أسبوع عصيب على ترامب بين محكمتي القانون والرأي العام

21 اغسطس 2023
يواجه ترامب هذا الأسبوع 3 استحقاقات مهمة (Getty)
+ الخط -

على الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب مواجهة ثلاثة استحقاقات مهمة، وربما فاصلة هذا الأسبوع. الأول قانوني - دفاعي ألزم نفسه به، لكنه سرعان ما تراجع عنه قبل حلول موعده اليوم الاثنين. الثاني انتخابي، حدّده الحزب الجمهوري بعد غد الأربعاء، لكن ترامب تهرّب منه مسبقاً تحت ضغط لوائح الاتهامات الصادرة بحقه. أمّا الثالث، فقضائي صارم لا يقبل الجدل، وعليه تنفيذه يوم الجمعة المقبل أقصى حدّ، بتسليم نفسه إلى سلطات سجن مقاطعة فولتون في ولاية جورجيا، لتقوم بالإجراءات الأولية قبل المثول أمام المحكمة.

الاستحقاق الدفاعي ورّط ترامب نفسه به، ليضطر إلى سحبه بناء على إلحاح فريق محاميه. فقبل أيام، وعد بتقديم تقرير مفصل اليوم الاثنين، في مؤتمر صحافي، يبيّن فيه "بالأدلة الدامغة، بأن انتخابات 2020 في ولاية جورجيا كانت مزوّرة" ضده، وبما ينقض المزاعم التي استندت إليها لائحة الاتهام التي صدرت بحقه مع 18 من أعوانه الأسبوع الماضي، في هذه القضية.

قبل يومين، سحب وعده وصرف النظر عن التقرير. تراجعه الذي بدا أنه جاء بعد تدخل فريقه القانوني، كشف عن تخبط يعكس خشية حقيقية من المحاكمات المقبلة، وخطر الوقوع بنهاية المطاف في قبضة القانون، وهو الاحتمال المرجح في أوساط المرجعيات القانونية، ومن بينها وليام  بار، وزير العدل السابق في إدارته، الذي رأى أن "الاتهامات مشروعة"، وأنه يتوقع صدور حكم بإدانة المدّعى عليه في "الصيف المقبل"، أي عشية الانتخابات، وفي ذلك وصفة لأزمة دستورية غير مسبوقة، خصوصاً إذا جاء الحكم بالسجن – وهو غير مستبعد - وكان ترامب هو المرشح عن الحزب الجمهوري.

الاستحقاق الثاني يتمثل بالمناظرة الأولى بعد غد الأربعاء، بين المتنافسين الجمهوريين على الترشيح الحزبي. ترامب أعلن الأحد، بعد تردد طويل، أنه لن يشارك فيها. استعاض عنها بمقابلة يجري بثها أثناء المناظرة. من تبريراته أنه غير مضطر للمشاركة في مداخلات مع مرشحين يتفوق على أقربهم إليه بحوالي 40 نقطة. وهذا صحيح. فهو ما زال في الطليعة برغم لوائح الاتهامات في أربع قضايا.

62 بالمائة من الجمهوريين معه. لا منافس له في الحزب حتى الآن. المرشح رون ديسانتيس الذي كان يُعتبر الندّ الجدي لترامب لم يتجاوز بعد عتبة 16 بالمائة من الناخبين الجمهوريين. المرشحون العشرة الآخرون ما زالوا بين 2% و8%. في الحالات العادية، من شأن هذه الفوارق الواسعة أن تعزز مكانته، وبما يؤدي إلى تساقط معظم الآخرين قبل المناظرة الثانية في أكتوبر/ تشرين الأول أو نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل. لكن الوضع غير عادي، وغيابه عن المناظرة في ظل ظروفه، هروب، إذ لن يقوى على التفوق في المداخلات مع منافسيه، وهو يحمل على كتفيه 91 تهمة جنائية.

حمل ثقيل بدأ يؤثر على وضعه في صفوف الجمهوريين الوسط، والمستقلين، ولو أن قاعدته الصلبة من الجمهوريين لن تتأثر به. كما أن غيابه قد يوفر الفرصة لمرشحين آخرين للصعود إلى الواجهة، مثل كريس كريستي الذي يحظى بدعم القيادات والكوادر والمفاتيح الانتخابية في الحزب الجمهوري، وأيضاً المرشح دوغ بيرغم، حاكم ولاية نورث داكوتا، وغيرهما.

وهذا التأثير مرشح للتزايد مع الاستحقاق الثالث أواخر الأسبوع، يوم تسليم ترامب نفسه للجهات العدلية في جورجيا لأخذ بصماته، وإتمام بقية الإجراءات الإدارية. وحتى الآن، لم يكشف عن كامل التفاصيل، ولا عن موعد التوقيف، والخطوات التي تسبق حضور المتهمين أمام المحكمة لتبليغهم لائحة الاتهامات، والتي يتردد أنها ستكون مشابهة إلى حدّ بعيد لتلك التي يجري تطبيقها على سائر المتهمين بارتكابات جنائية.

مرور ترامب بهذه المحطة، وللمرة الرابعة في الأشهر الأخيرة، له كلفته الانتخابية في محكمة الرأي العام، الذي بات بغالبيته يأخذ بمشروعية الاتهامات، لكن من حسن حظ ترامب أن منافسه، الرئيس الحالي جو بايدن، متعثر في تعزيز رصيده الذي يفترض أن يحلّق في ضوء متاعب ترامب القانونية المرشحة للتفاقم وسط حملة انتخابية متداخلة مع سلسلة محاكمات لا بد وأن تكون وقائعها ورقة بيد خصومه. وربما ازدادت هذه المتاعب أكثر، إذ ثمة تحرك لرفع دعوى بحرمانه من الترشيح على قاعدة مخالفته لنص التعديل الرابع عشر للدستور، الذي يحظر على "من يتمرد على الدولة الأميركية" الترشح لمنصب رسمي.

المسار القضائي لن يكون سهلاً لإثبات التمرد، لكن من شأنه أن يضاعف من مصاعب ترامب في محاكم القانون ومحاكم الناخبين، وربما من المصاعب الكثيرة التي قد تهدد العملية الانتخابية برمتها.

المساهمون