أفادت مصادر عراقية باستمرار حالة التوتر الأمني في بلدة سنجار (115 كيلومترا غربي محافظة نينوى) شمالي العراق، على أثر اشتباكات متقطعة بين الجيش ومليشيا تابعة لمسلحي حزب العمال الكردستاني، تسببت بمقتل جندي عراقي.
وبينما أكدت قيادة الجيش أنها ستتعامل بحزم تجاه تلك التصرفات، أقدمت عشرات العوائل على النزوح من البلدة خوفا من التطورات المتسارعة.
وكانت الاشتباكات قد بدأت مساء أمس الأحد، عندما حاولت مجموعة مسلحة تابعة لمليشيا "وحدات حماية سنجار" المرتبطة بعناصر حزب العمال، اغتيال ضابط رفيع في اللواء 72 بالجيش العراقي.
وأسفر الهجوم عن إصابة جنديين اثنين، بينما عاودت قوات الجيش تحركها ضمن خطة "تطبيق القانون" بالمدينة، لكنها واجهت جيوب مقاوَمةٍ من مسلحي تلك المليشيات.
وعلى الرغم من وصول وحدات عسكرية مدرعة من الجيش، بغية تعزيز عملية الانتشار التي تواجه بمعارضة من قبل مليشيات محلية تابعة لحزب العمال، ووسط تحليق لمروحيات قتالية في سماء المدينة منذ ساعات الصباح الأولى، إلا أن "جنديا عراقيا قتل خلال مواجهات مع قناصين من البيشة، الذين قتل ثلاثة منهم خلال المواجهات العسكرية التي جرت في البلدة".
وقصفت المروحيات العراقية مركزا للاتصالات تابعا للحزب يقع في جبال سنجار، كما قصف مدرسة يتحصن فيها قناصة من "اليبشة"، كانوا قد أطلقوا النار على الجيش أثناء تقدمه لفتح الطرق والسواتر الترابية.
وقال ضابط في قيادة عمليات نينوى إن "الأوضاع الحالية في البلدة شبه مسيطر عليها من قبل الجيش، إلا أنها ما زالت غير مستقرة"، مبينا، لـ"العربي الجديد"، أن "قوات الجيش انتشرت في البلدة بشكل مكثف، وأبلغت الأهالي عبر مكبرات الصوت بعدم الخروج حرصا على أمنهم".
وأكد أن "حالة الإنذار ستستمر لهذه الليلة، وأن الجيش لن يتهاون مع أي تعرض"، مشيرا إلى أنه "بسبب خوف الأهالي وبدء النزوح من مجمع حطين في البلدة، تم إيقاف خطة الدخول إلى المجمع حفاظا على المدنيين".
أوامر عسكرية بالتعامل بحزم مع أي اعتداء
قيادة الجيش أكدت تعاملها بحزم ووفق قواعد الاشتباك مع عناصر "اليبشة". وذكرت خلية الإعلام الأمني الحكومية أنها "أصدرت أوامرها بشكل واضح للتعامل بحزم ووفق قواعد الاشتباك ضد أي تصرف أو ممارسة من شأنها زعزعة الأمن والنظام وحماية المواطنين هناك"، مبينة أن "ناحية سنوني في قضاء سنجار شهدت أحداثاً أمنية خلال الليلة الماضية وصباح هذا اليوم، إذ قامت مجموعة مما يسمى عناصر تنظيم اليبشة بقطع عدد من الطرق التي تربط ناحية سنوني وخانصور مع المجمعات والقرى المجاورة، ونصب حواجز على هذه الطرق ومنعت حركة المواطنين بين هذه المناطق".
وأضافت: "مع الضياء الأول لهذا اليوم، شرعت القطعات العسكرية في قيادة عمليات غرب نينوى والوحدات المتجحفلة معها بفتح الطرق، إلا أنها تعرضت إلى رمي كثيف مع انتشار للقناصين على أسطح عدد من البنايات وزرع الطرق بالعبوات الناسفة".
وأكدت أن قواتها "ردت على مصادر هذه النيران بدقة، وقامت بفتح الطرق أمام حركة المواطنين"، مشيرة إلى "التعاون الكبير من المواطنين، ومساعدة القوات الأمنية والعسكرية في أعادة الأمور إلى وضعها الطبيعي، ورفض كل التصرفات الخارجة عن القانون".
نزوح جديد في سنجار خوفا من تطور الأحداث
في الأثناء، أقدمت عشرات العوائل في البلدة على النزوح باتجاه مناطق إقليم كردستان، هربا من الأوضاع المتوترة، فيما تشهد البلدة حالة من الترقب، واستعدادات لعوائل أخرى للنزوح.
سفيرة النوايا الحسنة، الأيزيدية نادية مراد، دعت في تغريدة لها "المجتمع الدولي إلى التدخل لحل القضايا الأمنية في سنجار"، مؤكدة أنه "بعد سنوات من النزوح، يضطر العائدون الجدد مرة أخرى إلى الفرار من ديارهم بسبب الاشتباكات المسلحة الحالية في البلدة، ما يحتم على المجتمع الدولي التدخل والعمل مع الحكومة العراقية لحل القضايا الأمنية المستمرة في المنطقة وحماية المدنيين”.
After years of displacement, recent returnees are once again forced to flee their homes due to current armed clashes in Sinjar. I call on the international community to intervene & work with the Iraqi government to resolve the region's ongoing security issues & protect civilians.
— Nadia Murad (@NadiaMuradBasee) May 2, 2022
دعوات للمحافظة على أمن أهالي سنجار
من جهتها، عبرت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) عن قلقها إزاء "الاشتباكات في سنجار، وما لها من عواقب وخيمة على المدنيين"، مؤكدة في بيان "ينبغي أن تكون سلامة وأمن أهالي سنجار في صلب وصدارة الاهتمام. لقد عانوا كثيراً في الماضي وهم يستحقون السلام تحت سلطة الدولة"، مشددة "لا مكان للمفسدين الداخليين والخارجيين في سنجار".
وخلال الشهر الماضي، وصل وفدان أمنيان رفيعان إلى سنجار لمحاولة التوصل إلى تفاهمات بعدم اعتراض قوات الجيش، في خطة تطبيق القانون التي يتولى تنفيذها حاليا.