فوجئت الأحزاب والشخصيات التونسية بكشف الرئاسة الفرنسية عن نية الرئيس التونسي قيس سعيّد إجراء حوار وطني في البلاد بعد تشكيل الحكومة في الأيام القادمة.
وأكدت عدة أحزاب تونسية أن الصعوبات والمشاكل التي تمر بها تونس لا تحل إلا بالحوار وبجلوس جميع الأطراف إلى نفس طاولة النقاش والتباحث حول أبرز الملفات.
وقال النائب عن حزب "تحيا تونس" مصطفى بن أحمد، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنهم "سمعوا بالحوار الوطني عن طريق بيان الرئاسة الفرنسية، حيث لم تعبر الرئاسة التونسية بعد عن الشكل والطريقة اللتين سيكون بهما الحوار والأسس التي سيقوم عليها، ومن سيشارك فيه"، مشيراً إلى أن عدة مسائل لم تتضح بعد.
وأكد أن السؤال المطروح يتمثل في: ما الجدوى من هذا الحوار؟ مشيراً إلى أن "الرئيس التونسي تقريباً رسم خطوط برنامجه للأمام، ولديه تصوراً لما يريده سياسيا، وكان عبر في عدة مناسبات أن الأحزاب والمنظمات لا موقع لها في المشهد السياسي الجديد بالمعارضين والنواب".
وأضاف بن أحمد أن "رئيس الجمهورية كان قد تجاهل الحوار مع أبرز منظمة وهي الاتحاد العام التونسي للشغل، وبالتالي مع من سيكون الحوار ومن سيشارك فيه؟ لا أحد يعلم"، لافتاً إلى أن "الأزمة السياسية متواصلة وقد لا ينفع حوار ولا تظاهرات شعبية، فالوضع ضبابي ومن دون أفق، ورغم تعيين رئيسة حكومة، فإن الحكومة لم تتشكل بعد، ولم يتضح برنامجها، وبالتالي، هناك حالة ترقب، ففي كل أسبوع يكون هناك حدث يدور النقاش حوله ويكون محور جدل، في الوقت الذي كان بالإمكان حسم عديد الملفات".
وأكد النائب عن "التيار الديمقراطي" محمد ضياء بن عمر أنه "في انتظار إعلان رئاسة الجمهورية التونسية عن الحوار الوطني بصفة رسمية، ولكنه يظل في المطلق مطلوبا، لأن الحوار يصبح ضروريا عندما تكون البلاد في أزمة سياسية عميقة ونكون في بداية مرحلة انتقالية جديدة"، مضيفاً، في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "أغلب القوى السياسية والمدنية طالبت بالحوار، ولا يمكن لأي طرف أن يكون ضد حوار مشترك، وقد تختلف التسميات من حوار إلى خريطة طريق، ولكنه ضروري".
وتساءل بن عمر عن عدم إبلاغ الأحزاب والمنظمات الوطنية حول نية رئاسة الجمهورية عقد حوار، مبينا أن "الأحزاب، ومن بينها التيار الديمقراطي، كانت دعت منذ 25 يوليو/تموز إلى حوار وطني"، مضيفاً أن "اتحاد الشغل وأغلب الفاعلين السياسيين، حتى المتشددين في مواقفهم والرافضين قرارات سعيد، يرغبون في حوار وطني لتوضيح الرؤيا والتشارك في البناء للمستقبل، فلا يمكن لطرف واحد مهما كانت رغبته الانفراد بالرأي، لأن الحوار أبسط قواعد الديمقراطية" .
ولفت إلى أن "قبول رئيس الجمهورية بالحوار يدل على واقعية، فتونس بعد 10 أعوام من المسار الديمقراطي لا يمكن لها أن تعود للوراء"، مؤكداً أن "الواقع الاجتماعي والاقتصادي والعلاقات الخارجية تؤثر في القرارات وسياسات أي سلطة، وتدفعها نحو اتجاه معين يؤمل أن يكون من مصلحة تونس".
وأكد رئيس كتلة حركة "النهضة" عماد الخميري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن فكرة الحوار الوطني لم تطلق بعد من قبل أي جهة رسمية تونسية، وبالتالي، لا حديث الآن عن حوار وطني رسمي، موضحاً أن ما يجب أن يُطرح اليوم هو العودة للدستور، ورفع التدابير الاستثنائية التي تشكل اعتداء على الشرعية، ثم الحديث بين القوى السياسية والفاعلين عن مخرج للأزمة التي تهدد الاستقرار والوحدة الوطنية".
وقال الخميري إن المفروض أن تكون العودة سريعة عن هذا الخرق للدستور، ثم تتولى النخبة والقوى السياسية المناهضة للانقلاب البحث عن آليات للخروج من الوضع الراهن، والبحث عن أجندة تمكنها من الخروج من الوضع الاستثنائي، وهذا ممكن.
وبين الخميري أنه عندما تكون هناك دعوة رسمية للحوار، فسيتم التفاعل على قدر احترام قاعدة الدستور والمؤسسات الشرعية والعودة للشعب الذي يعتبر مصدر الشرعية، مضيفاً أن الحوار لا يكون إلا بالتعهد برفع الإجراءات الاستثنائية وعلى أساس خريطة طريق واضحة، ولكي تكون هناك معالجة حقيقية تحفظ وحدة البلاد.
ويرى النائب عن "نداء تونس" علي الهرماسي أن رئيس الجمهورية "لم يكن يرفض الحوار مع جل الأحزاب، بل كان يستثني الأحزاب غير النظيفة والتي تحوم حولها شبهات فساد"، مضيفاً، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الحوار لا مفر منه لمستقبل تونس، وحتى رئيس الجمهورية يعي ذلك جيدا، وهو ما تم الكشف عنه".
وحول عدم التنسيق مع الأحزاب، رد المتحدث بأنه "طالما أن الفكرة موجودة، فالأرجح أن يتم الإعلان عن تفاصيلها قريبا"، مبينا أن" الأمر قد يتطلب ترتيبات وتنظيما لوضع شروط الحوار، وبالتالي، ما تم الإعلان عنه مساء أول من أمس هو فكرة".
وبين الهرماسي أن" أزمات تونس لا تحل إلا بالحوار، وهو ضروري، والأهم إشراك جميع الأطراف والمنظمات الوطنية، ولكن على الأغلب، سيتم إقصاء الأحزاب المشبوهة"، بحسب تعبيره.