بعدما شارفت حملة الانتخابات المحلية في تونس في دورها الثاني على النهاية، إذ يُنتظر ذهاب التونسيين نحو صناديق الاقتراع الأحد المقبل، وصف خبراء الحملة بـ"الهزيلة والضعيفة"، وسط رهانات متصاعدة من السلطة لرفع نسب المشاركة في جولة الإعادة.
وتتواصل الحملة الانتخابية إلى غاية الجمعة 2 فبراير/ شباط، لتدخل فترة الصمت الانتخابي يوم السبت 3 فبراير/ شباط، حيث يمنع القانون جميع أشكال الدعاية وقتها وحتى نهاية الانتخابات، فيما يخصص يوم 4 فبراير/ شباط للتصويت بهدف استكمال انتخاب بقية أعضاء المجالس المحلية، البالغ عددها الإجمالي 279 مجلساً.
ووفق ما أعلنه رئيس هيئة الانتخابات، فاروق بوعسكر، ستجرى انتخابات الدور الثاني يوم الأحد الرابع من الشهر المقبل، في 780 دائرة انتخابية من إجمالي 2129 دائرة، وهو ما يمثل نحو 36 % من الدوائر المخصصة لإجراء انتخابات المجالس المحلية، التي ستقود إلى تشكيل المجلس الوطني للجهات والأقاليم (الغرفة النيابية الثانية)، خلال شهر إبريل/ نيسان المقبل تقريباً.
وأعلنت هيئة الانتخابات عن إعداد مخطط اتصالي ودعائي جديد، تحث من خلاله الشباب على تكثيف مشاركته في الدور الثاني من انتخابات المجالس المحلية، بهدف الرفع من نسبة المشاركة المحتشمة في الدور الأول، حيث لم تتجاوز حدود 11.66%، وصفها الخبراء بأنها من أضعف النسب المسجلة خلال المواعيد الانتخابية التي شهدتها تونس بعد سنة 2011.
وبدأت الحملة الانتخابية في الأحياء السكنية والقرى بشكل غير ملحوظ عملياً، في غياب للصور والبيانات الانتخابية أو مظاهر التنافس بين المترشحين، وهو تقريباً المستوى نفسه المرصود خلال بدايات الحملة الانتخابية للدور الأول من هذه الانتخابات.
وسائل تقليدية بحملة الانتخابات المحلية في تونس
وأكد المدير التنفيذي لمرصد "شاهد" لمراقبة الانتخابات ودعم التحولات الديمقراطية، ناصر الهرابي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الحملة الانتخابية في الدور الثاني هزيلة، وهي تواصل لنفس نسق الدور الأول، بل إنها أضعف، فهي تعتمد على وسائل تقليدية، وحتى عند تنقلنا في الشوارع لا نلاحظ وجود انتخابات ستجرى هذا الأحد".
وشدد الهرابي على أن "الحملة الانتخابية إجمالا كانت حملة باهتة، وذلك لعدة اعتبارات، منها أنها تجربة جديدة، ونظام الاقتراع لا يقوم على منافسة كبيرة، خصوصاً في غياب الأحزاب السياسية المقاطعة، وفي ظل غياب التمويل العمومي للحملات، وهو ما أدى إلى أن يتواصل النسق ضعيفاً جداً".
وفسر المدير التنفيذي لمرصد "شاهد" بأن "هناك تأثيراً لمقاطعة الأحزاب السياسية للانتخابات برمتها، وكذلك فإن هناك العديد من الناخبين المسجلين الذين يعتبرون أنفسهم غير معنيين بهذا المسار، وهو ما قد يجعل نسب المشاركة ربما أضعف ولا تتجاوز نسب الإقبال في الدور الانتخابي الأول".
وأشار إلى أن "هناك رهاناً لتحسين نسب المشاركة، ولكن هيئة الانتخابات ليس لديها ما تقدمه، لأن جزءاً من التونسيين لم يشاركوا في المسار عن وعي، رغم ما تبذله الهيئة من محاولات عبر مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام للتحسيس والدعوة للإقبال، ولكن هناك تحدياً حقيقياً لعزوف التونسيين عن المشاركة باعتبار عدم وجود إجماع على هذه الانتخابات".
أزمة اقتصادية واجتماعية
من جانبه، أرجع خبير الشأن الانتخابي والرئيس السابق لشبكة "مراقبون"، محمد مرزوق، في تصريح لـ"العربي الجديد"، بطء نسق الحملة الانتخابية للدور الثاني من الانتخابات المحلية وضعفها في عديدٍ من الدوائر إلى خصوصية هذه الانتخابات من حيث قانونها ونظامها الانتخابي والسياق الاجتماعي والاقتصادي والمناخ الانتخابي.
وأفاد مرزوق بأن "سياق إجراء هذه الانتخابات يتسم بأزمة اجتماعية واقتصادية تمر بها البلاد، إلى جانب غياب توافق سياسي حول الانتخابات، بالإضافة إلى تواصل العدوان في غزة، وتزامن الحملة مع كأس أفريقيا لكرة القدم، وكل ذلك جعل المواطنين ينصرفون عن متابعة الشأن العام عموماً، والانتخابي خصوصاً".
وبيّن أن "نظام الاقتراع على الأفراد وغياب تمويل عمومي وتواتر المحطات الانتخابية وغياب قانون يؤطر اختصاصات المجالس الجديدة، وعديد من العوامل الأخرى، صعّبت مهمة المترشحين للمحليات، وحصرت الحملة في مواقع التواصل الاجتماعي وبعض النشاطات التقليدية، كتعليق الصور والبيانات".