تستعد القوات الإماراتية لمغادرة منشأة بلحاف النفطية في محافظة شبوة جنوب شرقيّ اليمن، التي تطلّ على بحر العرب، عقب مغادرة القوات السعودية بكامل عتادها من مطار مدينة عتق عاصمة المحافظة. وتتزامن هذه التطورات مع أزمات تواجهها محافظة شبوة على مختلف الصعد، وسط دعوات لإقامة احتجاجات ضد قياداتها.
وقالت مصادر عسكرية وسياسية في شبوة، لـ"العربي الجديد"، اليوم الثلاثاء، إنّ القوات الإماراتية في منطقة بلحاف، التي تتخذ من منشأة بلحاف الغازيّة التابعة لشركة "توتال" الفرنسية مقراً لها منذ خمس سنوات، تستعد لمغادرة المنشأة ضمن خطة بدأتها الإمارات في الانسحاب من معسكر العلم في مديرية جردان شرقيّ مدينة عتق.
وقالت المصادر إنّ الإمارات كانت قد سحبت جزءاً من قواتها في بلحاف إلى حضرموت، بعد تصاعد التوتر الشهر الماضي مع قوات الحكومة اليمنية الشرعية في شبوة المطالبة بانسحاب الإمارات من المنطقة، وخصوصاً منشأة بلحاف، لإعادة تشغيل المنشأة وتصدير الغاز الطبيعي المسال من المنشأة المطلة على بحر العرب، الذي تتولاه شركة "توتال" الفرنسية، والمتوقفة منذ بداية الحرب، وتُعدّ أكبر المشاريع الاستثمارية في اليمن.
وذكرت المصادر أنّ القوات الإماراتية أبدت رغبتها في الانسحاب، بحسب الاتفاقات، وبعد ضغوط سابقة كادت تؤدي إلى انفجار الوضع العسكري في منطقة بلحاف، بعد فرض قوات الجيش الوطني التابعة لمحور عتق في شبوة، الذي تديره سلطات شبوة، حصاراً على منطقة بلحاف، قبل أن يتدخل السعوديون وتشكَّل لجنة وساطة أدّت إلى طلب القوات الإماراتية من اللجنة مهلة من شهرين إلى ثلاثة أشهر حتى تنسحب، وتسلّم منشأة بلحاف إلى سلطات شبوة التي شكلت ودربت لواءً عسكرياً لحماية المنشآت النفطية في شبوة، وفي مقدمتها منشأة وميناء بلحاف.
وتأتي هذه التطورات بعد ساعات من مغادرة القوات السعودية مطار عتق، ونقل كل معداتها وأسلحتها وجنودها إلى الحدود السعودية اليمنية، وتأتي أيضاً بعد أيام من انسحاب القوات الإماراتية من معسكر العلم، وطرد قوات المجلس الانتقالي الجنوبي من المعسكر.
وانسحاب قوات الإمارات قد يجبر قوات النخبة الشبوانية التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي الموجودة في بلحاف إلى جانب قوات الإمارات، على مغادرة بلحاف، على غرار ما حدث مع قوات النخبة في معسكر العلم. وكانت القوات الإماراتية تعيد تجميع وتدريب قوات النخبة الشبوانية في بلحاف خلال الفترة الماضية.
وتُعدّ القوات الإماراتية الموجودة في بلحاف، آخر قوات للتحالف السعودي الإماراتي في شبوة، لذلك فإنه في حال مغادرة هذه القوات، تنتقل شبوة لتكون تحت سلطات الشرعية بشكل كامل، باستثناء الأجزاء التي يسيطر عليها الحوثيون في بيحان.
ويأتي هذا متزامناً مع حديث مصدر عسكري في شبوة لـ"العربي الجديد"، عن أنّ القوات التي قدمت من البقع والطلح في محافظة صعدة في الحدود السعودية اليمنية بقيادة اللواء علي بن علي المصعبي، واستقرت خلال الثلاثة أسابيع الماضية في أطراف شبوة، تراجعت خلال الساعات الماضية إلى حضرموت مع الانسحابات السعودية الإماراتية من معسكراتها في شبوة.
أزمة في شبوة
وتأتي هذه التطورات في ظل أزمة تواجه محافظة شبوة على مختلف الصعد عسكرياً وسياسياً، سواء في مواجهة الحوثيين، والترقب لتحركات المجلس الانتقالي الجنوبي العسكرية والسياسية، فضلاً عن الخلاف مع التحالف، إضافة إلى إطلاق مدنيين وناشطين دعوات لإقامة احتجاجات ضد سلطاتها، متزامنة مع إطلاق سلسلة من التصريحات من قيادات عسكرية وأمنية تتضمن اتهامات لمساعي حزب "التجمع اليمني للإصلاح" الإسلامي بالاستفراد بالحكم، وفشله في تحرير ما سقط بيد الحوثيين من مناطق تابعة لمحافظة شبوة.
وقال الصحافي والناشط في حزب "المؤتمر الشعبي العام" زبين عطية، في منشور له على صفحته في "فيسبوك"، مساء الاثنين، إنّ شبوة "تعيش أزمة سياسية وعسكرية وإعلامية خطيرة، ولعل ما تمرّ به المحافظة هذه الأيام، ما هي إلا إرهاصات لاندلاع موجة عاصفة من العنف المسلح والاقتتال الداخلي الذي من الصعب السيطرة عليه".
وأضاف أنه "لاحتواء ذلك، وقبل أن تقع الفأس في الرأس، نرى أن يتم تشكيل خلية لإدارة الأزمة من رجال شبوة المشهود لهم بالحياد والكفاءة والخبرة في مجال إدارة الأزمات، من أمثال ابن المحافظة الدكتور علي حسن الأحمدي، سفير اليمن الحالي في البحرين".