استمع إلى الملخص
- المباحثات السياسية والأمنية: تركزت المباحثات على دعم العملية السياسية الانتقالية في سورية، وضمان أمن واستقرار البلاد، بالإضافة إلى التعاون العسكري لمحاربة الإرهاب ومعالجة قضايا المقاتلين الأجانب وتهريب المخدرات.
- الدعم الإنساني والاقتصادي: تزامنت الزيارة مع بدء جسر جوي سعودي لإرسال مساعدات إنسانية إلى سورية، مع رغبة الإدارة السورية في الاستفادة من الخبرات الاقتصادية السعودية لدعم التعافي الاقتصادي.
حطّ وفد سوري رفيع المستوى رحاله، الأربعاء، في العاصمة السعودية الرياض، في أول زيارة تجريها الإدارة الجديدة إلى الخارج، ما يعكس تعويل قيادة أحمد الشرع على دور سعودي نشط وفاعل في مساعدة سورية على تجاوز المرحلة الصعبة بعد إسقاط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي. وفي المقابل، يشير استقبال الرياض هذا الوفد، بعد مرور أقل من شهر على سقوط نظام الأسد، إلى "هواجس ومخاوف" سعودية بعد التغيير الذي جرى في سورية، وخاصة في ما يتعلق بالقضايا الأمنية التي من المتوقع أن تكون على رأس أولويات الجانب السعودي في المباحثات، وفقاً لمراقبين تحدثوا لـ"العربي الجديد".
وترأس الوفد السوري وزير الخارجية في الحكومة الانتقالية أسعد الشيباني، ورافقه كل من وزير الدفاع مرهف أبو قصرة، ورئيس جهاز الاستخبارات العامة أنس خطاب. وقال الشيباني على منصة إكس إنّ الزيارة تأتي لـ"فتح صفحة جديدة ومشرقة في العلاقات السورية السعودية تليق بالتاريخ العريق المشترك بين البلدين". وتزامنت الزيارة مع بدء المملكة جسراً جوياً لإرسال مساعدات إنسانية للسوريين، حيث وصلت، اليوم الخميس، الطائرة الإغاثية الثالثة التي يسيّرها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية إلى مطار دمشق الدولي. وحملت على متنها مساعدات غذائية وطبية وإيوائية.
من جانبه، قال وزير الدفاع السعودي، الأمير خالد بن سلمان في منشور على حسابه بمنصة "إكس": "لقد عانى إخواننا وأخواتنا في سورية سنوات من الحروب والدمار والوضع المعيشي الصعب، وآن الأوان أن تستقر سورية وتنهض وتستفيد مما لديها من مقدرات وأهمها الشعب السوري الشقيق".
وأضاف في منشور آخر: "عقدت لقاءً مثمرًا مع معالي وزير الخارجية والمغتربين ومعالي وزير الدفاع ومعالي رئيس جهاز الاستخبارات العامة في الإدارة السورية الجديدة. بحثنا مستجدات الأوضاع في سورية، وسبل دعم العملية السياسية الانتقالية بما يحقق تطلعات الشعب السوري الشقيق، ويضمن أمن واستقرار سورية ووحدة أراضيها".
عقدت لقاءً مثمرًا مع معالي وزير الخارجية والمغتربين ومعالي وزير الدفاع ومعالي رئيس جهاز الاستخبارات العامة في الإدارة السورية الجديدة.
— Khalid bin Salman خالد بن سلمان (@kbsalsaud) January 2, 2025
بحثنا مستجدات الأوضاع في سوريا، وسبل دعم العملية السياسية الانتقالية بما يحقق تطلعات الشعب السوري الشقيق، ويضمن أمن واستقرار سوريا ووحدة أراضيها. pic.twitter.com/Rc73NgTW5W
وكان أحمد الشرع قائد الإدارة الجديدة في دمشق، قد قال، في مقابلة تلفزيونية، قبل أيام إنّ بلاده تأمل الاستفادة من الخبرات الاقتصادية السعودية، معرباً عن فخره بـ"كل ما فعلته السعودية لأجل سورية". وفي رسالة طمأنة، أشار الشرع إلى أن تحرير سورية يضمن أمن المنطقة والخليج وسورية لـ50 سنة مقبلة.
وكانت الرياض قد أوفدت في 23 ديسمبر/ كانون الأول الفائت مستشاراً في الديوان الملكي للقاء الشرع في العاصمة السورية. وتشي تشكيلة الوفد السوري الموجود في الرياض بالعديد من الملفات التي من المتوقع أن تبحثها الرياض مع الإدارة الجديدة، خاصة في الجانبين العسكري والأمني. وتعكس هذه الزيارة الأولى لوفد رفيع المستوى من الإدارة الجديدة إلى خارج البلاد، تطلع الإدارة لدور يمكن أن تلعبه الرياض في مساعدة السوريين لتجاوز حالة الانهيار الاقتصادي التي خلفها النظام المخلوع.
وفي هذا الصدد، رأى الباحث السياسي، أحمد القربي، في حديث لـ"العربي الجديد" أنّ "وجود رئيس الاستخبارات السوري الجديد في تشكيلة الوفد يؤكد أنّ الملفات الأمنية حاضرة في المباحثات". وقال الباحث: "أعتقد أن الهدف الأساسي للزيارة تقديم تطمينات للجانب السعودي الذي كما يبدو لديه مخاوف إزاء العديد من القضايا منها المقاتلون الأجانب في سورية".
ولفت القربي إلى أن الرياض "تريد معرفة رؤية الإدارة الجديدة حول المرحلة الانتقالية"، مضيفاً: "الرياض لن تعلن الترحيب بالعهد الجديد والجسر الجوي للمساعدات جاء متأخراً فقد سبقه الجسر القطري". وأضاف أن تركيبة الجيش وجهاز الاستخبارات ستكون حاضرة في المباحثات، فضلاً عن مسألة تهريب مادة الكبتاغون المخدرة من سورية إلى الخليج العربي إبان حكم الأسد المخلوع.
وأعرب عن اعتقاده في أن تبحث الإدارة الجديدة عن دعم سعودي لمشروعات التعافي المبكر، مضيفاً: "هذه الإدارة تريد دعماً سعودياً وعربياً في المحافل الدولية والاعتراف بها بشكل رسمي". ورأى القربي أنه "باستثناء تركيا وقطر، كل دول العالم حذرة حيال العهد الجديد في سورية"، لافتاً إلى أنه رغم الزيارات إلى دمشق فإن الدول تنتظر الأفعال من الإدارة الجديدة وخاصة في الملف السياسي.
وفي السياق، أشار الباحث عبد الرحمن الحاج في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى ملفات رئيسية تشكل مركز الاهتمام السعودي، أبرزها موضوع الانتقال السياسي في سورية وضمان أن يشكل عامل استقرار من خلال تمثيله جميع مكونات الشعب السوري، أما الملف الآخر فيتمثل بوحدة الأراضي السورية، وبناء المؤسسات، وبشكل خاص الجيش وجهاز الأمن، على أسس تمنع "عودة الإرهاب".
وكانت السعودية قد أعادت العلاقات الدبلوماسية مع النظام المخلوع في عام 2023 بعد أكثر من عقد على تجميدها، إثر اندلاع الثورة في 2011، إلا أنها لم تفعّل الجانب القنصلي في سفارتها بالعاصمة السورية دمشق، ولم تقدّم مساعدات اقتصادية للنظام المخلوع. وحاولت الرياض خلال العامين الأخيرين تعويم نظام الأسد من خلال إعادة عضويته في الجامعة العربية، واستقبال الرئيس الهارب إلى موسكو أكثر من مرة في الرياض، إلا أن الأخير لم يستجب لمطالب الدول العربية وخاصة لجهة منع تصنيع وتهريب الكبتاغون إلى الدول المجاورة، وتسهيل مهام الأمم المتحدة في التوصل لحل سياسي في البلاد، وفق مضامين القرارات الدولية، إضافة إلى الحد من النفوذ الإيراني.
من جانبه، توقع الباحث المختص بالجماعات الإسلامية عرابي عرابي في حديث لـ"العربي الجديد" أن تبحث الزيارة "ملف الجهاديين السعوديين على الأراضي السورية". وقال إن من المتوقع أن تطالب الرياض بتسليمهم، وخاصة أولئك المعتقلين لدى "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) في حال سلمتهم للسلطة الجديدة في العاصمة دمشق.
ورأى عرابي أن الرياض "تريد تعاوناً عسكرياً وأمنياً من الإدارة الجديدة في قضية محاربة تنظيم داعش". وقال: "ربما يُبحث إنشاء مركز لتبادل المعلومات بين دمشق والرياض حول هذا الأمر تحديداً". وأعرب عن اعتقاده بأن تتطرق المباحثات إلى موضوع الدعم السعودي المتوقع لسورية وخاصة خلال المرحلة الانتقالية، مضيفاً: "أتوقع أن تفضي المباحثات إما إلى اتخاذ موقف مرحب معلن بالإدارة الجديدة من قبل الرياض، أو الاستمرار في مراقبتها في المرحلة الحالية".