آلاف الإسرائيليين يتظاهرون مجدداً في تل أبيب رفضاً للإصلاحات القضائية.. وغالانت يطالب بتجميدها

25 مارس 2023
تستمر الاحتجاجات في الشارع مع تنامي الانقسام السياسي في دولة الاحتلال (فرانس برس)
+ الخط -

احتشد آلاف الإسرائيليين في تل أبيب، السبت، ضد الإصلاح القضائي المثير للجدل الذي تسعى الحكومة اليمينية المتشددة إلى إقراره، قبل أسبوع حاسم يتوقّع أن يشهد مزيدا من الخطوات التشريعية والاحتجاجات الجماهيرية.

وجاءت التظاهرة الأخيرة في المدينة التي تعد مركزا تجاريا لإسرائيل، بعد أيام على تعهد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المضي قدما في التعديل على الرغم من القلق الدولي المتزايد.

وقال دانيال نيسمان العامل في قطاع التكنولوجيا المتقدمة: "نحن هنا اليوم لكي نظهر أنفسنا ونضيف صوتنا إلى أصوات مئات الآلاف، إن لم يكن ملايين الإسرائيليين الذين يدعمون القيم التي تأسست عليها هذه الدولة"، على حد تعبيره.

وفي تصريح لوكالة "فرانس برس"، قال نيسمان البالغ 36 عاما: "هذا كل ما نأمله، ان يعيدنا (نتنياهو) من حافة الهاوية".

من جهته، صرح جوش دريل المتحدث باسم الحركة المنظمة للتحرك بأن "عددا متزايدا من الإسرائيليين يستفيقون".

وتابع دريل البالغ 26 عاما، في تصريح لـ"فرانس برس"، "لن نعيش في دكتاتورية. حتى إذا مرّروا الانقلاب القضائي، هذه الحركة الاحتجاجية باقية".

غالانت يدعو إلى وقف الإصلاحات القضائية 

وعلى وقع الاحتجاجات المستمرة، دعا وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، مساء اليوم السبت، حكومة بلاده إلى تجميد خطة الإصلاحات القضائية، التي يعتزم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تنفيذها، حاليًا.

وقال غالانت في مؤتمر صحافي بثته هيئة البث الإسرائيلي (رسمية): "أقولها بصوت عالٍ وعلانية لأبنائنا وبناتنا، يجب تجميد خطة الإصلاحات القضائية"، بحسب "الأناضول".

وحذر من أن "الانقسام في المجتمع يتغلغل في الجيش والأجهزة الأمنية، وهذا خطر مباشر وملموس على أمن الدولة".

ورأى غالانت أن "إسرائيل بحاجة إلى تغيير في النظام القضائي، ومع ذلك، يجب إجراء تغييرات في التواصل والخطاب".

وتابع: "يجب تجميد العملية التشريعية والسماح لشعب إسرائيل بالاحتفال بعيد الفصح وعيد الاستقلال معًا (المناسبتان خلال إبريل/ نيسان)".

وبحسب صحيفة "هآرتس"، انضم إلى دعوة غالانت بعد دقائق من بيانه، نائبان آخران من حزب الليكود، يولي إدلشتين، الذي يرأس لجنة الكنيست للأمن والشؤون الخارجية ، وديفيد بيتان، وهو ناقد نادر لنتنياهو في حزب الليكود اليوم.

وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن وزير الزراعة آفي ديختر، عضو آخر في الليكود، قال لنتنياهو بشكل خاص إنه يؤيد تجميد التشريع. إذا صوت الأربعة جميعًا ضده في النهاية، فلن يكون لنتنياهو أغلبية في التشريع، لكن ليس من الواضح بعد ما إذا كانت معارضتهم المعلنة ستُترجم إلى تصويت بـ "لا" في الكنيست.

غالانت هو أول سياسي بارز من حزب الليكود يعارض التشريع المثير للجدل علانية.
غالانت هو أول سياسي بارز من حزب الليكود يعارض التشريع المثير للجدل علانية (Getty)

بن غفير يدعو إلى استقالة غالانت

دعوة غالانت أثارت حفيظة اليمين المتطرف، إذ دعا وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير رئيس الوزراء نتنياهو إلى إقالة غالانت، الذي "دخل وزارة الدفاع بأصوات اليمين لكنه خضع لضغوط هؤلاء (عناصر مؤسسة الدفاع)، الذين يهددون برفض (القيام بواجبهم) في محاولة لوقف الإصلاح المهم".

وبحسب "هآرتس"، طالب وزير الاتصالات (من الليكود) شلومو كرهي ناخبي حزبه بالعفو بعد خطاب غالانت، متهما وزير الدفاع بـ"الاستسلام تحت ضغط اليسار". وقال عضو الكنيست عن حزب الليكود ورئيس الائتلاف أوفير كاتس، في أعقاب الخطاب، إن "أي شخص لا يصوت لصالح الإصلاح هذا الأسبوع قد أنهى حياته السياسية في الليكود".

في غضون ذلك، أشاد زعيم المعارضة يئير لبيد بخطوة غالانت، قائلا إنها "خطوة شجاعة ومهمة لأمن دولة إسرائيل".

وغالانت هو أول سياسي بارز من حزب الليكود يعارض التشريع المثير للجدل علانية.

ومنذ قرابة 12 أسبوعًا، يتظاهر عشرات آلاف الإسرائيليين يوميا ضد خطة "الإصلاح القضائي" التي تعتزم حكومة نتنياهو تطبيقها.

وتقول المعارضة إن الخطة تمثل "بداية النهاية للديمقراطية"، فيما يردّد نتنياهو أنها تهدف إلى "إعادة التوازن بين السلطات (التنفيذية والتشريعية والقضائية) الذي انتُهك خلال العقدين الأخيرين".

وتتضمّن الخطة تعديلات تحدّ من سلطات المحكمة العليا (أعلى سلطة قضائية)، وتمنح الحكومة سيطرة على تعيين القضاة.

 

ويرى معارضو المشروع الذي يهدف إلى تعزيز سلطة المسؤولين المنتخبين على حساب القضاء، أنّه يهدّد الديمقراطية في الدولة العبرية، وتعرّض لانتقادات من خارج إسرائيل ولا سيما من الولايات المتحدة.

ونقلت "فرانس برس" عن المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيار قولها، الأربعاء، إن الرئيس الأميركي جو بايدن أعرب عن قلق الولايات المتحدة إزاء هذه المقترحات، مقترحات تعديل النظام القضائي".

وفي لندن حيث التقى نتنياهو نظيره البريطاني ريشي سوناك الجمعة نظّمت تظاهرات مناهضة لرئيس الوزراء الإسرائيلي شارك فيها مئات المحتجين.

وأكد سوناك خلال اللقاء "أهمية احترام القيم الديمقراطية التي تقوم عليها العلاقة (بين البلدين) بما يشمل مشروع الإصلاح القضائي في اسرائيل"، وفق متحدث باسمه.

ومن المقرر أن يصوّت المشرعون الإسرائيليون على بنود اساسية في مشروع تعديل النظام القضائي الأسبوع المقبل، لا سيما آلية تعيين القضاة.

وأكد نتنياهو الخميس أن التشريع "لا يفرض سيطرة على المحكمة بل يحدث فيها توازنا وتنوعا".

وأدخلت عليه تعديلات على صعيد اللجان في الأيام الأخيرة بغية ضمان تأييد أكبر خلال التصويت. وأكد نتنياهو أن النص سيطرح على التصويت لإقراره في جلسة عامة "الأسبوع المقبل".

لكن المعارضة استبعدت تأييد أي نص في المشروع قبل وقف آليته التشريعية بالكامل.

وأُعلن عن تنظيم تظاهرات مدى أسبوع في مختلف أنحاء البلاد لا سيما أمام منازل وزراء، والأربعاء أمام البرلمان.

في خطابه المتلفز الخميس قال نتنياهو: "سأبذل كل الجهود، كلّها، من أجل تهدئة النفوس ووضع حد للانقسام في صفوف الشعب".

لكنه شدد على أن حكومته لا تزال "مصممة على تصحيح التعديل الديمقراطي بحس من المسؤولية والدفع به قدما بما يعيد التوازن الصحيح بين السلطات".

والجمعة وصفت المستشارة القانونية لحكومة إسرائيل الي باهراف ميارا تدخل رئيس الوزراء في مشروع إصلاح النظام القضائي الذي يقسم البلاد بأنه "غير قانوني" في ظل استمرار محاكمته بتهمة الفساد.

وأشارت إلى حكم قضائي سابق يشير إلى أن رئيس وزراء وجه له اتهام لا يحق له القيام بإجراءات تثير مخاوف من وجود تضارب في المصالح".