قالت مصادر حكومية مصرية، تحدثت مع "العربي الجديد"، إنه تم التوصل إلى اتفاقات جديدة خاصة بزيادة حصة الشركات المصرية في عمليات إعادة الإعمار في ليبيا، وإنه جارٍ العمل على وضع الآليات الخاصة بعمل تلك الشركات هناك، مثل سفر العمال والمعدات اللازمة لتنفيذ المشروعات الموكلة للشركات المصرية.
وأوضحت المصادر الخاصة أن "الاتفاقات الأخيرة الخاصة بحصة مصر من مشروعات إعادة الإعمار في ليبيا، من المرجح أن تكون جاءت كمكافأة على اشتراك مصر في قمة النقب".
فتحت مشاركة مصر في اجتماع النقب أبواب دعمها على مصراعيها
ولفتت المصادر، في أحاديث خاصة لـ"العربي الجديد"، إلى أن "مشاركة مصر باجتماع النقب، والذي رتبت له بالأساس كل من إسرائيل والإمارات، بمباركة أميركية، كانت سبباً في فتح أبواب الدعم للنظام المصري على مصراعيها، إذ تدفقت الاستثمارات الخليجية على مصر بعدها. ليس ذلك فقط، بل فتحت المجال للتوسع في مشروعات إعادة الإعمار في ليبيا".
عودة "المياه لمجاريها" بين مصر والإمارات
وأضافت المصادر أن "التحالف المصري الإماراتي، الذي كان ظاهراً في ليبيا، ويتركز على دعم اللواء المتقاعد خليفة حفتر في الشرق الليبي، أخذ يتراجع في الفترة الأخيرة، بعد التقارب التركي الإماراتي. حتى أن هناك بعض الخلافات التي طفت على السطح بين الحليفين (القاهرة وأبوظبي) في ما يتعلق بالملف الليبي. لكن مشاركة مصر في اجتماع النقب، أعادت جزءا من المياه إلى مجاريها بين النظامين المصري والإماراتي".
وأكدت المصادر أن "المطالب المصرية في ليبيا، تتركز بمعظمها في الحصول على حصة من كعكة إعادة الإعمار هناك، والتي تراهن الحكومة المصرية عليها في تشغيل الشركات والعمالة المصرية، في وقت تعاني فيه الدولة من أزمة اقتصادية ومالية، بسبب الظروف الدولية المتمثلة في الحرب الروسية الأوكرانية، والظروف الداخلية المتمثلة في تضاعف قيمة الديون الخارجية، ونقص العملة الأجنبية".
ولفتت المصادر إلى أن "تراجع الدور الروسي في ليبيا، نتيجة انشغال موسكو في حربها على أوكرانيا، أفسح المجال للأطراف الأخرى اللاعبة في ليبيا، لتنفيذ أجنداتها، والتي من ضمنها مكافأة مصر على مشاركتها في (قمة) النقب".
وقالت المصادر إنه "من مصلحة مصر حالياً تحقيق الاستقرار في الجارة الغربية. لكن ما يحدث على أرض الواقع، هو حالة من الهدوء الحذر، وجمود الوضع، نتيجة لتعثر كل المحاولات لحل الأزمة السياسية في البلاد".
إسرائيل خلف تحقيق المصالح المصرية
وعن تحقيق بعض المصالح المصرية في المنطقة، قالت المصادر إنه "يمكن اعتبار أن إسرائيل هي كلمة السر وراء هذه الترتيبات الجديدة، حيث إن التحركات المصرية الأخيرة في ملف العلاقات معها، والتي منها ما هو سياسي كاجتماع النقب، وما هو اقتصادي كالاتفاق على إحياء اتفاقية "الكويز" بين البلدين، والتي دخلت مرحلة الموت الإكلينيكي منذ فترة، جعلت من إسرائيل داعماً قوياً للنظام المصري في الكثير من الملفات الخاصة بالإقليم".
وأضافت المصادر أن "من بين الملفات الأخرى التي تعول فيها القاهرة على دور إسرائيلي، هو ملف سد النهضة الإثيوبي، لكن إسرائيل لا ترغب في التدخل فيه حتى الآن".
وكان وزير القوى العاملة المصري محمد سعفان، عقد الثلاثاء الماضي، لقاء مفتوحاً مع ممثلي تحالف 3 شركات إنشاءات. وقال بيان لوزارته إن الاجتماع جاء "في إطار سعي الوزارة لتسهيل سبل عودة العمالة المصرية للمشاركة في إعادة إعمار ليبيا".
واستفسر الوزير من ممثلي الشركات عن المشكلات والمعوقات التي يواجهونها خلال الفترة الأخيرة، للعمل على حلها بالتنسيق مع الجانب الليبي، وكذلك إجراءات الاستقدام للعمالة.
والمعروف أن الشركات المصرية العاملة في ليبيا هي "أوراسكوم للإنشاءات" المملوكة لعائلة ساويرس، و"حسن علام للإنشاءات"، و"رواد الهندسة الحديثة" المملوكة لعائلة محمد السويدي، رئيس اتحاد الصناعات وأحد الداعمين الرئيسيين للرئيس عبد الفتاح السيسي.
من جهته، أكد ممثل شركة "أوراسكوم"، خلال الاجتماع مع سعفان، أنه تم بالفعل تأسيس 3 أفرع للتحالف داخل الأراضي الليبية، كما يتم حالياً العمل على الاعتمادات المالية بين الطرفين، للبدء في سفر العمالة بعد انتهاء شهر رمضان، للعمل في المشروعات التي سيتم تنفيذها. وأشار إلى أن هناك مجموعة مشروعات لا تزال تحت الدراسة، بدءا من الجانب الغربي إلى الجانب الشرقي والجنوبي من الدولة الليبية.
وعود بمساعدة مصر
وكانت المصادر قد قالت لـ"العربي الجديد" أخيراً إن "عقد وزراء خارجية إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية ومصر والمغرب والإمارات والبحرين اجتماعاً في مستوطنة "سديه بوكير" في النقب، في 27 و28 مارس/آذار الماضي، جاء بدعوة من وزير خارجية إسرائيل يئير لبيد، بهدف إنشاء تحالف إسرائيلي – عربي، بمباركة أميركية، لمواجهة مشروع إيران النووي وسياساتها الإقليمية، جاء بعد تقديم وعود إلى القاهرة -التي كانت متحفظة على المشاركة في الاجتماع- بمساعدتها في الخروج من أزمتها".
إسرائيل لا ترغب حتى الآن في التدخل بملف سد النهضة
وأوضحت المصادر أن مصر "كانت متحفظة على المشاركة في اجتماع النقب. وكانت آخر دولة توافق على دعوتها إليه، لأنها ترى أن هذا الاجتماع يمنح إسرائيل دوراً قيادياً في المنطقة على حسابها، بالإضافة إلى حرصها على عدم التصادم مع إيران".
وأشارت إلى "عدم ارتياح مصر للمقترح الإسرائيلي بشأن بناء منظومة دفاع جوي في دول عربية، لمواجهة الطائرات المسيّرة والصواريخ البالستية التي يمكن أن تستهدف إسرائيل، وكذلك إقامة نقاط ومكاتب لأجهزتها الأمنية في دول عربية عديدة، تحت غطاء التنسيق الأمني والاستخباري، لكنها اضطرت للمشاركة على استحياء في الاجتماع في مقابل وعود بمنح ومساعدات اقتصادية".
ولفتت المصادر إلى أن "لقاءات المسؤولين المصريين والإسرائيليين، التي عقدت عقب اجتماع النقب، كان لها دور فعال في إعطاء الفرصة للشركات المصرية للاستفادة من فرص استثمارية بالمنطقة، تساعد النظام المصري على تجاوز الأزمة الاقتصادية التي كادت أن تؤثر على استقراره".
لقاء اقتصادي مصري إسرائيلي
والتقت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية المصرية هالة السعيد ووزيرة التجارة والصناعة نيفين جامع، مع وزيرة الاقتصاد بحكومة الاحتلال أورنا باربيباي، في مقر وحدة "الكويز" بوزارة التجارة والصناعة، في الـ31 من الشهر الماضي.
وذكر بيان لوزارة التجارة والصناعة، وقتها، أنه "تم خلال المناقشات تناول أطر التعاون المشترك بين البلدين، لتفعيل الإمكانات التجارية والاستثمارية البينية التي يتمتع بها الجانبان، بما ينعكس على زيادة معدلات النمو الاقتصادي، بما في ذلك الاستثمار الأمثل لحجم ونطاق اتفاقية الكويز، وتسهيل مرور صادرات عدد من السلع بين البلدين، من خلال الاتفاق على بلورة إجراءات محددة بالتبادل في هذا الإطار".
وحسب بيان صدر عن وزارة الاقتصاد والصناعة الإسرائيلية فإن المناقشات "تناولت العديد من المواضيع، من بينها التقدّم في موضوع توسيع معبر نيتسانا لتحسين آليّات نقل البضائع بين البلدين وزيادة حجمها بشكل كبير".
اضطرت مصر للمشاركة باجتماع النقب في مقابل وعود بمنح ومساعدات اقتصادية
وأشار البيان إلى أن باربيباي بحثت مع الوزيرتين المصريتين "سبل توسيع التعاون الاقتصادي بين البلدين، بما في ذلك زيادة القدرات التصديرية من خلال اتفاقية الكويز، وتوسيع نطاق القطاعات التي تضمنها حالياً، لتشمل قطاعات أخرى مثل الصناعات الغذائية، وكذلك استيراد الكيماويات ومواد البناء وغيرها".
وقالت باربيباي إن "إمكانات التجارة مع مصر بعيدة عن أن تكون مستنفدة بالكامل، وتوسيعها في مجالات متنوعة مثل الزراعة والسياحة، وغير ذلك، يعد هدفاً حيوياً لكلا البلدين. من واجبنا أن نعمل على تسهيل الأعمال بشكل كبير من أجل تمكين ذلك". وكان بلغ حجم التبادل التجاري بين إسرائيل ومصر في العام 2021 نحو 330 مليون دولار، بحسب وزارة الاقتصاد والصناعة الإسرائيلية، وذلك بزيادة قدرها 63 في المائة مقارنة بالعام 2020.