جاء وقع حكم المحكمة الإدارية في مدينة كولن الألمانية، الثلاثاء، والذي أجاز للاستخبارات الداخلية مراقبة حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني الشعبوي، مع تصنيف الحزب بأكمله كحالة مشتبه بها، مدويًا في الأوساط السياسية الألمانية.
وبينت المحكمة، في حيثيات قرارها، أن هناك مؤشرات واقعية كافية وحقائق، وليست افتراضات، بأن هناك "أدلة فعلية" على وجود تطلعات معادية للدستور داخل الحزب اليميني الشعبوي، وأن القائمين على ما اصطلح على تسميته "جناح حزب"، المنحل رسمياً، ما زال لهم تأثيرهم ونفوذهم الواسع داخل الحزب وفي منظمة شباب البديل.
ورغم نفي الحزب بالكامل لكل ما جاء في قرار محكمة كولن، وتأكيده أنه يحمل في خلفياته دوافع سياسية بحتة، وينتهك حق الأحزاب في تكافؤ الفرص، فإن أول تداعيات القرار خلف اضطرابات كبيرة داخل الحزب اليميني الشعبوي الألماني، الأمر الذي دفع الحزب لطمأنة أعضائه، سيما وأن الأخير مهدد بخطوة أخرى نحو العزلة.
وإزاء ذلك، أرسل المدير التنفيذي للبديل تعميماً بواسطة البريد الإلكتروني إلى جميع الأعضاء في محاولة لتهدئة الوضع، لأن القلق والإحباط كبيران. ووفق "إيه آردي" الإخبارية، لم ترد في الرسالة البريدية كلمة واحدة حول ما أوضحه القاضي بالفعل في حكمه، والذي استشهد بتصريحات "الجناح" المعادية للأجانب، بينها "مهاجرو السكين"، وأن هناك جهوداً مناهضة للدستور داخل الحزب اليميني الشعبوي.
وعن العواقب المحتملة، بينت التقارير الصحافية الألمانية، الأربعاء، أن هناك توجساً داخل قيادة البديل من حدوث استقالات ونزوح جماعي عن صفوف الحزب، فيما يخشى آخرون من أن يتعرضوا لمزيد من العزلة السياسية، في وقت يتحضر فيه الحزب للمشاركة في الانتخابات البرلمانية الولائية المقررة هذا العام في كل من سارلاند وشمال الراين فستفاليا وشليسفيغ هولشتاين وساكسونيا السفلى. فضلاً عن ذلك هناك خشية لدى موظفي القطاع العام والقضاة وضباط وعناصر الشرطة المنتمين إلى "البديل" من إجراءات تأديبية أو تخفيض لاستحقاقاتهم التقاعدية. ومن ناحية أخرى، من المرجح أن تتفاعل جمعيات الولايات الشرقية بشكل أكثر استرخاءً، بينها سكسونيا وتورينغن وبراندنبورغ.
وأمام ذلك، يبدو أن الحكم قد يشكل نقطة تحول داخل البديل اليميني الشعبوي. وفي الإطار، شدد رئيس مكتب حماية الدستور توماس هالدنفانغ، في البرنامج الصباحي المشترك بين القناة الأولى "إيه آردي "والثانية "زد دي أف"، اليوم، أنه وبعد كل شيء فإن من يقوم بالخدمة العامة والنواب أقسموا على الالتزام بالدستور، معرباً عن اعتقاده بأنه ستكون هناك مراجعات فردية حول ما إذا كان بإمكان هؤلاء الاستمرار في الجمع بين الوظيفة العامة وعضويتهم في الحزب المتطرف. مع العلم أن العضوية في الحزب لا تكفي لإجراء تأديبي محتمل، ويجب التأكد من كل حالة، وما إذا كان حصل انتهاك للدستور.
وفي سياق متصل، قال نائب رئيس كتلة الخضر في البوندستاغ، كونستانتين فون نوتز، إنه ولأول مرة يمكن وضع رقابة على حزب ممثل في البوندستاغ من قبل الاستخبارات الداخلية، وهذا بالطبع يثير التساؤلات.
أما السياسي عن المسيحي الديمقراطي روديريش كيزيفتر، فأشار إلى أن "البديل" عضو في لجنة الرقابة البرلمانية في البوندستاغ، والذي، من بين أمور أخرى، من المفترض أن يراقب نوابه عمل هيئة حماية الدستور، ولا يمكن أن يبقى الأمر على هذا الحال، قبل أن يوضح، وفق ما ذكرت "إيه آر دي"، أنه وإذا ما تم تأكيد هذا الحكم في محكمة الاستئناف، فلا يمكن لطرف مصنف كحالة مشتبه بها، أن يكون عضواً" في لجنة الرقابة البرلمانية.
ومن وجهة نظر سياسية، بيّنت التعليقات أن القرار جاء في الوقت الخطأ لـ"البديل"، وقبل وقت قصير من انتخابات في عدد من الولايات، حتى إن وزير العدل الاتحادي المنتمي إلى الليبرالي الحر، ماركو بوشمان، تحدث عن أن الحكم إشارة إلى المواطنين للتفكير ملياً فيما إذا كان بالإمكان التصويت لمثل هذا الحزب.
يذكر أنه لا يزال يحق للحزب اليميني الشعبوي استئناف الحكم أمام المحكمة الإدراية العليا في مدينة مونستر والمحكمة الفيدرالية في لايبزيغ. وفي حال ثبت الاشتباه بالبديل كحزب متطرف، يمكن لمكتب حماية الدستور مراقبته باستخدام أدوات استخباراتية سرية، بينها تعيين مخبرين سريين من بيئة الحزب لمراقبة الأعضاء أو الاتصالات.