أنفاق حزب الله.. منشآت سرية قد تلعب دوراً أساسياً بالمواجهة مع إسرائيل

22 اغسطس 2024
شاحنة عسكرية داخل "منشأة عماد 4" (لقطة شاشة)
+ الخط -

استعرض حزب الله في مقطع فيديو نشره مؤخراً نموذجاً من شبكة أنفاق يضمّ، وفق الصور، منصات إطلاق صواريخ وأسلحة ثقيلة، ويرى خبراء أن هذه المنشآت قد تلعب دوراً أساسياً في أي مواجهة مع إسرائيل.

وفي وقت يتواصل فيه تبادل الضربات بين حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلي منذ الثامن من أكتوبر/ تشرين الأول، يومياً، تزداد المخاوف من اندلاع حرب واسعة، مع توعّد حزب الله وإيران بالردّ على اغتيال القيادي في الحزب فؤاد شكر في ضربة إسرائيلية بالضاحية الجنوبية لبيروت، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران.

ماذا نعرف عن منشآت حزب الله الموجودة تحت الأرض؟

يمتدّ الفيديو على أربع دقائق مع مؤثرات صوتية وضوئية ويظهر منشأة باسم "عماد 4" محصّنة يتحرّك فيها عناصر بلباس عسكري وآليات محمّلة بالصواريخ ودراجات نارية ضمن أنفاق واسعة ومضاءة. وحمل الشريط عنوان "جبالنا خزائننا". وقال خبير الأدلة الجنائية الرقمية في جامعة كاليفورنيا هاني فريد، لوكالة فرانس برس، إنه "من المستبعد" أن يكون الفيديو نُفّذ بتقنية الذكاء الاصطناعي، ولو أنّ بعض أجزاء منه "التي تظهر فيها شاحنات ودراجات نارية تسير في النفق، تبدو وكأنها تحمل بصمة خفيفة لرسوم مولّدة إلكترونياً"، من دون أن يتمكّن من تأكيد ذلك.

ويشير الخبير في شؤون حزب الله في مركز "أتلانتيك كاونسيل" للأبحاث نيكولاس بلانفورد لـ"فرانس برس"، إلى أنّ شبكة أنفاق حزب الله تستخدم في "تخزين الذخيرة، ومنصات مخفية لإطلاق الصواريخ". ويرى أنّ الفيديو قد يكون "رسالة تحذير" لإسرائيل في حال رد حزب الله على اغتيال القيادي شكر، ما قد يستتبعه ردّ إسرائيلي عنيف. ويقول إن الحزب يريد أن يقول لإسرائيل إنه قادر "على استخدام أسلحة أكثر قوة بكثير" من تلك التي استخدمها خلال الأشهر العشر الماضية.

ما أهمية هذه المنشآت في حال اندلاع حرب؟

يشرح العميد المتقاعد من الجيش اللبناني، منير شحادة، للوكالة أيضاً أن الفيديو أظهر "مدى عمق الأنفاق واتساعها وتشعبها، ومدى صعوبة أن تطالها إسرائيل". ويقول العميد المتقاعد هشام جابر إنه لا توجد معلومات كثيرة حول هذه المنشآت "السرية للغاية". ويضيف أنّ منشأة "عماد 4" قد تكون واحدة من عشرات، موضحاً أنّ "طبيعة الأرض في جنوب لبنان حيث توجد جبال وتلال (...)، مثالية للحفر وتكون محمية لأنها في قلب الجبل".

ويشير جابر إلى أنّ "الطائرات لا تستطيع أن تصل إلى هذه المنشآت المحمية من الأعلى". ويمكن للمقاتلين البقاء داخلها "ما بين تسعة أشهر وعام، لأنها تضمّ كل الإمكانات من طاقة وغذاء ودواء". ويضيف أنّ إسرائيل "يمكنها أن تواصل قصفها لأشهر وأن تواصل تدمير لبنان من دون أن تصل" إليها، فيما تقول الخبيرة في شؤون حزب الله في المعهد الإسرائيلي للدراسات في الأمن القومي، أورنا مزراحي، رداً على سؤال لوكالة فرانس برس، "نعرف بوجود أنفاق (حزب الله) منذ فترة"، مضيفة أنّ الجيش الإسرائيلي "اكتسب خبرة جيدة" حول الأنفاق من الحرب في قطاع غزة، حيث لحماس شبكة واسعة منها، وسيكون عليه التعامل معها، في حال دخل لبنان مجدداً.

ومن المعروف أن هناك منشآت عسكرية تحت الأرض أيضاً في إيران التي تدعم حزب الله بالمال والسلاح. وإثر نشر فيديو حزب الله، كتبت السفارة الإيرانية في بيروت على حسابها على منصة إكس بالعربية "في اللغة الفارسية، نطلق على المنشآت الصاروخية الموجودة تحت الأرض وداخل الصخور والجبال مدن الصواريخ". وقالت إنها "موجودة في جميع أنحاء" إيران، و"يمكننا، إذا لزم الأمر، مهاجمة العدو من أي نقطة" في إيران.

وذكرت وكالة أنباء مهر الإيرانية، إثر نشر الفيديو، أن المقطع يكشف عن "مدينة صواريخ تحت سلسلة جبل عامل"، في إشارة إلى جنوب لبنان. ويتركّز نفوذ حزب الله في جنوب لبنان خصوصاً، وفي منطقة البقاع شرقاً.

ماذا عن تاريخ الأنفاق؟

بدأ حزب الله العمل على شبكة أنفاقه منذ منتصف الثمانينيات عندما كانت إسرائيل تحتلّ أجزاء من جنوب لبنان، وفق بلانفورد. في عام 2010، افتتح حزب الله ما أسماه "المعلم الجهادي السياحي الأول عن المقاومة" في مليتا في جنوب لبنان، وهو عبارة عن نفق بطول 200 متر. وقال الحزب في حينه إن المكان كان قاعدة عسكرية استخدمت خلال الحرب مع إسرائيل في عام 2006 وفي المواجهات مع جيش الاحتلال الإسرائيلي قبل انسحابه من جنوب لبنان في عام 2000.

وعرض الحزب في "معلم مليتا السياحي" عشرات القذائف المضادة للصواريخ وصواريخ كاتيوشا وغيرها من الصواريخ وراجمات، بالإضافة إلى غنائم من الجيش الإسرائيلي بينها دبابات "ميركافا". ويقول بلانفورد إن الأنفاق التي بنيت في مطلع عام 2000 التي تشبه معلم مليتا "صُمّمت لعدد صغير من المقاتلين ليرتاحوا ويأكلوا ويناموا فيها"، لكن المنشأة التي تظهر في الفيديو "أكبر بكثير من تلك المخابئ".

ويشير الأستاذ في كلية العلوم السياسية في جامعة غرونوبل الفرنسية، دانيال ميير، للوكالة، إلى أن استخدام الحزب الأنفاق ظهر إلى العلن خلال حربه مع إسرائيل في عام 2006. وذكر أن مقاتلي حزب الله كانوا يتحرّكون "تحت الأرض" في مواجهة إسرائيل التي تملك تفوّقاً جوياً.

بعد حرب 2006، طوّر الحزب أنفاقه، وفق الخبراء. وأعلنت إسرائيل في عام 2019 اكتشاف وتدمير أنفاق لحزب الله حُفرت من لبنان إلى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة. ويرى ميير أن شبكة أنفاق حزب الله غير ممتدة بقدر شبكة حماس في قطاع غزة، لكن "احتمال أن يخرج العدو من الأرض، لا شكّ يبقى ماثلاً في الذهن الإسرائيلي".

(فرانس برس، العربي الجديد)