قالت مصادر مصرية خاصة لـ"العربي الجديد"، إن القاهرة تسعى، بشكل حثيث، للتوصل إلى موقف موحد مع السودان بشأن أزمة سد النهضة، خلال الأيام المقبلة، مع زيادة معدلات التنسيق بين الطرفين بشأن مسار المفاوضات. وأوضحت المصادر، أن التصور المصري للأزمة خلال الأيام المقبلة يتمثل في منح مهلة حتى نهاية مارس/آذار المقبل، أمام دولة الكونغو التي من المقرر أن تتولى ملف الوساطة، بعد انتقال رئاسة الاتحاد الأفريقي إليها من جنوب أفريقيا، التي وصفتها المصادر بأنها لم تكن وسيطة نزيهة، وكانت منحازة بشكل واضح إلى إثيوبيا.
وتابعت المصادر أن المسعى المصري هو لتوحيد الموقف مع السودان، تحسباً لنقل الملف مجدداً إلى مجلس الأمن الدولي بعد انتهاء المهلة التي ستمنحها للكونغو، كاشفة أن القاهرة ستستنفد كافة الوسائل الدبلوماسية والتفاوضية الممكنة قبل شهر إبريل/نيسان المقبل، والذي حددته القاهرة، بحسب المصادر، كحد فاصل للتوصل إلى اتفاق ولو مبدئي قبل الموعد المقرر للملء الثاني لخزان السد الإثيوبي في يونيو/حزيران المقبل، وفق المصادر. مؤكدة أن "لا القاهرة ولا الخرطوم ستسمحان بتكرار ما جرى من جانب إثيوبيا في المرة الأولى، وفرض سياسة الأمر الواقع".
تسعى مصر لتوحيد الموقف مع السودان، تحسباً لنقل الملف مجدداً إلى مجلس الأمن الدولي
وقالت المصادر إن الخرطوم باتت هي صاحبة الموقف المتشدد في مفاوضات السد، بعد الأضرار التي تعرضت لها، والخطورة التي تهدد سد الروصيرص السوداني الذي يبعد 15 كيلومتراً فقط عن سد النهضة، مضيفة أن أديس أبابا تعتزم حتى الآن تنفيذ نفس مخطط الملء الأول، وهو أمر مستحيل الحدوث هذه المرة من دون التوصل إلى اتفاق واضح بين الأطراف الثلاثة، خصوصاً أن الملء الثاني سيصل إلى نحو 13 مليار متر مكعب.
وحول إمكانية اتخاذ خطوة تصعيدية على الصعيد العسكري، سواء من جانب السودان أو مصر، في ظل التوتر المتصاعد بين الخرطوم وأديس أبابا بسبب مشاكل الحدود بين البلدين، قالت المصادر "هناك حالة غضب متصاعدة، سواء لدى الخرطوم أو القاهرة، كما أن كلمات المسؤولين المصريين للوفد السوداني الذي زار العاصمة المصرية أخيراً والتقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بشأن وحدة الموقف والمصير بين البلدين، كانت تحمل رسالة واضحة بعدم الركون إلى الأساليب الإثيوبية هذه المرة".
وكشفت أن القاهرة كانت صاحبة المقترح الذي بدأت الخرطوم في تنفيذه، بتنظيم حملة دبلوماسية، تتضمن توضيح الأزمة الحدودية بين أديس أبابا والخرطوم، وحجم الانتهاكات التي تمت من جانب القوات النظامية الإثيوبية، ومدى الالتزام من جانب السلطات السودانية بعدم التصعيد، مع احتفاظها بحقها الكامل في الدفاع عن أراضيها. وأوضحت المصادر أن وفوداً سودانية ستنطلق خلال الأيام المقبلة صوب السعودية وقطر والكويت، على غرار الوفد الذي زار مصر أخيراً، بالإضافة إلى الوفد الذي بدأ زيارة إلى تشاد، بقيادة نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وكذلك الوفد الذي زار إريتريا أيضاً. وأشارت إلى أن مصر أكدت في رسالة خاصة لرئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، دعمها الكامل لموقف الخرطوم، مشيرة إلى أن القاهرة على استعداد لتقديم كافة أوجه الدعم اللازم للخرطوم.
القاهرة كانت صاحبة المقترح الذي بدأت الخرطوم في تنفيذه، بتنظيم حملة دبلوماسية، تتضمن توضيح الأزمة الحدودية بينها وأديس أبابا
وحول ما يثار بشأن دور مصري في الأحداث الداخلية التي تشهدها إثيوبيا حالياً، قالت المصادر: "رسمياً الموقف المصري يؤكد التزامه بعدم التدخل في شؤون الدول الصديقة، ولكن على أرض الواقع ما يحدث في إثيوبيا شأن مصري خالص، خصوصاً في ظل تعنّتها وعدائها الصريح الواضح في أزمة السد، على الرغم من المحاولات المصرية لتقريب وجهات النظر والتوصل إلى حل يرضي كافة الأطراف". وتابعت المصادر: "الإثيوبيون يعوّلون على الإدارة الأميركية الجديدة، في دعم موقفهم"، مضيفة "هذا عشم في غير محله، فإدارة جو بايدن، وإن كانت ستحمل موقفاً متصلباً من النظام المصري، لكن في النهاية السياسة الدولية تحكمها المصالح الأكبر، ومصر دولة ذات ثقل في الإقليم، وهو ما سيدفع الإدارة الأميركية إلى التقارب معها في بعض الأوقات، ولن يكون الأمر صدامياً طوال الوقت".