تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي حصارها لأهالي أريحا لليوم السادس، بزعم البحث عن منفذ عملية إطلاق نار استهدفت مطعمًا للمستوطنين قرب البحر الميت.
ويقول سائق الحافلة الفلسطيني عبد الله خالد، لـ"العربي الجديد": "لليوم السادس على التوالي الاحتلال عزل أريحا عن العالم الخارجي تماماً، أغلق كافة المداخل بالمكعبات الإسمنتية الضخمة، وترك منفذاً صغيراً يسمح بمرور مركبة واحدة فقط، بعد خضوعها للتفتيش والتحقق من هوية من فيها".
ولأكثر من ثلاث ساعات، بقي خالد محتجزاً ومعه مئات الفلسطينيين على حاجز عسكري أقامته قوات الاحتلال الإسرائيلي على المدخل الشرقي لمدينة أريحا، شرق الضفة الغربية المحتلة، قبل السماح له بالمرور، بعد إنزال جميع الركاب والتدقيق في بطاقاتهم الشخصية والتحقيق الميداني معهم من ضباط في المخابرات الإسرائيلية.
وضرب جيش الاحتلال الإسرائيلي طوقًا أمنيًا وإغلاقًا شبه تام على مدينة أريحا الحدودية التي تقع شرق الضفة الغربية، بعد عملية إطلاق نار نفذها مسلحان ملثمان استهدفت، مساء يوم السبت الماضي، مطعمًا إسرائيليًا يقع بالقرب من مستوطنة مقامة على أراضي جنوبي أريحا بالقرب من البحر الميت، مدعياً أن منفذي العملية توجهوا إلى داخلها، وعلى أثرها تم إغلاق المدينة وحاصرها بشكل كامل.
ويشير السائق خالد إلى أن ضباط الاحتلال يشددون على حملة هوية أريحا ويخضعونهم لتحقيق ميداني، لافتاً إلى أن الحصار أدى الى عزل أريحا عن محطيها الخارجي، وهو ما دفع الكثيرين إلى التردد في التوجه إليها، خاصة من الزوار والتجار.
أما الناشط الشبابي مهران براهمة، فيشير في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن الحصار عزل أريحا فعلياً عن محيطها، وأدى إلى شلل كبير في معظم مناحي الحياة، مضيفاً: "أريحا هي وجهة كل المسافرين إلى الأردن، ومنها إلى العالم الخارجي، نظراً لوجود معبر الكرامة فيها، لذلك تتقاطر الحافلات الصغيرة والكبيرة التي تقل المواطنين من كافة المحافظات الأخرى إلى هنا، ولكن بسبب الحصار والتأخير الذي يستمر ساعات، فهم يؤجلون سفرهم كلياً".
ونصب جيش الاحتلال حاجزًا بين معبر الكرامة ومعبر "اللنبي"، حيث يفتش الجنود الحافلات، ما أدى إلى تكدّس عدد كبير من الحافلات، وأضاف معاناة جديدة للمسافرين.
ويوضح براهمة أن "من لا يستطيع السفر يبقى في استراحة أريحا قرب معبر الكرامة ينتظر، ما جعلها مكتظة، وهو ما ألحق الأذى بالمواطنين، خاصة كبار السن والنساء والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة الذين لا يستطيعون العودة إلى منازلهم".
وتُعرف أريحا بأنها "مشتى"، نظراً لكونها مدينة "شفا غورية"، وتكون درجات الحرارة فيها معتدلة شتاء، إضافة إلى كونها تضم مواقع سياحية تاريخية مشهورة مثل البحر الميت وقصر هشام بن عبد الملك، ومنتجعات وفنادق ومتاحف، وبالتالي تتحول إلى مقصد للسياحة الداخلية.
ويقول براهمة: "إن الشوارع اليوم شبه فارغة، ولا تكاد تجد متسوقاً أو متجولاً في مطاعمها ومتاحفها، الاحتلال يدرك أهمية العامل الاقتصادي، لذلك يركز على العقاب الجماعي في محاولة لفضّ الحاضنة الشعبية عن المقاومة".
وفي الوقت الذي يفرض فيه جيش الاحتلال حصاراً على مدينة أريحا من الخارج، فهو يقتحم المدينة والبلدات والمخيمات القريبة منها بشكل مستمر، بحثاً عن منفذي العملية، وفي كل ليلة تكون هناك حالة استنفار كبير في مخيم "عقبة جبر" القريب من المدينة، لادعاء الاحتلال أن المنفذين ربما خرجوا منه.
ويقول محافظ أريحا والأغوار جهاد أبو العسل، لـ"العربي الجديد": "سياسة الاحتلال تتمثل في فرض العقاب الجماعي على الفلسطينيين، وهذه سياسة ثبت فشلها على الدوام".
ويتابع أبو العسل: "الاحتلال يدرك أهمية مدينة أريحا ومركزيتها، لذلك أنا أرى أن حصاره وإغلاقه لأريحا يستهدف فرض عقوبات على كل الضفة الغربية، فهي المعبر الوحيد للمسافرين والقادمين، والطريق الذي تسلكه الشاحنات التجارية، كما تلك التي تنقل البضائع عبر الحدود".
ويشير المتحدث ذاته إلى أن سوق الخضار المركزي في أريحا تأتي إليه آلاف صناديق الخضار والفاكهة يوميًا ولا يوجد تسويق لها، لذا أسعارها في هبوط شديد، وهناك كساد كبير فيها. ويشدد أبو العسل على أن أريحا هي جزء من الوطن، و"المواطن الريحاوي" قادر كغيره على الصمود والتحدي والتضحية، ولن يخضع لمثل هذه الإجراءات العقابية.
وزعم جيش الاحتلال أن "منفذ عملية إطلاق النار وصل إلى المطعم وأطلق رصاصة واحدة بسبب خلل في السلاح، ثم لاذ بالفرار من المكان".
ولاحقاً، نشر جيش الاحتلال مقطع فيديو مصورًا لشخص ملثم يعلن فيه تبني عملية إطلاق النار وينسبها إلى "كتائب القسام"، الجناح العسكري لحركة "حماس". ولم يتسنَ لـ"العربي الجديد" التأكد من دقته.