نفى مسؤولون في الأوقاف الإسلامية بالقدس المحتلة ما روّج من تقارير وأنباء عن التوصل إلى اتفاق (أردني، إسرائيلي، فلسطيني) بخصوص السماح لرعايا الدول المطبّعة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي بدخول المسجد الأقصى لزيارته والصلاة فيه، من خلال جميع بوابات المسجد، وبإشراف من قبل قوات الاحتلال.
وأكد عضو مجلس الأوقاف الإسلامية حاتم عبد القادر، في حديث خاص لـ"العربي الجديد"، نفيه لتلك الأنباء جملة وتفصيلاً، مشيرا إلى أنه لم تجرِ أي اتصالات بهذا الخصوص، لا مع الاحتلال، ولا مع الدول العربية المطبّعة معه.
وقال عبد القادر: "لقد قرر مجلس الأوقاف الإسلامية في القدس بجلسته الأخيرة التي عقدت مطلع هذا الأسبوع أن المسجد الأقصى متاح لجميع العرب والمسلمين لزيارته والصلاة فيه، شريطة أن يكون ذلك من خلال الأوقاف الإسلامية، وبالتنسيق معها، باعتبارها صاحب الولاية الوحيدة على إدارة شؤون المسجد الأقصى، وبمواكبة من قبل حراس الأقصى، وأكدنا رفضنا لأي زيارة تتم خارج هذا الإطار من خلال القوة القائمة على الاحتلال".
وأضاف عبد القادر: "هذا القرار هو امتداد للإجراءات المعمول بها لزيارة الأٌقصى منذ العام 1967، وأن كل أبواب الأٌقصى هي تحت سيطرة الأوقاف، بما في ذلك باب المغاربة، رغم أن مفاتيحه مع الاحتلال، حيث لا تنسيق معه بخصوص الزوار الذين يزورون الأقصى من خلاله".
وفيما إذا تم إجراء اتصالات مع الدول العربية المطبّعة مع الاحتلال بهذا الشأن، أوضح عبد القادر أن مجلس الأوقاف الإسلامية في القدس أرسل عقب جلسته الأخيرة، والتي ناقشت هذا الموضوع، مذكرة للسلطات الأردنية لتقوم بدورها، وعبر الوسائل الدبلوماسية، بإبلاغ هذه الدول بقرار مجلس الأوقاف هذا.
وبما يتعلق بموافقة إسرائيل على إشراف سعودي على الأقصى، قال عبد القادر: "الوصاية الأردنية على الأٌقصى غير قابلة للتقسيم أو الشراكة، وهي خط أحمر، وهذه الوصاية نتمسك بها كفلسطينيين باعتبارها وصاية دينية وتاريخية لا يشاركهم فيها أحد، بل مرفوض أي تجزئة لهذه الوصاية انطلاقاً من الاتفاق الذي وقعه الرئيس محمود عباس مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، والذي وافقنا بموجبه كفلسطينيين على دعمنا للوصاية الأردنية على الأقصى".
يأتي ذلك في وقت كانت بعض المصادر الصحافية الإسرائيلية ذكرت، مطلع هذا الأسبوع، أنه تم التوصل إلى تفاهم بين السعودية ودولة الاحتلال على منح الأخيرة موافقتها على منح الأماكن المقدسة الإسلامية في القدس مكانة خاصة تحت إشراف وإدارة سعودية، مقابل الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال.
وما ذكره عبد القادر أكد عليه أيضاَ أحد مساعدي مدير عام أوقاف القدس (فضل عدم ذكر اسمه) في حديثه لـ"العربي الجديد"، مجدداً النفي الرسمي للتقارير التي تروج لاتفاق أردني فلسطيني إسرائيلي ينظم آلية جديدة لدخول رعايا الدول العربية المطبعة مع إسرائيل.
وأضاف: "المملكة الأردنية هي صاحبة الإشراف والولاية على الأقصى، بما في ذلك الدخول إليه للزيارة والصلاة طالما أنها تتم وفق الأصول المتبعة للزيارة، والأوقاف ترفض بشدة أي تغيير في هذه الآلية، أو أي تعاون مع الاحتلال في تنفيذها".
مع ذلك، يؤكد الشيخ عكرمة صبري، رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس، رفضه لأي تغيير في إجراءات الأوقاف المتعلقة ببرنامج زيارة الأقصى والصلاة فيه.
عبد القادر: المملكة الأردنية هي صاحبة الإشراف والولاية على الأقصى، بما في ذلك الدخول إليه للزيارة والصلاة طالما أنها تتم وفق الأصول المتبعة للزيارة، والأوقاف ترفض بشدة أي تغيير في هذه الآلية، أو أي تعاون مع الاحتلال في تنفيذها
وفي حديث لـ"العربي الجديد"، قال صبري: "المسجد الأٌقصى للمسلمين وحدهم، ومن حق المسلمين زيارته والصلاة فيه عبر البوابة الشرعية، وهي إدارة الأوقاف، وأي زيارة عبر الاحتلال ومن خلال مرافقته مرفوضة من قبلنا".
وتابع صبري: "نتمنى على إخوتنا العرب والمسلمين الذين يرغبون بزيارة الأقصى أن ينسقوا ذلك مع الأوقاف الإسلامية وحدها، وليس مع الاحتلال الذي ينتهك الحريات الدينية ويمنع أبناء شعبنا الفلسطيني من الصلاة فيه".
يذكر أن البند الأول من المادة الثانية في الاتفاقية التي وقعها الرئيس محمود عباس مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني عام 2013، تضمن التأكيد على أن الوصاية الأردنية على الأماكن المقدسة في القدس تهدف إلى احترام المكانة الدينية للمقدسات في القدس والمحافظة عليها وتأكيد الهوية الإسلامية الصحيحة، واحترام أهميتها التاريخية والثقافية والمعمارية وكيانها المادي، بما يشمل متابعة مصالح الأماكن المقدسة وقضاياها في المحافل الدولية ولدى المنظمات الدولية المختصة، والإشراف على مؤسسة الوقف في القدس وممتلكاتها وإداراتها وفقا لقوانين المملكة الأردنية.
أما البند الثالث من المادة الثانية فينص على "اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية بدور ملك المملكة الأردنية الهاشمية المبين، وتلتزمان باحترامه".
بيد أنه ومع تزايد الأطماع والاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى واستمرارها، وقع الأردن وإسرائيل، في 24 أكتوبر/ تشرين الأول 2015، اتفاقًا فرعيًا حول المسجد برعاية وزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري.
ومن ضمن ما نص عليه هذا الاتفاق أن تحترم إسرائيل الدور الخاص للأردن كما ورد في اتفاقية السلام بين الطرفين، و"الدور التاريخي للملك عبد الله الثاني"، وأن تستمر في تطبيق سياستها الثابتة في ما يخص العبادة الدينية بالمسجد، بما فيها الحقيقة الأساسية بأن "المسلمين هم من يصلون"، وبأن "غير المسلمين هم من يزورون".
فيما تشمل الوصاية الأردنية على المقدسات هذه العناية بحوالي 144 معلماً دينياً إسلامياً، بما في ذلك معالم المسجد الأقصى، مساجده ومبانيه وجدرانه وساحاته، بالتعاون مع الأوقاف الفلسطينية، كما تشمل العناية بالمقدسات المسيحية وأوقافها، كما تشرف وزارة الأوقاف الأردنية على غالبية موظفي المسجد الأقصى ومرافقه، وقد بلغ عدد موظفي أوقاف مدينة القدس 938 موظفاً حتى يوليو/ تموز من العام 2019، منهم الحراس والعمال، الذين يتقاضون رواتبهم من موازنة وزارة الأوقاف الأردنية.