أبرز الأسماء المرشحة لخلافة القاضي صوان في التحقيق بانفجار بيروت

19 فبراير 2021
التقى وفد من أهالي الضحايا اليوم القاضي سهيل عبود (حسين بيضون)
+ الخط -

على وقع تحرّكات أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت، والتحضيرات الجارية لخطوات تصعيدية رفضاً لقرار محكمة التمييز الجزائية تنحية المحقق العدلي القاضي فادي صوان، عقد مجلس القضاء الأعلى اليوم الجمعة، اجتماعاً برئاسة القاضي سهيل عبود، للبحث في القرار، واختيار قاضٍ بديل من أجل تولي المهمة بالاتفاق مع وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال ماري كلود نجم، التي عليها أن تقترح الاسم المرشح لهذه القضية، على أن يبقيَ اجتماعاته مفتوحة.

والتقى وفد من أهالي الضحايا، اليوم، القاضي سهيل عبود، حيث عبّر الوفد للقاضي عن استياء الأهالي من تنحية صوان رغم الملاحظات عليه، لخشيتهم على مسار القضية، والنوايا الموجودة لتطييرها بفعل التدخلات السياسية، فكان تأكيد من عبود باختيار قاضٍ شفاف يتعاطى باستقلالية ونزاهة مع الملف.

ونفذ الأهالي اعتصاماً أمام قصر العدل في بيروت عبّروا فيه عن عدم ثقتهم بالتحقيق المحلي ولا سيما بعدما حدث أخيراً، وطالبوا بتحقيق دولي يؤمن الضمانات الدولية لكشف الحقيقة وتحديد المسؤوليات ومعاقبة مرتكبي جريمة تفجير مرفأ بيروت.

وفي الوقت الذي تبلغ فيه القاضي فادي صوان قرار تنحيته، بدأت أسماء بعض القضاة تخرج إلى العلن من بينها القاضي كلود نجم، القاضي سمرندا نصّار، القاضي جون القزي، في حين أفيد بأن القاضي نجم رفض تولي المهمة قبل أن يعلَن اسمه بشكل رسمي، في مشهد سبق أن حدث قبل تعيين صوان، عند بروز أسماء في الإعلام يسارع أصحابها إلى نفيها، أو لحرقها أيضاً قبل وقوع الاختيار عليها.

في السياق، أيضاً، أفيد بأنّ وزيرة العدل عادت واقترحت اسم القاضي سامر يونس من جديد، بعدما كانت أحالت اسمه إلى مجلس القضاء الأعلى قبل تعيين صوان، إلّا أنه رفضه وطلب اقتراح اسم آخر وقتها، معتبراً أنه مقرب من أحد الأحزاب اللبنانية، ما يطرح تساؤلات حول السبب وراء تكرار وزيرة العدل الخطوة نفسها وما إذا كان سيوافق مجلس القضاء نظراً لـ"شحّ الاحتمالات".

وتلفت مصادر قضائية مطلعة على الملف، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ الاسم لم يُحسم بعد، وكانت القاضي نصّار الأكثر حظاً بيد أن قربها من الرئيس ميشال عون قد يحول دون اختيارها، تفادياً للرفض الشعبي، ولتعليب قراراتها في خانة الاستنسابية والانحياز، كما أن عملية الاختيار ليست سهلة أو سلسة، باعتبار أنّ القرار يعود للقاضي المقترح اسمه بقبول المهمة عند تسميته أو رفضها، ولا سيما بعد تجربة القاضي فادي صوان "غير المشجعة".

وتشير المصادر إلى أنّ هناك ورشة تشاور مكثفة للاتفاق سريعاً على قاضٍ بديل، يكون ملفه أيضاً خالياً من "الثغرات" التي يمكن أن تنقلب عليه كما حدث مع صوان بوصفه متضرراً من الانفجار فكان أحد أسباب تنحيته، وإقناعه بتسلم القضية، لافتة إلى أنّ الأنظار الدولية مكثفة في هذا الإطار، وخصوصاً الأميركية والفرنسية، وهي تراقب التطورات بجدية وترفض تسييس القضاء، وترى أن العدالة باتت في لبنان بخطر كبير.

من الناحية القانونية، يقول الخبير الدستوري والقانوني سعيد مالك، لـ"العربي الجديد"، إنّ "السؤال الأهم، من هو القاضي الذي سيكون فدائياً إلى حدِّ تجرّع كأس السم، واستكمال التحقيقات؟ وكم سيستغرق وقتاً الاتفاق على بديل، وتعيينه، ومن ثم إطلاعه على كامل الملف؟ هذه العملية ستمتدّ لأشهر عدّة لتصبح حقوق المتضررين معها أيضاً في مهبّ الريح".

ويرى المحامي أنّ "الثابت اليوم مدى عجز القضاء اللبناني وعدم قدرته على تحقيق العدالة، وإيصال الحقوق للمتضررين، من هنا أهمية المطالبة بلجنة تقص دولية للوصول إلى نتيجة رأفةً بالشهداء ورحمةً لأرواحهم، ونناشد لأجل ذلك، رئيسي الجمهورية والحكومة الطلب من مجلس الأمن السعي لتشكيل لجنة تحقيق دولية تعمل على تقصي الحقائق، وإجراء التحقيقات اللازمة، وصولاً إلى كشف الحقيقة كاملة وتحديد المسؤوليات، إذ بات من المسلم أنه لا يمكن ترك التحقيق تحت إدارة وإشراف القضاء اللبناني".

تحقيق "مسيس"

وفي ظلّ الأخبار التي ربطت قرار محكمة التمييز الجزائية بالتطورات التي طرأت على التحقيق، وبدء مرحلة التوقيفات واستدعاء رؤوس كبيرة لبنانية مع رجال أعمال سوريين، مقرّبين من نظام الرئيس بشار الأسد، وتوقفت فيها أيضاً عند كلمة الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله يوم الثلاثاء بأنّ "التحقيق قد انتهى" فتعددت التحليلات بشأن الرسالة المبطنة منها، إذ يعتبر الكاتب والمحلل السياسي جورج علم أنّ هناك غموضاً كبيراً يتعلق بالتحقيق، وكل السيناريوهات التي يُحكى عنها يتحمّل مسؤوليتها القضاء اللبناني، لأنه طوال فترة التحقيقات لم يصارح اللبنانيين، وأهالي الضحايا، ويعطيهم أجوبة شفافة ومقنعة.

ويشير علم، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "التحقيق طبعاً مسيّس، ولا شكّ في ذلك، والقاضي صوان تعرّض لضغوط سياسية من كل الأطراف، واليوم، مواقف بعض الأحزاب التقليدية التي تدعو إلى إعادة الملف إلى صوان تظهر مدى البعد السياسي الذي تأخذه القضية، وهو أمر متوقع حدوثه في ظل الانقسامات الطائفية والمذهبية والسياسية، ما يضعنا أمام حلقة مفرغة، على حساب الضحايا والمتضررين".

ويعتبر أنّ تعاطي القاضي صوان الاستنسابي مع الاستدعاءات "كان محطّ تساؤلات كثيرة، وأن أي قاضٍ بديل سيكون أشبه بالانتحاري، فإما يتجرّأ على التعاطي مع الملف بعدل ونزاهة وشفافية وينصر كلمة القضاء، أو سيخضع للتدخلات السياسية ونكون أمام تكرار لمشهد الاستدعاءات وجلسات الاستجواب من دون تقدم على صعيد الرؤوس الكبيرة، يؤدي إلى مزيد من المماطلة، علماً أنّ التدخل الخارجي للضغط على السلطات اللبنانية باستقلالية القضاء وتركه يقوم بعمله له أن يكسر هذه الصورة النمطية".

المساهمون