أنشودة التيار الصدري تغضب الناشطين العراقيين

13 فبراير 2021
الصدر متهم بالركوب على الموجة (Getty)
+ الخط -

بالرغم من أن مكتب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر اضطر إلى حذف "أنشودة" أثارت موجة غضب واسعة في صفوف النشطاء العراقيين، بعدما وردت فيها اتهامات لهم بالعمالة والتخوين، إلا أن انعكاساتها لا تزال حاضرة، لا سيما بعد أن توجهت حركة سياسية مدنية لرفع دعوى قضائية.
الأنشودة التي أداها المنشد علي الدلفي تضمنت صوراً من الاحتجاجات الشعبية عند الحديث عن العمالة والخيانة. وظهر الناشط المدني البارز في التظاهرات علاء الركابي في شريط الصور، وتم وصفه بأنه "يتحدث عن الحرية ولكنه خائن"، الأمر الذي دفع الناشطين العراقيين والمحتجين إلى إشهار حملة إعلامية واسعة ضد الصدر، الذي أخذ أخيراً بمهاجمة المتظاهرين ووصفهم بـ"الدواعش والبعثيين".
وقررت حركة "امتداد"، إحدى القوى السياسية المدنية التي ولدت من ساحات التظاهرات في العراق، مقاضاة المكتب الإعلامي للصدر بعد بث الأنشودة، وذكرت في بيان أمس الجمعة أنه "بالنظر لتداول مادة إعلامية (أنشودة) في موقع يوتيوب ومواقع التواصل الاجتماعي، والتي تضمنت اتهام أعضاء حركة امتداد بالعمالة والتخوين، وبأنهم يتلقّون الدعم الخارجي، وبما أن ذلك يعد تحريضاً ضد حركتنا، تقرر توجيه اللجنة القانونية في مكتبنا التنفيذي برفع دعوى قضائية ضد الجهة المنتجة للعمل والأشخاص المساهمين في إنتاج العمل".
وأضافت الحركة أن "ذلك الإجراء يعد إيماناً منها وترسيخاً لمبدأ دولة المؤسسات التي تصون كرامة المواطن، وتكون فيها الحقوق مصونة باللجوء إلى الأساليب القانونية"، محملة الجهة المنتجة للأنشودة "المسؤولية الكاملة عن أي ضرر مادي أو معنوي أو شخصي يلحق بأي عضو من أعضاء حركتنا نتيجة التحريض ضدها".

وتواصل "العربي الجديد" مع أحد أعضاء حركة "امتداد"، وقال إن "التيار الصدري يشن منذ فترة هجمة إعلامية ضد أعضاء الحركة، ويمارس الترهيب ضدهم"، مضيفا أن غالبيتهم يستقرون في مدن ليست مدنهم الأصلية، بسبب التهديدات والسلاح المنفلت الذي تملكه مليشيا "سرايا السلام" التابعة للصدر.
وبين المصدر ذاته، الذي اشترط عدم ذكر اسمه، أن "التسقيط السياسي والمنافسة غير الشريفة هما من صفات الأحزاب التقليدية، ويعود سبب الاستهداف لمعرفة تلك القوى مدى تأثير المد المدني في الشارع العراقي".
ولفت إلى أن "واحدا من أسباب هجوم المكتب الإعلامي للصدر ضد حركة امتداد، هو أن بعض قادة الحركة والأعضاء الفاعلين فيها، هم من المنسحبين والمستقيلين من التيار الصدري خلال العامين الماضيين، ولا سيما بعد أن مارس الصدر تقلبات عدة في خياراته مع تظاهرات (تشرين)، ولذلك فإن الصدر فقد من عناصره الأكفاء خلال الفترة الماضية، ويعرف أن غالبيتهم توزعوا على الكيانات السياسية الجديدة، ومنها امتداد".
وفي السياق، قال عضو تنسيقية تظاهرات مدينة النجف علي الحجيمي إن "التيار الصدري يتهم المدنيين بأنهم ممولون من الخارج ومن حزب البعث وتنظيم (داعش)، ومنذ فترة استطاع الصدر تبني كل الأفكار التي روجت لها إيران ضد المنتفضين والناشطين العراقيين من خلال استهدافهم وملاحقتهم وترويعهم، لأنهم باتوا لا يشكلون خطراً على النظام الحاكم فحسب، بل إنهم باتوا البديل السياسي لكل الأحزاب المتنفذة والتيارات السياسية المتهمة بالفساد والاستيلاء على أموال العراقيين، وبضمنها التيار الصدري".
وتابع في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "الأنشودة الأخيرة التي وصفت الناشطين بالخونة واتهمتهم بالعمالة لن تكون الأخيرة"، متوقعا أن "تتوالى الهجمات على المتظاهرين من كل أحزاب السلطة، لكن، لا سبيل لدى الناشطين إلا المواصلة في طريق السياسة النظيفة والدخول في الانتخابات ومحاولة الحصول على مكاسب تؤدي إلى تراجع دور أحزاب السلطة".
وأوضح الحجيمي أن "هذه الحركات الإعلامية والتعليقات الصدرية ضد المتظاهرين، هي من أجل النيل من المحتجين ولا سيما الذين يرغبون في المشاركة بالعمل السياسي".
في المقابل، قال عضو التيار الصدري من مدينة الناصرية حسام طعمة إن "التيار الصدري له قاعدة جماهيرية كبيرة وهو لا يتأثر بالحركات السياسية الجديدة، على العكس، بل إنه يرحب بها من أجل المضي في مشروع الإصلاح الذي كان الصدر قد أعلن عنه قبل سنوات، ولكن هناك جهات مشبوهة داخل الحراك الاحتجاجي"، مؤكداً لـ"العربي الجديد" أن "هناك عشرات الأدلة على أن بعض قادة ورموز الحركات والكيانات السياسية الجديدة لديهم ارتباطات خارجية، ويحصلون على أشكال متفرقة من الدعم المادي والمعنوي"، وفقا لزعمه.

بدوره، رأى الناشط السياسي وعضو "الحزب الشيوعي العراقي" أيهم رشاد، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الأحزاب الكبيرة والتيارات والكيانات السياسية التي حكمت منذ عام 2005 في العراق تدرك حجم الخطورة التي تشكلها الكيانات المنبثقة من انتفاضة تشرين"، مشيراً إلى أن "أكبر الخاسرين هو التيار الصدري الذي وقف بكل قوته ضد الانتفاضة وتورط بقتل محتجين وبالتالي فهو متخبط ويشتبك سياسياً مع الجميع من أجل الاستيلاء على السلطة".
واستدرك رشاد بالقول إن "الصدر لن يحصل على النتائج التي حصل عليها في انتخابات 2018، ولذلك هو يعمل حالياً على تصفية خصومه بكل الطرق لكي يبقى وحده في الساحة السياسية، وهذا ما لن يحدث في ظل وجود التوجه الشعبي نحو المدنية ودولة المواطنة".