انتقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم الأربعاء، المعارضة التركية ممثلة بالطاولة السداسية، مستهدفاً برنامجها الحكومي، ومؤكداً أن أغلب المشاريع المطروحة نفذت الحكومة أكثر منها.
وفي أول رد من أردوغان على البرنامج الذي أعلنته الطاولة السداسية، الاثنين الماضي، قال خلال اجتماع كتلة حزبه البرلمانية، إن "المعارضة التركية بقيت متأخرة أمام سرعة التنمية في البلاد، وبعد أن عملت الطاولة السداسية لأشهر طويلة طرحت برنامجها المشترك".
وأضاف: "الجميع كان على قدر من الفضول لمعرفة مضمون النص المعلن، لأننا نعمل من 20 عاماً (...) ومن الممكن أن نكون قد أهملنا بعض المواضيع أو أخطأنا بها، ورغم أن المعارضة لم تحدد مرشحها بعد، لم نهمل برنامجهم لنرى إن كانت تسبق أهدافنا، ولهذا اطلعنا على البرنامج".
وكشفت المعارضة التركية الممثلة بالطاولة السداسية، عن برنامجها الحكومي والسياسات المشتركة، حيث ضم البرنامج 9 عناوين رئيسية و75 عنواناً فرعياً وتغييرات كبيرة على الوضع الحالي القائم.
وبمشاركة قادة الأحزاب الستة المعارضة، أعلن عن البرنامج الحكومي في حفل بأنقرة، وجاءت العناوين كما يلي: الحقوق والعدالة والقضاء، القطاع العام، مكافحة الفساد، الرقابة والشفافية، والاقتصاد والتوظيف، العلوم، والتطوير، والتحول الرقمي والتعليم والسياسات الاجتماعية والسياسة الخارجية، ويتألف من 240 صفحة.
وتضم الطاولة السداسية كلاً من حزب الشعب الجمهوري العلماني الكمالي، والحزب الجيد القومي، وحزب السعادة الإسلامي، وحزبي دواء والمستقبل المحافظان والمنشقان من حزب العدالة والتنمية الحاكم، والحزب الديمقراطي العلماني.
وتركزت انتقادات أردوغان على المشاريع المطروحة، معتبراً أن "ما تم تقديمه لم يأخذ بالاعتبار ما تم إنجازه في البلاد"، حيث أنهم في الحكومة "أنجزوا أكثر من الوعود المقدمة"، من قبل المعارضة، أو أنها "في مراحل الإنجاز".
وأكد الرئيس التركي أن المعارضة "توجه من خلال برنامجها ووعودها تحياتها للأطراف الأخرى"، شارحاً: "عندما يرفعون الوصاية على البلديات ويمنحوها صلاحيات إدارية محلية غير مركزية، يوجهون التحية إلى حزب الشعوب الديمقراطي الكردي شريكهم من تحت الطاولة".
وأكمل أن "وعود المعارضة بخصوص هيئة أركان الجيش ورئاسة المخابرات الوطنية، تحمل نفس الفكرة، إذ يحيون من خلالها كل المنظمات المسلحة ومشغليها. كما أن مقترح رفع قرارات ومراسيم الطوارئ المتعلقة بالطرد من الخدمة، هو تحية لجماعة الخدمة (المتهمة بالمحاولة الانقلابية)".
وانتقد الرئيس التركي مساعي المعارضة لوقف بعض المشاريع، مبيناً أن "إيقاف مشروع محطة آك كويو النووية، والتدخل بمشاريع الصناعات الدفاعية، والاستثمارات المشتركة بين القطاع العام والخاص، هو توجيه تحية للدول الغربية المنزعجة من هذه المشاريع".
ووجه أردوغان كلامه لنائب رئيس الوزراء السابق ومؤسس حزب دواء المنشق من حزب العدالة والتنمية، علي باباجان، الذي أفاد أمس الثلاثاء أن "برنامج المعارضة يجعل الغرب يقول لها أحسنتم"، بقوله "خرج واحد منهم يقول أن الغرب سيقول أحسنتم، من المؤسف هذا الكلام، هل أنتم (المعارضة) تحتاجون لأن يقول الغرب لكم أحسنتم، وبهذا فإنهم لم يوجهوا أي تحية للشعب".
وفيما يتعلق بالمشاريع الاقتصادية، قال أردوغان موجهاً كلامه لرئيس حزب دواء علي باباجان، وإلى رئيس حزب المستقبل أحمد داود أوغلو، عندما كانا في فريق حكمه، "ألم تكونوا إلى جانبي بالأمس؟ ألم نتحدث بمسألة انتقال المصرف المركزي ومصرف زراعات الحكومي إلى إسطنبول؟ ماذا كنتم تعملون يومها، يبدو أنهم كانوا نائمين".
تصريحات أردوغان جاءت في سياق وعود المعارضة بعودة المصرف المركزي إلى إسطنبول.
ورداً على هدف المعارضة بتوفير فرص عمل لخمسة ملايين شخص خلال خمس سنوات، أوضح: "خلال العامين السابقين فقط تم توظيف خمسة ملايين شخص، كما تضع المعارضة هدفاً للنمو يصل إلى 5٪ رغم أن الحكومة وصلت في السنوات السابقة إلى 10٪ من النمو".
واستهدف أردوغان زعيم المعارضة ورئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كلجدار أوغلو، قائلاً: "سيكون من الصعب تحضير ترشيحه وإعداده للوقوف أمام الشعب، وبقيت مسألة اختيار شعار المعارضة على الحكومة، سابقاً كنت أقول له سيد كمال (باي كمال)، وهو قبل الأمر، وطالما أن الأمر بقي لنا، فسأعطيه شعاراً جديداً وهو (باي باي كمال)، ولن نطالب بحقوق الملكية".
وتعني كلمة باي في التركية رجل أو سيد، والقصد هنا السيد كمال، تقال للتعبير بشكل عام للرجال أي الرجل كمال، وتحمل نوعاً من التهكم والسخرية، ومع تكرار استخدام أردوغان لهذا الوصف، عمد كلجدار أوغلو لتبنيه والتقليل من تأثيره منذ أشهر، وكلام أردوغان اليوم يحمل أكثر من رسالة، منها أن الانتخابات ستطيح بزعيم المعارضة وتؤدي لرحيله عن عالم السياسة.
أردوغان شدد على أن القصر الرئاسي الحالي المسمى "الكلية"، "ليس ملكه وإنما ملك الشعب"، وأن "الحكومة ستعمل ليل نهار من أجل 14 مايو/أيار، وهو موعد الانتخابات، والحكومة لم تقطع علاقاتها مع الشعب".
وقال أردوغان إنه "منذ العام 2022 الماضي وحتى الآن زار 49 ولاية تركية، بخلاف برامجه الرئاسية والحكومية، التقى خلالها بالمواطنين وافتتح المشاريع".
ومع أن المعارضة لم ترد بعد على كلام أردوغان، يُنتظر أن تشهد الأيام المقبلة سجالاً أكثر مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، التي سبق أن وصفها الرئيس أردوغان بأنها مفترق طرق في البلاد.