أمير قطر أمام "منتدى الدوحة": العدالة الاجتماعية صمام الأمان للمجتمعات

الدوحة
أنور الخطيب
أنور الخطيب
صحافي أردني. مراسل "العربي الجديد" في قطر.
الدوحة

العربي الجديد

لوغو العربي الجديد
العربي الجديد
موقع وصحيفة "العربي الجديد"
26 مارس 2022
الشيخ تميم
+ الخط -

دعا أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، إلى تحديد مستقبل النظام الدولي الذي نريد توريثه لأبنائنا، مشدداً على أن العالم اليوم وصل إلى "مرحلة حساسة ومفصلية على جميع المستويات".

وشدّد أمير قطر في كلمته الافتتاحية لفعاليات النسخة العشرين لمُنتدى الدوحة، الذي انطلق اليوم السبت تحت عنوان "‏التحوّل إلى عصر جديد"، على موقف بلاده الرافض للعنف والاعتداء على سيادة الدول وخرق القيم الإنسانية، مضيفاً أنه "لا يمكن للإنسانية القبول بتنافس الدول الكبرى في تطوير أخطر أنواع الأسلحة".

وتساءل قائلا: "ما هو العصر الجديد الذي أثبتت الحرب الجارية حاليا في القارة الأوروبية وقبلها جائحة كورونا وغيرها من الأزمات المتتالية ضرورة العمل على إعادة تشكيله لصالح الإنسانية جمعاء؟ هل ستجيب الدول الكبرى عن هذا السؤال بالقتال بعد التنافس على تطوير أنواع جديدة من الأسلحة؟".

وشدد أمير قطر بالقول "لا يمكن أن تقبل الإنسانية بهذا السيناريو الكارثي، ولا بد من وسائل وسبل أخرى غير الحرب للتوصل إلى الأجوبة"، موضحا أن "عسكرة الحلول تنامت لتصل واحدة من أصعب ذرواتها في العقود الأربعة الأخيرة في الحرب الأوكرانية".

وأكد على تضامنه مع الملايين من الأبرياء واللاجئين من ضحايا هذه الحرب غير العادلة والحسابات الجيوسياسية، كما ذكّر في الوقت ذاته بملايين الفلسطينيين الذين يعانون من الاحتلال الإسرائيلي والتجاهل الدولي منذ أكثر منذ 7 عقود. وأكد على موقف دولة قطر الثابت من نبذ العنف وترويع المدنيين والاعتداء على سيادة الدول وكل ما من شأنه أن يشكل خرقا للقيم الإنسانية والقوانين الدولية.

وأشار إلى أن دولة قطر اختارت طريق الحوار العقلاني القائم على الموازنة بين القيم والمصالح المشتركة في الوقت ذاته، وطريق الوساطة لحل النزاعات بالطرق السلمية"، لافتا إلى أنها "راكمت خبرة في هذا المجال تضعها في خدمة السلام والاستقرار والحلول العادلة للنزاعات".

ولفت أمير قطر إلى أن من بين "الظواهر الإقصائية التي أخذت في التصاعد في السنوات الأخيرة ظاهرة الإسلاموفوبيا، حيث بات العداء للسامية يستخدم على نحو خاطئ ضد كل من ينتقد سياسات إسرائيل وهو ما يضر بالصراع ضد العنصرية".

وأشار في كلمته الافتتاحية إلى أن "الإسلاموفوبيا" لا تقتصر على قوى اليمين الشعبوي، وأنها تحتاج وقفة ضدها"، موضحا أن "الفجوة الاجتماعية والاقتصادية بين الدول تنبئ بخلل جسيم في الاقتصادات الكلية".

وأوضح أمير قطر أن "عالم اليوم وصل إلى مرحلة مفصلية على كافة المستويات، السياسية والاقتصادية والبيئية والاجتماعية، وأن هذه المرحلة تتطلب مراجعات جذرية قبل أن يصل العالم إلى حالة من فقدان التوازن".

وقال "نؤمن بأن العدالة الاجتماعية هي صمام الأمان الحقيقي للمجتمعات، ما يتطلب سياسات ضريبية عادلة لأن غالبية المجتمعات لا يمكنها الاستغناء عن خدمات الدولة"، محذراً من أن "أنماط الاستهلاك غير الصديقة للبيئة ومعدلات الإنتاج الصناعي غير المسؤول، تزداد على نحو مطرد، ما قد يؤدي إلى تداعيات كارثية تمس الإنسانية جمعاء".

الرئيس الأوكراني: مستقبل أوروبا يتوقف على جهودكم

من جانبه، انتقد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في كلمة له بالمنتدى عبر رابط فيديو، الحرب الروسية المستمرة على بلاده، ودعا الأمم المتحدة والقوى العالمية إلى مساعدته.

وشبّه زيلينسكي تدمير روسيا لميناء ماريوبول بالدمار السوري والروسي الذي لحق بمدينة حلب في الحرب السورية.

وقال الرئيس الأوكراني، وفق ما أوردته وكالة "أسوشييتد برس": "إنهم يدمّرون موانئنا. غياب الصادرات من أوكرانيا سيوجه ضربة إلى البلدان في جميع أنحاء العالم"، مضيفاً أن "مستقبل أوروبا يتوقف على جهودكم".

وأضاف الرئيس الأوكراني: "روسيا تهددنا باستخدام الأسلحة النووية وتدمير بلادنا"، داعيا في الوقت نفسه الدول الغنية بالنفط إلى ضخ مزيد من إمدادات الطاقة للحد من هيمنة روسيا وابتزازها.

منتدى الدوحة (كريم جعفر/ فرانس برس)
(كريم جعفر/ فرانس برس)

ودعا الدول إلى زيادة صادراتها من الطاقة، وهو أمر مهم بشكل خاص، لأن قطر رائدة على مستوى العالم في تصدير الغاز الطبيعي.

وانتقد زيلينسكي روسيا، لما وصفه بتهديدها العالم بأسلحتها النووية.

وأشار أيضاً إلى أنه سيتعيّن على المسلمين في أوكرانيا القتال خلال شهر رمضان المبارك. وقال: "علينا أن نضمن ألا يطغى بؤس الناس في أوكرانيا على شهر رمضان المبارك".

"التحول إلى عصر جديد"

وشهدت الجلسة الافتتاحية للمنتدى، التي ناقشت "التحول إلى عصر جديد"، نقاشا عاصفا ومستفيضا حول الحرب الروسية على أوكرانيا، فضلا عن الأزمات التي تمر بها المنطقة.

وقال نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، الذي شارك في الجلسة، إن تداعيات الحرب في أوكرانيا شملت الجميع، لافتا إلى أن هناك مخاوف لدى أطراف الحرب في أوكرانيا، داعياً إلى معالجة تلك المخاوف بشكل سلمي.

وتابع قائلا "منطقتنا تعاني من أزمات ونزاعات منذ سنوات طويلة لكنها لم تمنح الاهتمام الذي منح لأوكرانيا"، مضيفا "يجب التعامل مع مشكلات المنطقة بنفس الالتزام الذي تعامل به العالم مع الأزمة الأوكرانية، ومن المهم أن نرى استقرارا في منطقتنا".

وبشأن الاتفاق النووي الإيراني، قال وزير الخارجية القطري، إن "التوصل لاتفاق نووي مع إيران أمر مهم ويجب أن يتبعه اتفاقيات أخرى بشأن الأمن الشامل في المنطقة".

وتابع: "نؤمن بالحلول الدبلوماسية للحفاظ على الأمن العالمي، وحل الأزمات عبر طاولة الحوار والدبلوماسية"، مشدداً بقوله: "نحن ضد الاعتداء على سيادة أي دولة والتدخل في الشؤون الداخلية".

وزير الخارجية القطري (محمد دبوس/ الأناضول)
(محمد دبوس/ الأناضول)

وفي الجلسة ذاتها، أكد نظيره السعودي، فيصل بن فرحان، ضرورة العمل على إنهاء النزاع في أوكرانيا وحماية المدنيين ومعالجة الأزمة، تماشياً مع الأعراف والقوانين الدولية.

ودعا الوزير السعودي إلى إطلاق حوار فوري لحل الأزمة الأوكرانية الروسية.

وأضاف: "على العالم أن يعمل على مواجهة التحديات القائمة والاهتمام بالمشاكل التي تواجهها دول الجنوب النامية".

فيصل بن فرحان (محمد دبوس/ الأناضول)
(محمد دبوس/ الأناضول)

بوريل: قريبون جداً من إحياء الاتفاق النووي

وبخصوص الاتفاق النووي، قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، إن إيران والقوى الدولية قريبة للغاية من التوصل إلى اتفاق بخصوص إحياء اتفاق 2015 النووي، لكبح برنامج طهران النووي مقابل رفع العقوبات المفروضة عليها، وذلك خلال كلمته في منتدى الدوحة.

إلى ذلك، اعتبر بوريل أنه لا يمكن تحمل الحرب في أوكرانيا لأنها على حدود أوروبا، مشددا على ضرورة توقف العدوان الروسي، قائلا "نحن ندعم أوكرانيا دون زيادة في التصعيد". وأضاف أن "الرئيس الروسي يحاول فرض ما يريده بالقوة وقد حول مدينة ماريوبول إلى حلب أخرى".

جوزيب بوريل (محمد دبوس/ الأناضول)
(محمد دبوس/ الأناضول)

ليندسي غراهام يدعو إلى إنهاء الحرب والمعاناة في أوكرانيا

وخلال كلمته في منتدى الدوحة، دعا عضو مجلس الشيوخ الأميركي السيناتور ليندسي غراهام إلى إنهاء الحرب والمعاناة في أوكرانيا، مشدداً على الحاجة إلى العمل العالمي والتعاون الدولي.

وتساءل عن السبيل لإنهاء الاجتياح الروسي لأوكرانيا، والشروط المقبولة لتحقيق ذلك، قائلاً إنه إذا انتهت الحرب في أوكرانيا وما زال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موقعه وأقوى، فإن العالم يكون قد فشل. وتابع موضحاً أن النظام العالمي الذي نتحدث عنه يكون قد تعرض حينها للطمس.

ودعا غراهام الشعب الروسي إلى التحرك بسرعة، قائلا "إن مستقبل بوتين سيكون سيئا وعليهم التحرك سريعا"، مقترحا أن يقوم الشعب الروسي بتغيير النظام في موسكو وأخذ زمام الأمور بأيديهم.

وحذر من أنه إذا فاز بوتين في هذه الحرب فإن الصين سوف تسيطر على تايوان سريعا. كما حذر الروس بالقول "إذا قمتم بهجوم نووي سوف نرد عليكم بقوة وسرعة"، معتبراً أن الجيش الروسي "ضعيف على الأرض".

وقال كذلك إنه ينبغي زيادة الدعم العسكري لأوكرانيا، داعياً إلى فرض حظر جوي في أوكرانيا إذا استخدم بوتين السلاح الكيميائي.

ميقاتي: الدول العربية والخليجية ستعيد علاقاتها بلبنان

بدوره، أعلن رئيس الحكومة اللبنانية، نجيب ميقاتي، أن الدول العربية والخليجية كافة "ستعيد علاقاتها الطبيعية" ببلاده، وذلك عقب لقائه أمير قطر، على هامش فعاليات منتدى الدوحة.

وقال ميقاتي: "لبنان بحاجة دائماً إلى رعاية عربية، وقطر إلى جانب لبنان، وبإذن الله كل الدول العربية ودول الخليج بالذات ستعيد علاقاتها الطبيعية بلبنان، ونحن بحاجة لهذا الاحتضان العربي لوطننا".

وأفاد بأن "لبنان عليه أن يكون على علاقة متينة خاصة مع الدول العربية، وهو من مؤسسي جامعة الدول العربية ومقتنع ومؤمن بهذه العلاقات"، مضيفاً أن "ما جرى في الفترة الماضية كان غيمة صيف مرت وستزول مع الزيارات التي سأقوم بها إلى الدول العربية"، دون تفاصيل عن تلك الزيارات المرتقبة.

من جهة أخرى، أوضح ميقاتي أن وفداً من صندوق النقد الدولي سيبدأ محادثات في لبنان في 29 من مارس/ آذار، وعبّر عن أمله في التوصل إلى اتفاق خلال الأسابيع القادمة.

وقال للصحافيين على هامش منتدى الدوحة: "سيبدأون مهمتهم في لبنان الثلاثاء المقبل"، مضيفاً: "نأمل ... بنهاية الأسبوعين أن نرى النور".

ويبحث المنتدى الحرب الروسية على أوكرانيا، والتحالفات الجيوسياسية، والعلاقات الدولية، والنظام المالي والتنمية الاقتصادية، والدفاع، والأمن السيبراني، والأمن الغذائي، والاستدامة وتغيّر المُناخ، ومستقبل الغاز وأسعار الطاقة والصراعات الدولية، وتتصدر أجندة المنتدى مناقشة التحول إلى عصر جديد ما بعد جائحة كورونا.  

ومنتدى الدوحة أكبر منصة عالمية للدبلوماسية والحوار والتنوّع تجمع قادة السياسة لمناقشة "التحديات الملحّة التي تواجه عالمنا، ويهدف إلى تعزيز الحوار، وتبادل الأفكار، وصنع السياسات، وتقديم التوصيات القابلة للتطبيق". وكانت مدينة الدوحة قد شهدت انعقاد آخر نسخة من المنتدى في ديسمبر 2019، إذ عقدت النسخ التالية من المنتدى افتراضياً بسبب جائحة كورونا.

 ومن المرتقب أن يشارك في جلسات المنتدى عدد من المسؤولين رفيعي المستوى، بينهم وزراء خارجية دول، منها السعودية والجزائر والعراق وليبيا وتركيا وبعض دول أوروبا وأميركا، إلى جانب مسؤولين في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومسؤولين من آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية في مختلف القطاعات السياسية والاقتصادية والأمنية. 

كذلك ستشارك في المنتدى شخصيات عالمية معروفة، مثل مؤسس مايكروسوفت بيل غيتس، والسيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، ووزير الخارجية الأميركي السابق والمبعوث الرئاسي الخاص لشؤون المناخ جون كيري، والناشطة الأفغانية الحاصلة على جائزة نوبل للسلام مالالا يوسف زاي.

ذات صلة

الصورة
أصيب حسن وأحمد في قطاع غزة (حسين بيضون)

مجتمع

قلما ينجو فلسطيني في غزة من صواريخ مسيّرات الاحتلال التي يطلق عليها محلياً اسم "الزنانة"، وكان من بين ضحاياها الشابان حسن أبو ظاهر وأحمد بشير جبر.
الصورة
المنتدى السنوي لفلسطين- اليوم الثالث (العربي الجديد)

سياسة

أكد باحثون، اليوم الاثنين، أهمية "المنتدى السنوي لفلسطين" باعتباره "رافعة مهمّة للبحث العلمي حول فلسطين والقضايا العديدة المرتبطة بها.
الصورة
القمة هي الثانية التي تعقد في الدوحة منذ 2014 (Getty)

سياسة

تستضيف العاصمة القطرية الدوحة، اليوم الثلاثاء، قمة خليجية تعقد في ظرف إقليمي استثنائي، حيث سيبحث قادة مجلس التعاون الخليجي العدوان الإسرائيلي على غزة.
الصورة
Lusail International Circuit Formula 1

رياضة

تستعد حلبة لوسيل الدولية في العاصمة الدوحة لاستضافة جائزة قطر الكبرى، ضمن منافسات الجولة الـ18 من بطولة العالم في سباقات فورمولا 1، التي يتنافس فيها العديد من السائقين من أجل الصعود على منصة التتويج.

المساهمون