أسير فلسطيني في معتقل عوفر ينتقد ازدواجية المعايير في رسالة لماكرون

14 يوليو 2022
الحموري يقبع في سجون الاحتلال رهن الاعتقال الإداري (Getty)
+ الخط -

كتب الأسير الفلسطيني الفرنسي صلاح الحموري رسالة من معتقل عوفر الإسرائيلي إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بمناسبة عيد استقلال فرنسا، الذي يصادف اليوم الخميس، منتقداً إياه لازدواجية المعايير التي يمارسها وادّعاء التزامه بقيم الديمقراطية.

وقال الحموري في رسالته لماكرون: "إلى الرئيس ماكرون من زنزانة رقم 4 في سجن عوفر بتاريخ 3 يوليو/تموز 2022، أكتب لك هذه الرسالة، ونحن على أعتاب تاريخ 14/07، هذا التاريخ العظيم الذي غير وجه العالم، وجلب قيم الإنسانية والديمقراطية، وثبت شعار الجمهورية الفرنسية: (حرية وإخاء ومساواة)".

وأكد الحموري أن "هذه المعايير والقيم الإنسانية التي كانت نتاج النضال الذي خاضه مئات آلاف الفرنسيين من أجل الخلاص من الظلم والفقر والاضطهاد، حيث لا يزال سقوط سجن (الباستيل) في هذا التاريخ يشكل بالنسبة لي بوصلة عنوانها أن الشعوب هي صاحبة الحق في تقرير مصيرها".

وقال الحموري: "أود اليوم من خلال هذه الرسالة فقط تذكيرك أنني موجود في باستيل اسمه عوفر على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتذكيرك أيضاً أني معتقل على ذمة الاعتقال الإداري للمرة الثالثة، وهو الاعتقال الذي لا توجه فيه أي تهم، وأخضع فيه مع بقية الأسرى الإداريين لمحكمة عسكرية صورية تحمل نفس الشكل والمضمون للمحاكم العسكرية التي كانت في فرنسا، والتي حكمت بالإعدام وسحب الجنسية على الجنرال ديغول".

وتساءل الحموري "هل تعلم سيادة الرئيس أننا في سجون دولة احتلال تصنفها العديد من المؤسسات القانونية والحقوقية التابعة للأمم المتحدة أنها دولة أبارتهايد؟ وأحد أسباب هذا التصنيف هو الاعتقال الإداري، وهو كما وصفه الزعيم الصهيوني مناحيم بيغن أثناء جلسة في الكنيست بأنه اعتقال قائم على (قانون استبدادي وغير أخلاقي) عام 1951".

وتابع: "اسمح لي أن أسالك اليوم: ما هو السبب في ازدواجية معاييرك في التعامل مع الشعوب التي تخضع للظلم؟ عندما رأيتك في أكثر من مناسبة وأنت تدافع عن الشعب الأوكراني، وتتحدث عن آلامه وعذاباته، ونسيت أو تتناسى أننا شعب يتعرض للظلم والاحتلال منذ 74 عاماً. هذه هي نفسها دولة الاحتلال التي تصر أنت على معاملتها كدولة فوق القانون الدولي، وهي مستمرة في سياسة التطهير العرقي الكولونيالي، وتسعى كل يوم إلى تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه".

الحموري خاطب الدولة الفرنسية قائلاً: "أنا اليوم وبصدق، أشعر كأنني مواطن من الدرجة الرابعة أو الخامسة بالنسبة للدولة الفرنسية، في ظل استمرار فرنسا بالتغاضي، والسماح لدولة الاحتلال بالاستمرار في اعتقالي بدون تهم وبدون محاكمة".

وتابع الحموري "يجب أن تعلم سيادتك أن قيم الحرية والعدل والمساواة هي قيم غير قابلة للتجزئة، وهي من حق كل الشعوب، وأتمنى أن تمتلك القليل من الجرأة من أجل الضغط على دولة الاحتلال لإطلاق سراحي".

ويقبع الأسير الحموري في سجون الاحتلال رهن الاعتقال الإداري، وكانت سطات الاحتلال جددت في السادس من الشهر الماضي، وقبل ساعات من موعد الإفراج عنه، الاعتقال الإداري بحقه مدة ثلاثة أشهر أخرى، علماً أن قرار تجديد أمر الاعتقال الإداري قد وقع عليه بتاريخ 2/6/2022.

والحموري أسير محرر ومعتقل إداري سابق، ويحرمه الاحتلال من رؤية زوجته وأطفاله، حيث رحلت سلطات الاحتلال زوجته إلى فرنسا أثناء عودتها إلى القدس بعد احتجازها في المطار قبل سنوات.

واعتقل الحموري للمرّة الأولى في عام 2001 مدّة خمسة أشهر، ثمّ اعتُقل إدارياً في عام 2004 مدّة أربعة أشهر، وبعدها اعتُقل في عام 2005 مدّة سبع سنوات، وأعيد اعتقاله في عام 2017 إدارياً مدّة 13 شهراً، ثم اعتقل في السابع من مارس/آذار الماضي 2022، في حين مُنع من دخول الضفة الغربية مدّة عامين، وهو مقاطعٌ محاكمَ الاحتلال المختصة بالاعتقال الإداري.

وصلاح الحموري هو محامي ومدافع عن حقوق الإنسان ويعمل في مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، والدته فرنسية ووالده فلسطيني من مدينة القدس التي ولد وعاش فيها، متزوج من فرنسية وأب لطفلين، يتعرض لحملة ممنهجة ضده من قبل سلطات الاحتلال بدءًا من اعتقاله الإداري والتعسفي والتجسس على هاتفه ومراقبته، وصولًا إلى سحب إقامته المقدسية، حيث إنه وخلال شهر أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، صادق المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية ووزير القضاء الإسرائيلي على قرار سحب هوية الحموري وحرمانه من الإقامة في القدس بحجّة "خرق الولاء" لدولة الاحتلال.

ورفعت قبل أشهر دعوى قضائية من قبل الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان والرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان، وبدعم من عدة مؤسسات، ضد شركة "إن إس أو" الإسرائيلية للتكنولوجيا لقيامها باختراق هاتف المحامي صلاح الحموري.

ويعود الكشف عن هذا الاختراق إلى شهر أكتوبر/تشرين الأول 2021، حيث تعرض الحموري لاختراق هاتفه إلى جانب عدد من أجهزة هواتف العديد من المدافعين الحقوقيين بواسطة تكنولوجيا تابعة لمجموعة "إن اس أو"، وهي شركة تكنولوجيات إسرائيلية معروفة باستخدامها برنامج "بيغاسوس" التجسسي.