تضمنت مسودة "إعلان الجزائر" التي تمت مناقشتها من قبل وزراء الخارجية العرب، خلال الاجتماع التشاوري الذي دام يومين، 20 بندا أساسيا، إضافة إلى أربعة بنود ملحقة، تصدرتها بنود تتعلق بالقضية الفلسطينية والأمن العربي، والأوضاع في ست دول عربية تعاني من غياب الاستقرار ومن أزمات سياسية واقتصادية حادة، وقضايا تهم علاقة المجموعة العربية بمحيطها الخارجي والإقليمي، كما أدرج بند يخص إصلاح الجامعة العربية بعد إصرار الجزائر.
وأدرج في مسودة "إعلان الجزائر" بند يخص القضية الفلسطينية على ضوء التطورات الخطيرة التي تشهدها الأراضي المحتلة، ومستجدات الصراع العربي الإسرائيلي، حيث تم التركيز على ضرورة توفير الدعم المالي للشعب الفلسطيني وإنفاذ اتفاق الجزائر بين الفصائل الفلسطينية.
وقال مساعد وزير الخارجية الجزائري صالح بوشة لـ"العربي الجديد"، إن العمل على إنفاذ اتفاق الجزائر بين الفصائل استدعى إجراء مزيد من المشاورات، الإثنين، لبحث آلية تطبيق البند التاسع من الاتفاق الفلسطيني، المتعلق بتشكيل فريق عربي برئاسة الجزائر، وأكد أنه يجري البحث عن التوافقات الضرورية بشأن ذلك.
وأدرجت في المسودة بنود تخص الأوضاع في ست دول عربية تعاني من مشكلات متفاقمة اقتصاديا واجتماعيا، ومن الاحتراب الداخلي والهشاشة السياسية، على رأسها ليبيا، حيث جرى نقاش بشأن مسألة الانتخابات وضرورة إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في أقرب وقت ممكن، وتشكيل حكومة تمثل كل الليبيين.
وحاز الملف اللبناني نصيبا من النقاش، حيث تضمنت المسودة تأكيدًا على الدعم والتضامن مع لبنان في ظل الظروف السياسية والاقتصادية الراهنة. كما حازت تطورات الوضع في اليمن على نصيبها من النقاش، حيث تضمنت المسودة دعوات لضرورة دعم جهود العودة إلى الشرعية.
كما بحثت الأوضاع المتقلبة في السودان الذي يواجه مشكلات على صعيدي السلام والتنمية. وتمت مناقشة دعم جمهوريتي الصومال وجزر القمر، وتم التطرق إلى ملف الجزر الإماراتية المحتلة.
وعلى الرغم من غياب الملف السوري عن القمة للأسباب المتعلقة بتجميد مقعد النظام في الجامعة العربية منذ عام 2012، فإن تطورات الأزمة السورية كانت حاضرة في نقاشات وزراء الخارجية العرب، حيث تقرر تضمين "بيان الجزائر" بما يشير إلى ضرورة تحقيق انخراط أكبر للجامعة العربية وتفعيل دور عربي في الملف السوري، للبحث عن حل لهذه الأزمة.
التدخلات الإيرانية والتركية
وتضمنت المسودة ثلاثة بنود تخص المسائل الأمنية والأمن العربي والعلاقة مع دول الجوار، تشير بوضوح إلى التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية، والدعوة إلى اتخاذ موقف إزاء دعم السيادة العراقية، في إشارة إلى العمليات العسكرية التي تقوم بها تركيا داخل الأراضي العراقية ضد "حزب العمال الكردستاني"، إضافة إلى تخصيص بند يتعلق بمكافحة الإرهاب والتطرف وتعزيز التنسيق بين المنظومة الأمنية العربية في هذا المجال.
إصلاح الجامعة العربية وتعزيز العمل العربي المشترك
وأضيف إلى البنود الـ19 بند اقترحته الجزائر حول إصلاح الجامعة العربية وتحيين منظومة العمل العربي المشترك بهدف الاستجابة إلى الحاجيات الملحة والاستحقاقات الرئيسية للمنطقة العربية، وهو بند كان محل إجماع بين وزراء الدول العربية الذين أكد معظمهم الحاجة إلى إجراء مراجعة عملية لمنظومة العمل العربي المشترك ومؤسسات الجامعة، وإدراج المجتمع المدني ضمن مؤسسات الجامعة، لكن الصيغة النهائية المتعلقة ببند إصلاح الجامعة لم يتم حسم صيغتها النهائية الخاصة بآليات متابعة تنفيذ القرارات والبحث عن صيغة تخص الطابع الإلزامي لتنفيذها، وتطوير عمل البرلمان العربي، عبر تعديل مواد في نظامه الأساسي.
ووصف مندوب الجزائر الدائم بالجامعة العربية حميد شبيرة، في تصريح صحافي، مسألة إصلاح الجامعة العربية بأنها "ملف مهم أصرت الجزائر على طلب إدراجه"، وهذه هي المرة الثانية التي تدعو فيها الجزائر لمشروع إصلاح الجامعة العربية، بعد مشروع تطويري كانت قد قدمته في قمة الجزائر عام 2005.
كما جرت مناقشة بنود تخص الشق الاقتصادي، على غرار إجراء تقييم لمسار منطقة التبادل الحر، والاتحاد الجمركي العربي، والرقمنة والمؤسسات الناشئة ضمن الاقتصاديات البديلة، والانعقاد الدوري للقمة العربية الاقتصادية والاجتماعية، واعتماد مجموع اللوائح التي كان قد توصل إليها المجلس الاقتصادي والاجتماعي.
وكان وزير الشؤون الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة قد أكد في تصريحات أدلى بها للإذاعة الجزائرية الرسمية، تجاوز الخلافات الحاصلة حول بعض البنود والقضايا، سواء بترحيلها إلى محطات عربية أخرى، أو بإيجاد الصيغ المرضية التي تعكس حدوث توافق عربي، وقال إن "مشاورات وزراء الخارجية كللت بنتائج توافقية، واتسمت بالصبر والروح الإيجابية البناءة"، مشيرا إلى أن "النتائج التوافقية ستسهل عمل القادة"، في مؤتمر القمة الذي سيلتئم غدا الثلاثاء.
فيما أكد شبيرة أن "قمة الجزائر تجاوزت عقبات عدة وكمائن تستقصد التشويش عليها منذ فترة"، وقال "كانت هناك العديد من محاولات للتشويش على انعقاد القمة العربية منذ الإعلان عن احتضان الجزائر لها"، مضيفا أن "المحاولات فشلت بفضل سياسة الجزائر القائمة على المصداقية واحترام سيادة الدول".
وأشار إلى أنه وعلى ضوء مخرجات الاجتماع الوزاري، فإن "مسار القمة العربية يتجه بدون شك نحو تحقيق نتائج مبهرة لصالح القضايا العربية" خاصة بشأن مشروع قرار سيعرض على القادة العرب، لمتابعة تنفيذ اتفاق المصالحة الفلسطينية برئاسة الرئيس عبد المجيد تبون، وبشأن مشروع آخر حول الأزمة الليبية.