصل كرامي مقرب جداً وملتصق بالنظام السوري وحزب الله وذلك بدرجات كبيرة حتى عن والده عمر كرامي، وعززه حزب الله وزارياً، كذلك، هناك علاقة تاريخية تجمع كرامي بـ"آل فرنيجة" الأمر الذي سيترجم بالسياسة والرئاسة في حال مضى "حزب الله" بترشيح سليمان فرنجية، خصوصاً أن كرامي لديه في المقابل هاجس الوصول إلى رئاسة الحكومة ويعتبر نفسه مرشحا دائما محتملا لهذا الموقع، هو الذي قال يوماً إن طرحي كبديل لسعد الحريري سابق لأوانه.

وفي وقتٍ يرى جوهر أن فنج قد يلقى نوعاً من الدعم في طرابلس من خلال تكريسه كحالة تعرضت للظلم من شأنها أن تنعكس عليها في الانتخابات النيابية المقبلة في حال ترشحه، يرى أن قبول الطعن في طرابلس تحديداً من شأنه أن يأخذ المدينة إلى صدام سياسي وخطاب متشنج في المرحلة المقبلة بين حلفاء "حزب الله" والمناهضين له.

على صعيدٍ آخر، يشير جوهر إلى أن المجلس الدستوري كأي مجلس محلي ينتخب اعضاؤه وفق التقسيم الطائفي والسياسي، ومن الطبيعي أن تكون الغلبة فيه للقوى السياسية الحاكمة، لكن طعن كرامي كان يعتد به ولم يكن ضعيفاً.

ويتهم المجلس الدستوري بتعرض أعضاء فيه لضغوطات سياسية لبت الطعون لصالح قوى الأحزاب التقليدية خصوصاً حزب الله وحلفاءه من أجل تعديل الموازين داخل البرلمان خصوصاً أن كل صوت مؤثر بانتخابات رئاسة الجمهورية.

وعززت اتهامات المجلس الدستوري خصوصاً لناحية تدخلات حصلت لفوز كرامي تحديداً تأخره بالإعلان عن النتائج التي كان مفترضا أن يصدرها الخميس الماضي، وعمده إلى إعادة فرز صناديق اقتراح إضافية في عاصمة الشمال.

وقال مصدرٌ من المجلس الدستوري، لـ"العربي الجديد"، إن هذه الاتهامات مردودة، فالمجلس يتخذ قراره بناءً على درس الطلبات المقدّمة إليه وعملية الفرز التي يجريها، وسبق له أن ردّ طعونا انتخابية قبل أسابيع رفعت من قبل شخصيات محسوبة على القوى السياسية منها مع "حزب الله" وحلفائه بوجه نواب تغييريين ومستقلّين أو معارضين.

وشدد المصدر على أن المجلس الدستوري "بيشتغل قانون" ولا يدخل في زواريب السياسة الضيّقة.

وقال رئيس المجلس الدستوري القاضي طنوس مشلب في تصريحات صحافية إنه جرى ضمّ الطعنَيْن المقدّمَيْن من كرامي وناصر في 14 و16 يونيو/حزيران الماضي، لأنهما بوجه الأشخاص أنفسهم، وللأسباب والوقائع ذاتها، مشيراً إلى أنه عند إعادة فرز 50 قلم اقتراع تغيّرت النتائج، فقمنا بتصحيحها، وابطلنا تبعاً لها نيابة فنج والسلوم، وأعلنا فوز كرامي وناصر.

وتحدث مشلب عن أن الطعون الأخرى تحتاج لأكثر من أسبوع للبتّ بها، وذلك على صعيد دائرتي المتن حيث تقدم الإعلامي جاد غصن بطعن ضدّ النائب رازي الحاج (يمثل القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع) الفائز عن المقعد الماروني، وضدّ النائب اغوب بقرادونيان عن تكتل الأرمن الحليف لـ"التيار الوطني الحر" (برئاسة النائب جبران باسيل).

كذلك على صعيد عكار شمالاً، حيث تقدم حيدر زهر الدين عيسى الذي ترشح على لائحة "التيار" بطعن ضد النائب أحمد رستم الفائز عن المقعد العلوي على لائحة قدامى "تيار المستقبل" (يرأسه سعد الحريري) و"القوات".

المساهمون