أليست "فاغنر" أقرب من أوكرانيا؟

14 ابريل 2022
مصلحة حكومة الدبيبة دعوة روسيا لمغادرة البلاد (حازم تركية/الأناضول)
+ الخط -

صوّتت ليبيا لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن تجميد عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان الأممي. وفق هذه الصيغة ورد الخبر في بعض وسائل الإعلام عرضاً، من دون أن تتناوله بالتحليل للبحث عن أسباب وقوف ليبيا لدعم هذا القرار، وما مصلحتها وما الذي ستجنيه من مكاسب لدعم القضية الليبية، وعلى الأقل دعم القضايا الحقوقية المتعلقة بليبيا في هذا المجلس الأممي؟

بالطبع يمكن إضافة الكثير على هذه الأسئلة، ومنها سكوت الأطراف السياسية الليبية الأخرى عليها، لتصبح هذه الخطوة، التي جاءت من وزارة خارجية حكومة الوحدة الوطنية، معبّرة عن الموقف الليبي، وعلى الأخص صمت حكومة فتحي باشاغا المنافسة لحكومة عبد الحميد الدبيبة.

لكن يبقى السؤال الأبرز، ما الذي دفع حكومة الدبيبة لدعم مثل هذا القرار، وما الذي ستجنيه، وهل حسبت وزارة خارجيته تداعياته على وضع البلاد؟

قائمة الملاحظات حول الموقف الليبي عديدة، منها أنها الدولة العربية الوحيدة التي صوتت لصالح القرار، في حين عارضت سورية والجزائر، وامتنعت كل دول الخليج العربي ومصر وتونس والعراق واليمن، وتغيب عن الجلسة المغرب ولبنان والصومال وموريتانيا وجيبوتي. أما أفريقياً فلم تصوت لصالح القرار سوى سبع دول، من بينها ليبيا، من أصل 54 دولة.

وبحسب مبررات قرار تجميد عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان، فقد جاء على خلفية الكشف عن مئات الجثث في أعقاب انسحاب القوات الروسية من بلدات قرب العاصمة الأوكرانية كييف.

والسؤال الذي قد لا يوجه لداعمي هذا القرار، خصوصاً حكومة الدبيبة: ماذا عن جرائم المقابر الجماعية في ترهونة التي تورطت فيها قوات مرتزقة "فاغنر" الروسية، ولا تزال جثث قتلاها تنتشل كل يوم؟

ولو تجاوزنا هذا السؤال باعتبار استمرار التحقيقات في قضية مقابر ترهونة، فماذا عن وجود "فاغنر" في ليبيا، الذي لم تعد حتى موسكو تنكره. أليس من الأقرب لمصالح ليبيا أن تدعو حكومة الدبيبة روسيا للخروج من البلاد بدلاً من دعوتها للخروج من أوكرانيا، بحسب بيان خارجية حكومة الدبيبة في أول أيام الاجتياح الروسي لأوكرانيا؟

لا يمكن التكهن بأي تفسير لهذه الموافقة الغريبة، سوى أنه تسول مخجل للدعم من بعض العواصم الغربية للبقاء أكثر، وقد شارفت مدة الحكومة على الانتهاء، نهاية يونيو/ حزيران المقبل، من دون أن تتبين أنه من الممكن أن ترد موسكو على هذه المواقف قريباً، وربما نهاية الشهر الحالي في مجلس الأمن، حين سيتم النظر في قضية تمديد ولاية البعثة الأممية، وسط خلاف غربي روسي منذ أشهر، فإما يتم التمديد وهو احتمال ضئيل، أو يتم تجميد البعثة، وهو أكثر السيناريوهات المرجحة في ظل إمكانية تمدد الخلاف الروسي الغربي إلى خارج رقعة أوكرانيا ليطاول ملفات أخرى. ومن المؤكد أن الملف الليبي من بينها، الذي لم يبقَ فيه أي حديث عن الاستقرار والسلام إلا بإدارة البعثة الأممية.