أتباع إيران يرفضون الرقابة الدولية على الانتخابات العراقية: خشية من نوايا مبكرة للتزوير
تواصل قوى سياسية عراقية تصديها لخطوة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، المتعلقة بطلب الرقابة الدولية على الانتخابات المبكرة المقرر إجراؤها في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وذلك منذ إعلان وزير الخارجية فؤاد حسين، في 27 يناير/كانون الثاني الماضي، عن تقديم طلب لمجلس الأمن الدولي بهذا الشأن. وتشترك الكتل والقوى الرافضة للخطوة بكونها حليفة لإيران، وأبرزها "دولة القانون" بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، وتحالف "الفتح" بزعامة رئيس منظمة "بدر" هادي العامري، الذي يضم قوى سياسية عدة يمثّل بعضها أجنحة لفصائل مسلحة ضمن "الحشد الشعبي".
وشهدت الأيام الماضية تصريحات عدة رافضة للرقابة الدولية على الانتخابات، كان أبرزها ما ذكره المالكي في مقابلة مع قناة تلفزيونية محلية، يوم الخميس الماضي، إذ اعتبر أنّ "وضع الانتخابات تحت إشراف دولي أمر خطير جداً، ولا توجد دولة تقبل بإشراف دولي على انتخاباتها"، مؤكداً رفضه "القاطع لهذا الأمر الذي يمثّل خرقاً للسيادة الوطنية"، وفق قوله.
بدوره، تحدث زعيم مليشيا "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي، الذي تتبع له كتلة "صادقون" ضمن تحالف "الفتح"، في وقت سابق، عن "رفض أي إشراف خارجي على الانتخابات". وقال: "نحذر من الإشراف والتدخل التفصيلي في الانتخابات المقبلة، لأنّ المبعوثة الأممية جينين هينيس-بلاسخارت منحازة وغير محايدة".
تشترك الكتل والقوى الرافضة للخطوة بكونها حليفة لإيران
وتتذرّع أغلب القوى الرافضة بأنّ "القبول بالتدخل الدولي في الانتخابات سيكون بوابة جديدة للتدخل بالشأن العراقي عموماً، وقد يكون باباً للتلاعب بنتائج الانتخابات". في المقابل، تؤيّد قوى سياسية أخرى مسألة طلب الرقابة على الانتخابات من قبل مجلس الأمن.
في خضم هذا الجدل، صدر ردّ وحيد عن حكومة الكاظمي، وبدا أنه موجهاً للقوى الرافضة لخطوة الرقابة الدولية على الانتخابات. وجاء الرد على لسان مستشار الحكومة لشؤون الانتخابات عبد الحسين الهنداوي، الذي قال، في تصريحات له أخيراً، إنّ "الرقابة الدولية على الانتخابات لا تعني إدارة عملية الاقتراع"، مضيفاً أن "هذا الإجراء موجود في كل العالم، والعراق يطالب بالمراقبة فقط، وموقف الأمم المتحدة والمجتمع الدولي داعم للعراق في إجراء انتخابات نزيهة".
وعن أسباب رفض هذه الخطوة، قال القيادي في ائتلاف "دولة القانون" حيدر اللامي، في حديث مع "العربي الجديد": "الانتخابات هي إجراء سيادي، والمراقبة تعني وضع اليد، وهذا أمر مرفوض وينتهك سيادة العراق"، مضيفاً أنّ "من يتهم الرافضين للتدخل بأنهم يرفضون من أجل إبقاء التزوير والتلاعب واهم، بل نحن مع المضي بانتخابات نزيهة وعادلة".
من جانبه، قال القيادي في تحالف "الفتح" غضنفر البطيخ إنّ "الأمم المتحدة بدأت تتدخل بشكل كبير في الشأن العراقي الداخلي، وكأنما العراق تحت الوصاية الدولية، وهذا أمر مرفوض ولن نقبل به". وعن سبب رفضهم طلب الرقابة الدولية، أوضح، في حديث مع "العربي الجديد"، أنهم لا يمانعون "أن تكون هناك رقابة فقط على الانتخابات من قبل الأمم المتحدة وليس إدارتها، فالانتخابات يجب أن تجرى من قبل مفوضية الانتخابات العراقية حصراً، وليس للأمم المتحدة أو الأطراف الدولية الأخرى أي دور في إدارتها". وتحدث عن وجود ما وصفه بـ"تخوف سياسي من أن يكون تدخل الأمم المتحدة وأطراف دولية معروفة في الانتخابات العراقية المقبلة باباً للتلاعب بنتائج الانتخابات".
لكن القيادي في الحزب "الديمقراطي الكردستاني"، ماجد شنكالي، اتهم القوى الرافضة لهذه الخطوة بأنّ "لديها نوايا للتزوير". وقال في حديث مع "العربي الجديد" إن "الرافضين للمراقبة الدولية والإشراف على الانتخابات، ليس لديهم غير سبب واحد، هو وجود نية مبيتة لديهم للتلاعب بنتائج الانتخابات وتزويرها، وتكرار سيناريو انتخابات 2018، التي حصل فيها الكثير من شبهات التزوير والتلاعب وحرق الصناديق". وبيّن شنكالي أنّ "هناك سعياً دولياً حثيثاً من أجل أن يكون هناك إشراف دولي وأممي كامل على العملية الانتخابية المقبلة في العراق، ولغاية المصادقة على نتائج الانتخابات". وحذر من أنّ "الوضع العراقي غير مستقر على الصعد كافة، ولهذا هو لا يتحمّل مجدداً انتخابات مزورة يتم التلاعب بنتائجها من قبل أطراف سياسية معينة، عبر المال السياسي أو السلاح الخارج عن سيطرة الدولة، وغيرها من الطرق غير القانونية والشرعية التي حصلت في انتخابات 2018".
السيستاني يؤيد وجود دور للأمم المتحدة في المراقبة
في السياق، نقلت صحيفة "العالم الجديد" العراقية، عما قالت إنها مصادر سياسية شيعية، قولها إنّ المرجع الديني علي السيستاني حثّ، في رسالة له عبر مكتبه، زعماء الكتل السياسية الشيعية على "إجراء انتخابات ذات مصداقية لجميع العراقيين، تكون مقنعة لهم، يشاركون فيها ولا يرفضون نتائجها". وأضافت الصحيفة أن "السيستاني شدد في الرسالة على أن يكون هناك دور للأمم المتحدة في المراقبة والرصد، مع الحفاظ على سيادة البلد واستقلاله".
وحول ذلك، قال رئيس مركز "التفكير السياسي" في بغداد إحسان الشمري، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "رفض بعض الأطراف السياسية عملية الإشراف الدولي على الانتخابات يرتبط بإرث ونهج من التزوير وتحريف نتائج الانتخابات، اتبعته تلك الأطراف. كما يعكس مدى قلق هذه الأخيرة من أن تفقد نفوذها في العملية السياسية خلال المرحلة المقبلة". وتابع أنّ "رفض هذه الأطراف للمراقبة الدولية على الانتخابات يأتي بالتماهي مع رفض إيران لهذه الخطوة، فطهران قلقة من أنّ موازين القوى في العراق قد تتغير، بما يؤدي إلى تراجع حظوظ حلفائها وتأثيرهم في الداخل العراقي". وأكّد الشمري أنّ "الإشراف والمراقبة الدوليين، سيحدّان بشكل كبير من عملية المحاصصة، ومن تأثير بعض الأحزاب على مفوضية الانتخابات".