ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز"، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أصبح أكثر انخراطاً في التخطيط الاستراتيجي للحرب بأوكرانيا خلال الأسابيع الأخيرة، مشيرة إلى رفضه طلبات من قادته الميدانيين بالانسحاب من مدينة خيرسون الاستراتيجية.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين مطلعين، قولهم إن بوتين بات يلعب دوراً أعمق في الحرب، بما في ذلك اتخاذ القرارات الاستراتيجية في الميدان، وأضافت: "على الرغم من قبول بوتين لبعض توصيات القادة العسكريين، فإن تدخله أدى إلى خلق توترات".
وقال المسؤولون إن رفض بوتين الانسحاب العسكري من خيرسون أدى إلى انخفاض الروح المعنوية بين القوات الروسية التي انقطعت عنها خطوط الإمداد وتُركت عالقة في مواجهة القوات الأوكرانية.
وينقسم الضباط الروس بحسب الصحيفة، حول كيفية الرد على الهجمات المضادة الأوكرانية، حيث يعتقد بعضهم بضرورة التراجع عن توجيهات بوتين قبل تمكّن الأوكرانيين من اختراق خطوطهم الحالية، فيما يشدد آخرون على ضرورة متابعة هذه التوجيهات.
ويوضّح خلاف بوتين مع قادته العسكريين بشأن خطوط المعركة في خيرسون، أهمية الحرب في جنوب أوكرانيا بالنسبة إلى الطرفين، إذ إن تقدم القوات الأوكرانية في المنطقة المحيطة بخيرسون سيكون حاسماً في الحرب، مع خلق تداعيات استراتيجية على الطرفين.
ويضيف المسؤولون الأميركيون للصحيفة، أن بوتين يعتقد أن انتصار القوات الأوكرانية مجدداً من شأنه أن يزيد من تآكل شعبية الحرب، وهو أمر لا يستطيع المجازفة به.
وتنقل "نيويورك تايمز" عن المصادر ذاتها أن القوات الأوكرانية في طريقها إلى تكرار المكاسب التي سبق أن حققتها قواتها خلال هجومها المضاد، مشيرين إلى أن نجاحها في دفع القوات الروسية إلى التراجع سيعني أن الجسر البري الذي أقامه بوتين إلى شبه جزيرة القرم سيتعرض للتهديد.
ولا يبدو أن خلاف بوتين مع قادته العسكريين ينحصر بمعركة خيرسون، إذ تقول الصحيفة إن ضباطاً روساً شككوا في الخطط المبكرة للحرب، إضافة إلى اعتقادهم أن بوتين يخوض حربه بقوات وأسلحة غير كافية.
وبعد هزيمة الجيش الروسي في كييف، خفف بوتين من سيطرته على التخطيط العسكري، وسمح لجنرالات كبار بوضع استراتيجية جديدة تتركز على تنفيذ قصف مدفعي كثيف، حيث لعبت هذه الخطوة دوراً مهماً في تحقيق نجاح ميداني ودفع الجيش الروسي إلى الأمام شرقي أوكرانيا، في السابق، كما تقول الصحيفة.
وتنقل "نيويورك تايمز" عن مدير الدراسات الروسية في مؤسسة CNA للأبحاث، مايكل كوفمان: "في هذه الحرب كان هناك عدم توافق بين أهداف بوتين السياسية والوسائل العسكرية لتحقيقها. رفض الاعتراف بالواقع، حتى تحولت الخيارات من سيئ إلى أسوأ".
وكان بوتين قد أمر الأربعاء الماضي، بأول "تعبئة جزئية" للجيش في بلاده منذ الحرب العالمية الثانية، وقال إن موسكو "ستدافع عن نفسها بكل ما أوتيت من قوة في ترسانتها الضخمة إذا واجهت تهديداً نووياً من الغرب".
من جهته، قال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو عن التعبئة الجزئية، إنه سيُستدعى 300 ألف من قوات الاحتياط، لافتاً إلى أنّ مَن استُدعوا سيحصلون على تدريب عسكري قبل نشرهم.