أسباب عدم الرد المصري على مزاعم الاحتلال أمام محكمة العدل الدولية

23 يناير 2024
من جلسة محكمة العدل الدولية بلاهاي، 12 يناير (دورسون أيديمير/الأناضول)
+ الخط -

علمت "العربي الجديد" أن الحكومة المصرية لم تتقدم حتى الآن بأية مذكرات قانونية إلى محكمة العدل الدولية للرد على مزاعم دفاع الاحتلال الإسرائيلي أمام المحكمة، التي اتهم فيها مصر بالمسؤولية عن دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.

وكان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، ضياء رشوان، قد قال في تصريحات تلفزيونية، إن مصر "تجهّز للرد على المزاعم الإسرائيلية التي قيلت أمام محكمة العدل الدولية"، مضيفاً أن "السلطات المصرية سترسل تعليقاً إلى المحكمة بخصوص المزاعم الإسرائيلية للتأكيد على أنها لم تغلق معبر رفح وكذلك بخصوص عملها على إدخال المساعدات".

مصر والتحرك أمام محكمة العدل الدولية

وكشفت مصادر لـ"العربي الجديد"، أن "التقديرات المصرية الرسمية، ترى أن التحرك دولياً أمام محكمة العدل الدولية بأي شكل من الأشكال، ليس مفيداً بالنسبة لمصر"، مضيفة أن "القرار سياسي وبعيد عن التقديرات القانونية والدبلوماسية، التي قدمها خبراء وقانونيون للمسؤولين عن إدارة ملف العلاقات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي".

وأوضحت المصادر أن "العلاقات المصرية الإسرائيلية ذات أبعاد متعددة، منها ما هو اقتصادي ومنها الأمني والعسكري إضافة إلى العلاقات السياسية، وأن المسؤولين المصريين باتوا على قناعة بأن التحرك دولياً ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي يضر بمصالحهم على أكثر من صعيد، لا سيما أن دولاً كبرى مثل الولايات المتحدة وألمانيا، الحليفة الاستراتيجية لمصر، تدعم إسرائيل في الدعوى المرفوعة ضدها من جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، لذا فإن تدخل مصر رسمياً في الدعوى ضد إسرائيل، قد يؤثر على علاقتها بكل هذه الدول".

وألمحت المصادر إلى أنه "في مقابل ذلك، فإن حكومة الاحتلال تقدم مزايا للحكومة المصرية على المستويات السياسية والعسكرية والأمنية وحتى الاقتصادية".



مصادر: التقديرات المصرية الرسمية ترى أن التحرك أمام محكمة العدل الدولية ليس مفيداً

وكانت وسائل إعلام إسرائيلية قد ذكرت قبل أيام أن مصر "توقفت عن دفع دين كبير مستحق لتل أبيب بسبب الحرب على غزة". وأفادت إذاعة "كان 11" الإسرائيلية أن "القاهرة توقفت عن تحويل أموال تعويضات الغاز الطبيعي إلى إسرائيل بقيمة 30 مليون دولار".

وأضافت أن مصر ملزمة بتحويل هذه المبالغ بموجب اتفاق موقع بين الطرفين وينبع التعويض الذي التزمت مصر بدفعه، من الضرر الذي لحق بصفقة الغاز التي كان من المفترض بموجبها تزويد إسرائيل بالغاز خلال ثورة 2011 وما بعدها.

في سياق ذلك، قال الكاتب الفلسطيني حسام شاكر، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "العالم العربي غائب عن المشهد، خصوصاً مصر، لأنها العاصمة الأهم في العمل العربي المشترك، وهي مرتبطة مباشرة بالوضع الفلسطيني، في غزة خصوصاً، ولها علاقات مع الشعب الفلسطيني ومع الاحتلال الإسرائيلي، وبالتالي من الواضح أن مصر غائبة عن ملف الملاحقة الدولية في المنصات الدولية مثل محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، والمفترض أن تكون مصر في الأوضاع الاعتيادية، هي من تبادر أو تنسق أو تكون لها كلمة بشأن هذه التحركات الدولية والقانونية".

ورأى شاكر أن "غياب مصر، يعبّر عن إرادة سياسية للنأي بالنفس عن أي ضغوط تتعلق بهذا الشأن، والبقاء على التزامات معينة، وإن لم يكن كلها معلنة مع الاحتلال الإسرائيلي، ومع الأميركي، بما يتعلق بتطورات الأوضاع في معبر رفح خصوصاً".

وقال شاكر إن "ما قدمه الفريق القانوني الإسرائيلي يمثل تطوراً جسيماً جداً، وهو محاولة لتحميل وزر الحصار المشدد على الشعب الفلسطيني على عاتق مصر، مما يمثل خطورة بالغة، لتتبرأ قيادة الاحتلال من المسؤولية عن جانب من جوانب الإبادة الجماعية، وتحميلها لمصر".


حسام شاكر: غياب مصر، يعبّر عن إرادة سياسية للنأي بالنفس

وأشار شاكر إلى أن هذه الخطوة "ضربة سياسية وقانونية كبيرة، وعلى المستوى الأدبي أيضاً، لصورة مصر أمام الشعوب والعالم، ويمثل انزلاقاً في كيفية حضور مصر في مشهد الصراع الحالي، إذ من المفترض أن تتفاعل مع ما جرى، في ظلّ امتلاكها أوراقاً عدة للتعامل مع هذا الاتهام، الذي مضى عليه أكثر من أسبوع".

وأكد شاكر أنه "يمكن لمصر مباشرة أن تقوم بخطوات في الميدان تدفع عنها الاتهام الإسرائيلي، وتقوم بإدخال قوافل المساعدات الإنسانية وإخراج الحالات المرضية من دون قيد، ووضع الاحتلال أمام الحقيقة وتقويض مزاعم فريقه القانوني في محكمة العدل الدولية وتقوية موقف جنوب أفريقيا، وإبطال المزاعم الإسرائيلية، وإظهار أن الاحتلال هو من يعرقل دخول المساعدات الإنسانية لغزة، ويشدد الإغلاق على الشعب الفلسطيني بغزة من معبر رفح".

واعتبر أن "مصر فوتت هذه الفرصة ولم تبد تجاوباً، ويبدو أنها تجاهلت هذا الأمر بشكل متعمد ولم تعلق عليه". ورأى شاكر أن "ما يعزز الانطباع أن مصر غائبة عن المشهد وغير معنية، هو صانع القرار المصري غير المعني بتغيير طريقة التعاطي مع الأحداث، مما يزيد من العبء الملقى على عاتق مصر في الجانب المطلوب منها أخوياً برفع الحصار عن غزة".

موقف ضعيف لمصر أمام الادعاء الإسرائيلي

بدوره تطرق الناشط السياسي الفلسطيني رامي شعث إلى الموضوع لافتاً في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إلى أن "موقف مصر حول الادعاء الإسرائيلي ضعيف، وللأسف فإن جزءاً من ذلك الادعاء صحيح، ومصر لا تستطيع الإنكار، بل تقول إنها المسيطرة على المعبر، وإنه جزء من السيادة المصرية، وإن لها الصلاحيات على معبرها، ورغم ذلك تقرر إدخال المساعدات والأفراد بناء على القرار والرغبة الإسرائيلية".

وأوضح شعث أن "المشكلة في رؤية مصر لمكانها ودورها وعلاقتها مع إسرائيل لأن النظام متوافق مع إسرائيل ويتمتع بدعم سياسي غربي، ولذلك فهو ملتزم بالقرار الإسرائيلي حتى لو كان على حساب مصر وأمنها القومي".

من جهتها، قالت مديرة برنامج مصر بمعهد الشرق الأوسط في واشنطن، ميريت مبروك، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "إسرائيل لم تلق اللوم على مصر صراحة في محكمة العدل الدولية، لكنها فقط ألمحت إلى أنه يمكن أن يدخل أي شيء عبر الحدود من مصر إلى غزة".

وأضافت مبروك أن "موقف مصر لم يتغير منذ بداية الصراع ولم يتزحزح، وشدّدت على أن الحدود مفتوحة من ناحيتها، وأنه لا بد من أن تدخل المعونات للشعب الفلسطيني، وأن التعطيل كله يأتي من الجانب الإسرائيلي وأحياناً حماس، لأن إسرائيل طلبت زيادة في إجراءات تفتيش، وأن تمر الشحنات عن طريق معبر كرم أبو سالم".