انتخب حزب الخضر الألماني، السبت، خلال المؤتمر الحزبي الافتراضي، قيادة جديدة له خلفاً لكل من الزعيمين المشاركين، أنالينا باربوك التي تولت وزارة الخارجية، وروبرت هابيك الذي اختير أيضاً من قبل الحزب البيئي ليكون وزيراً للاقتصاد وحماية المناخ في ائتلاف إشارات المرور الحكومي، بزعامة الاشتراكي أولاف شولتز. ويأتي ذلك تطبيقاً للقانون الحزبي الذي يمنع الدمج بين الوظيفتين بعد أن كانا قد قادا الحزب خلال الأربع سنوات الماضية.
وبعد يوم انتخابي طويل، انتخب كل من عضوي البوندستاغ، أوميد نوريبور وريكاردا لانغ، زعيمين لقيادة الحزب البيئي للمرحلة المقبلة، وحصل نوريبور (46 عاماً) على 621 صوتاً من أصل 752 من أصوات المندوبين، فيما نالت لانغ (28 عاماً) 552 صوتاً، وتعتبر أصغر سياسية تشارك في قيادة حزبها.
وفي كلمة لها بعيد انتخابها، دعت لانغ، التي شغلت منصب عضو مجلس تنفيذي منذ عام 2019، لجعل حماية المناخ والعدالة الاجتماعية أساس سياسات الحزب البيئي في عام 2022، مشيرة إلى أنّ على الحزب حل التناقض الخاطئ بين حماية المناخ والقضايا الاجتماعية، قبل أن تضيف أن الحكم مع الاشتراكي الديمقراطي والليبرالي الحر ليس عقاباً، بل فرصة عظيمة، وعلى الخضر أن يمنح الناس الدعم والثقة، واعدة بأن يدافع الخضر عن التغيير حتى في الأوقات الصعبة، ويجب أن يكون له دور مستقل، وأن يستمر في توضيح مواقفه الخضراء، وهذا يعني ترسيخ نفسه بوصفه حزباً بيئياً.
أما السياسي المخضرم من أصول إيرانية، نوريبور، الذي يمثل حزبه في البوندستاغ منذ 18 عاماً، ويدير السياسة الخارجية والأمنية في الخضر، فقال في خطاب ترشحه إن هدفه تحفيز الأشخاص من أصول مهاجرة على الانخراط في السياسة، متعهداً بُعيد انتخابه بدعم القيادة لوزراء الخضر المشاركين في التحالف الحاكم.
وأمام نوريبور ولانغ الآن امتحان لإبراز سياسة واضحة للحزب البيئي بعد الاتهامات التي تساق بحق الحزب، من أنه تحوّل إلى حزب الوسط، وأنه فشل في تحقيق توقعات مناصريه بفعل تنازلاته في ورقة الائتلاف عن العديد من القضايا التي حملها في برنامجه للانتخابات البرلمانية العامة، خريف 2021، وبينها الدعم الاجتماعي وحماية المناخ والاحتباس الحراري وغيرها. وهو ما أدرجه السياسي عن الحزب، رئيس وزراء ولاية بادن فورتمبيرغ، فينفريد كرتشمان، في مداخلته، متحدثاً عن تنازلات مؤلمة كان على الخضر قبولها في ورقة الائتلاف.
وفي خضم ذلك، قالت رئيسة كتلة الخضر في البوندستاغ، بريتا هاسلمان، في لقاء مع شبكة "إيه أر دي" الإخبارية، إن وزراء حزبها في التحالف الحاكم بدأوا بالفعل بالعمل على قضايا مهمة في الحكومة الجديدة، بينها العمل في مجالات البيئة والزراعة معاً، وأمن الطفل الأساسي في سياسات الأسرة، لافتة إلى أن التحديات التي يواجهها الخضر مع المشاركة في الحكومة كبيرة، حيث يجب إعادة استكشاف التعاون بين الوزارات والكتلة البرلمانية والحزب، خاصة عندما يتعلّق الأمر بشرح قرارات الحكومة والتنازلات لوزراء الحزب في الحكومة الاتحادية، وسيتعين على قيادة الحزب الجديدة التنسيق والربط بين من هم في السلطة والقواعد الحزبية، وهذه لسيت مهمة سهلة.
وفي السياق، اعتبر الباحث السياسي البريشت فون لوك، أن القيادة الجديدة للخضر ستكون أمام مهمة كبيرة، وعليها أن تشرح لناخبيها وأعضاء الحزب ما تفعله الحكومة، مشدداً على أن الحقائق القاسية للأعمال السياسية ستحبط التوقعات الضخمة لحزب الخضر، ولا سيما أن هناك حركات بيئية يتغذى منها الخضر، بينها حركة حماية المناخ "الجمعة من أجل المستقبل"، التي عبّرت بالفعل عن عدم رضاها عن نتيجة اتفاق التحالف الحكومي، وتصر على مضي الخضر بأجندتهم البيئية.
من جهة أخرى، يرى المراقبون أن الحزب البيئي خضع لتحولات مذهلة في السنوات الأخيرة، من خلال مضاعفة أعداد المنتسبين الشباب إلى صفوفه، الأمر الذي أثمر نتائج باهرة في صناديق الاقتراع، بعد أن كان جدلياً وبات الآن يتحلى بالكثير من الانضباط مع وصوله إلى السلطة. ولذلك بات عليه أن يُتبع هذه المؤشرات بتغييرات فعلية، بدلاً من التعامل مع الحساسيات السياسية الحزبية في بعض الملفات، بعد 16 عاماً في المعارضة. وفي السياق، رأت صحيفة "دي تسايت" أنّ من المرجح أن يكون العثور على المزيج الصحيح بين الاستقلالية والولاء للحكومة الاتحادية هو التحدي الحقيقي لقادة الحزب الجدد.