أميركا اللاتينية تحافظ على دعمها القضية الفلسطينية رغم تباين المواقف بين اليمين واليسار

27 أكتوبر 2023
خلال تظاهرات منددة بالعدوان على غزة في البرازيل (فرانس برس)
+ الخط -

لا يزال الدعم التقليدي للقضية الفلسطينية في دول أميركا اللاتينية قوياً بشكل عام، خصوصاً مع انخراط البرازيل في محاولة التوصل إلى حلّ سلمي للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، رغم التباينات في المواقف السياسية بين اليمين واليسار.

في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، نجحت حركة حماس في شن عملية غير مسبوقة أطلقت عليها "طوفان الأقصى"، ونجح مقاتلوها في الوصول إلى المستوطنات القريبة من قطاع غزة، والاشتباك مع قوات الاحتلال في أكثر من نقطة.

عقب العملية شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي قصفاً عنيفاً على قطاع غزة، أسفر عن استشهاد أكثر من سبعة آلاف شخص، معظمهم مدنيون، وبينهم أكثر من 3000 طفل.

"العمل من أجل المفاوضات"

البرازيل، التي وجدت لنفسها مكانة مهمة على الساحة الدولية مع عودة الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا إلى السلطة، هي الدولة الأنشط في أميركا اللاتينية في عملية البحث عن حلّ سلمي للحرب في قطاع غزة.

تتولى البرازيل حالياً الرئاسة الدورية لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وضاعف لولا اتصالاته الدبلوماسية، واعتمد موقفا ينتقد "حماس" كما إسرائيل. وفشلت محاولات لولا في تمرير قرار في مجلس الأمن بشأن النزاع.

لكنه قال أيضاً: "سئمت من إجراء المكالمات الهاتفية، لكنني سأواصل فعل ذلك لأنه ضروري".

ويعتبر منسق قسم دراسات أميركا اللاتينية في جامعة برازيليا روبرتو غولار مينيزيس أن البرازيل تضع نفسها في موقع "الحكم".

ويقول إن "هذا الموقف الذي يتمثل في إدانة هجمات حماس دون دعم الإجراءات غير المتناسبة التي تتخذها إسرائيل" هو الموقف السائد في أميركا اللاتينية.

تباين

يتخذ كذلك الرئيس التشيلي غابريال بوريك ونظيره المكسيكي أندريس مانويل لوبيز أوبرادور، موقفاً مماثلاً للموقف البرازيلي.

وقال الرئيس المكسيكي: "لا نريد أن ننحاز إلى أي طرف لأننا نريد أن نكون عاملاً في البحث عن حل سلمي".

ونددت تشيلي، التي يقيم فيها أكبر عدد من الفلسطينيين خارج العالم العربي (500 ألف تقريباً)، بالهجوم الذي شنته "حماس"، بينما دعت إلى استئناف المفاوضات من أجل حل الدولتين.

وترى الأستاذة في العلاقات الدولية والمستشارة في "معهد البرازيل-إسرائيل" كارينا كالاندرين أن الموقف هذا الذي تتخذه بعض دول أميركا اللاتينية "تاريخي". وتؤكد أن المنطقة "لطالما كانت تؤيد حق تقرير مصير الشعوب، بما في ذلك الشعب الفلسطيني وأهمية إقامة دولة".

وتعترف معظم دول أميركا اللاتينية بالأراضي الفلسطينية كدولة أو لديها مكاتب دبلوماسية في رام الله بالضفة الغربية المحتلة.

من جهته، نشر الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو على شبكات التواصل الاجتماعي رسائل حول النزاع، واعتبرت إسرائيل بعضاً منها "معادية للسامية".

ويُذكّر موقفه بالدور الذي لعبه الرئيس الفنزويلي السابق هوغو تشافيز (1999-2013) في الدفاع عن القضية الفلسطينية.

ويقول مدير مرصد الأمن العالمي "ستراتيخوس" في جامعة أنديس في بوغوتا بيكتور ميخاريس، لوكالة فرانس برس: "يحاول بيترو إظهار أوراق اعتماده الأيديولوجية التي تعتبر فيها القضية الفلسطينية مهمة جداً بالنسبة لليسار الدولي"، و"التموضع كقائد سيسدّ الفجوة في قيادة اليسار الراديكالي في المنطقة".

ويضيف أن الحكومة الفنزويلية برئاسة نيكولاس مادورو الذي اتّهم إسرائيل بارتكاب "إبادة بحق الشعب الفلسطيني"، وحكومة نيكاراغوا برئاسة دانيال أورتيغا، وحكومة كوبا "هي حكومات فقدت مصداقيتها، وأصبحت معزولة إلى حدّ ما".

وتشير كالاندرين إلى أن باراغواي وأوروغواي والإكوادور -وهي كلها دول يديرها اليمين- هي من بين الدول التي أعربت عن تضامن أكبر مع إسرائيل.

وفي الأرجنتين التي يرأسها ألبرتو فرنانديز (وسط يسار) والتي تضمّ أكبر عدد من اليهود في أميركا اللاتينية، ويبلغ عددهم نحو 250 ألف شخص، عُرضت صور لبعض الأسرى الـ224 الذين احتجزتهم "حماس" في غزة للمطالبة بالإفراج عنهم.

(فرانس برس، العربي الجديد)