أفكار للقمة العربية الطارئة: ترتيبات أمنية جديدة في غزة

04 نوفمبر 2023
ترفض مصر توجيه نازحي شمال غزة للجنوب (داوود نمر/فرانس برس)
+ الخط -

كشفت مصادر مصرية مطلعة على تحركات القاهرة بشأن التداعيات الخاصة بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ومصادر أخرى دبلوماسية، طبيعة المباحثات الجارية في الوقت الراهن، على المستويين الداخلي والإقليمي، في ما يخص العدوان الإسرائيلي.

وقال مصدر دبلوماسي مصري، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "مباحثات موسعة تجرى على المستوى العربي في الوقت الراهن استعداداً للقمة العربية (غير العادية)، المقرر عقدها في 11 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي"، مشيراً إلى أن "الفترة الراهنة تشهد دراسة مجموعة من الرؤى الخاصة بالترتيبات الأمنية والمعيشية في القطاع عقب انتهاء العدوان الإسرائيلي".

تصورات أميركية وإسرائيلية لغزة عقب العدوان

وبحسب المصدر، فإن "هناك تصورات أميركية وإسرائيلية بشأن شكل الترتيبات الأمنية في القطاع عقب الانتهاء من العدوان"، موضحاً أن "الإدارة الأميركية نقلت لقوى عربية تلك التصورات، والتي تتضمن عدم إعادة إعمار منطقة شمال غزة بالكامل مجدداً عقب انتهاء العدوان، وذلك في إطار توسيع المنطقة العازلة مع قطاع غزة".


الإدارة الأميركية نقلت لقوى عربية بعض تصوراتها، والتي تتضمن عدم إعادة إعمار منطقة شمال غزة بالكامل

وأضاف المصدر أن "تصوراً أميركياً إسرائيلياً، من الوارد جداً أن تجرى مناقشته خلال الجلسات المغلقة على هامش القمة العربية التي ستُعقد في العاصمة السعودية الرياض، يتضمن نشر قوات دولية وعربية، على محور فيلادلفيا، بأعداد كبيرة بطول المحور المتاخم للحدود المصرية، في محاولة لمنع ما يسميه الجانب الإسرائيلي بتهريب الأسلحة، والمواد المستخدمة في بناء الأنفاق عبر الحدود مع مصر". وأشار إلى أن "الإدارة الأميركية سلّمت القاهرة، أخيراً، تقريراً استخبارياً إسرائيلياً تضمّن أسماء قيادات مصرية، زعم أنها تدير ما يُعرف بتجارة الأنفاق، وذلك على الرغم من تدمير الغالبية العظمى منها، وصعوبة إقامة أنفاق جديدة في ظل الإجراءات الأمنية التي تتبعها القاهرة منذ عام 2016، وإقامة المنطقة العازلة بطول الحدود بين رفح المصرية وقطاع غزة".

كما قال المصدر المصري إن "هناك من بين التصورات المطروحة ما ترفضه القاهرة، كونه يمثل تهديداً لأمنها القومي، ومن بين تلك التصورات: توجيه الكتلة السكانية المهجرة من شمال القطاع إلى جنوبه، بمحاذاة الحدود المصرية، حيث ترى القاهرة في تلك الخطوة قنبلة موقوتة على حدودها الشرقية، جاهزة للانفجار في أي لحظة".

في غضون ذلك، قال مصدر دبلوماسي مصري آخر لـ"العربي الجديد" إن القاهرة "لم تحسم بعد حجم تمثيلها في القمة العربية الطارئة". ولفت إلى أن "تقديرات القاهرة، في الوقت الحالي، ترى أن هناك تباينات واضحة في مواقف القادة العرب بشأن الوضع في قطاع غزة، وهو ما قد ينذر بموقف مشابه لما حدث خلال القمة الإقليمية التي عُقدت في القاهرة في 21 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والتي فشلت في الخروج ببيان موحد واعتراض بعض الزعماء العرب على مسودة البيان المقترح". وقال المصدر إن القاهرة "تتبنّى في الوقت الحالي موقفاً أميل للتعاطي وتوسيع التعاون مع الدول التي تشاركها الموقف نفسه، لتجنّب التضارب وللوصول إلى نتائج عملية سريعة".

وكشف مصدر آخر أن "رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أكد، خلال اتصالات جرت أخيراً، صعوبة إدارة السلطة بشكل منفرد القطاع خلال الفترة المقبلة في حال جرى القضاء على حركة حماس وتسليم القطاع للسلطة، مشيراً إلى أن القطاع بوضعه الحالي، عقب كمّ الدمار جراء العدوان الأخير، يصعب معه تحمّل مسؤوليته، لافتاً إلى إمكانية استحداث نظام لإدارة القطاع".

مهمة صعبة بعد المرحلة الجديدة في غزة

ورأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة حسن نافعة أن الحديث عن أجندة للقمة العربية المرتقبة قد يتغير مع مرور الوقت. وقال نافعة لـ"العربي الجديد": "إلى أن تُعقد القمة العربية الطارئة المقررة في الرياض بعد نحو أسبوع، ستكون المنطقة دخلت في مرحلة جديدة"، موضحاً أن "كل شيء يتوقف الآن على نتيجة الحرب الدائرة في قطاع غزة، ومدى قدرة حماس على الصمود".

نافعة: كل شيء يتوقف على نتيجة الحرب الدائرة في غزة، ومدى قدرة حماس على الصمود

بدوره، قال المساعد السابق لوزير الخارجية المصري السفير رخا أحمد حسن، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "القمة العربية الطارئة ستكون أمامها مهام بالغة الصعوبة بالنسبة لغزة والقضية الفلسطينية". وأضاف: "بالنسبة لغزة، ستكون قد أحدثت فيها إسرائيل أكبر تدمير، تحقيقاً لمقولة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أنهم "سيحوّلونها إلى خرائب"، هذا إلى جانب تضاعف أعداد القتلى من المدنيين والأطفال". وتابع: "هذا يتطلب من القمة العربية التعهد بمساعدات كبيرة لإعادة الإعمار، خصوصاً المستشفيات والمدارس التي دمرتها إسرائيل، وضمان إمدادات الطعام والماء والدواء، إلى أن تعود الحياة إلى قطاع غزة تدريجياً إلى طبيعتها بعد وقف القتال".

وأضاف حسن: "أما بالنسبة لتهجير أهالي غزة إلى سيناء، فقد حُسم الموضوع بالرفض القاطع من مصر ومن الفلسطينيين أنفسهم والسلطة الفلسطينية والأردن، لأن هدف التهجير تصفية القضية الفلسطينية، وتهجير فلسطينيي الضفة الغربية إلى الأردن بعد غزة".

وقال الدبلوماسي السابق إن "القمة العربية ستبحث سبل العودة إلى حل القضية الفلسطينية، وفقاً لحل الدولتين، بإقامة دولة فلسطينية على حدود 4 يونيو/حزيران 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وفقاً للمرجعيات الدولية والمبادرة العربية"، معتبراً أن "هذا يتطلب جهوداً مكثفة ومستمرة في مواجهة ما سيعقب وقف القتال من تغيير الحكومة في إسرائيل وتوجهات الحكومة الجديدة، إلى جانب استغراق الولايات المتحدة في الانتخابات الرئاسية، وعدم توقع أن تنجز إدارة جو بايدن الحالية تقدماً على طريق حل الدولتين". وختم بالقول: "الخلاصة أن القمة العربية تواجه تحديات ومطالب كثيرة تعتمد على ما سيصدر عنها من قرارات ومتابعة تنفيذها".