"مستقبل وطن" يستعد للتلاعب بالانتخابات: مصادرة بطاقات فقراء مصر

23 أكتوبر 2020
ترجيح تكرار انتهاكات انتخابات مجلس الشيوخ (محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -

أفادت مصادر متطابقة في الجمعيات الأهلية المصرية بأن حزب "مستقبل وطن"، المحسوب على السلطات المصرية، خاطب جميع الجمعيات في المحافظات بشكل رسمي، من أجل طلب قوائم الفقراء والمستفيدين في كل جمعية خيرية، والاستحواذ على صور بطاقاتهم الشخصية، ما يعزز الشكوك بشأن نوايا لتزوير انتخابات مجلس النواب المرتقبة. وقالت المصادر، في حديث خاص لـ"العربي الجديد"، إن المسؤولين عن نحو 45 ألف جمعية، هي مجموع الجمعيات الخيرية في مصر، تلقوا تهديدات من المرشحين عن "مستقبل وطن"، تشمل التضييق والغلق، في حال عدم تسليم بيانات وبطاقات المستفيدين من خدماتها، فضلاً عن إلزام كل جمعية بتوفير حافلتين لنقل 100 ناخب على الأقل من المسجلين في دفاترها في كل مرحلة انتخابية.

ودعت وزير الهجرة المصرية نبيلة مكرم المصريين في الخارج إلى المشاركة في المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب، والمقرر إجراؤها على مدار أيام 21 و22 و23 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، وفي الداخل يومي السبت والأحد المقبلين لـ13 محافظة من أصل 27، وذلك بالتزامن مع بدء إرسال بطاقات الاقتراع إلى السفارات والقنصليات المصرية في الخارج للتصويت عبر البريد.


45 ألف جمعية خيرية في مصر تلقت تهديدات من المرشحين عن "مستقبل وطن" تشمل التضييق والغلق
 

وأضافت المصادر أن حزب "مستقبل وطن" يستهدف من وراء هذه الخطوة "توسيع قاعدة المشاركين في انتخابات البرلمان، وحصول مرشحي الحزب على النسبة الأكبر من أصوات الناخبين، حتى وإن كان عن طريق تسويد بطاقات الاقتراع" (بما تتضمنه من وضع عدد كبير من بطاقات الاقتراع في صندوق الاقتراع لصالح مرشح محدد). ورأت المصادر أن "هذه الممارسات هي نفسها التي كان يستخدمها أنصار الحزب الوطني المنحل إبان فترة حكم الرئيس المخلوع الراحل حسني مبارك". وتابعت أن مرشحي الحزب اتفقوا مع المئات من "سماسرة الانتخابات" في محافظات المرحلة الأولى، لحشد أصوات المواطنين البسطاء مقابل 100 جنيه للفرد (6 دولارات)، ونقلهم في حافلات وسيارات مؤجرة إلى اللجان الانتخابية. واستشهدت المصادر ببدء عملية شراء الأصوات في دائرة الدقي والعجوزة بمحافظة الجيزة، والتي تشهد منافسة حامية بين مجموعة من أصحاب الأموال، أبرزهم رجل الأعمال محمد أبو العينين، والإعلامي الممول من الإمارات عبد الرحيم علي.
وقال عبد الرحيم علي في تدوينة له على موقع "فيسبوك": "دعواتكم، فإني أواجه أكبر حملة لاستخدام المال السياسي جرت في تاريخ مصر الحديث... لكننا إن شاء الله لمنتصرون!"، وهو ما ردّ عليه أبو العينين بتوجيه الشكر لأهالي الدائرة على "الاستقبال الرائع في اللقاءات والجولات الانتخابية، والتي وصل عددها إلى 22 في أيام قليلة". وأضاف عبد الرحيم في تغريدة على صفحته الرسمية: "كل مشكلاتكم هي مشكلاتي، وسنحلها معاً لأنها طلبات مُلحة ومشروعة".

ورجحت المصادر تكرار الانتهاكات نفسها التي شهدتها انتخابات مجلس الشيوخ قبل أقل من شهرين، وتورط فيها أنصار حزب "مستقبل وطن" في توزيع مبالغ مالية على الناخبين على أبواب اللجان، مقابل التصويت لصالح مرشحي الحزب وسط مباركة من الأمن. وجاء ذلك استغلالاً لحاجة الفقراء إلى المال، في ظلّ تردي أوضاعهم المعيشية من ناحية، ومواجهة حالة ضعف الإقبال من ناحية أخرى، باعتبار أن الانتخابات محسومة سلفاً لمرشحين بعينهم.

وتجرى انتخابات المرحلة الأولى للبرلمان في محافظات: الجيزة، والفيوم، وبني سويف، وسوهاج، والمنيا، وأسيوط، والوادي الجديد، وقنا، والأقصر، وأسوان، والبحر الأحمر، والإسكندرية، والبحيرة، ومطروح، في حين تجري انتخابات المرحلة الثانية للمصريين في الخارج أيام 4 و5 و6 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، وفي الداخل على مدار يومي 7 و8 نوفمبر، وذلك في محافظات: القاهرة، والقليوبية، والدقهلية، والمنوفية، والغربية، وكفر الشيخ، والشرقية، ودمياط، وبورسعيد، والإسماعيلية، والسويس، وشمال سيناء، وجنوب سيناء.
وقدرت المصادر تحمل موازنة الدولة (المتخمة بالأعباء والدين) ما يقرب من أربعة مليارات جنيه (حوالي 256 مليون دولار)، ككلفة لإجراء انتخابات مجلسي الشيوخ والنواب، نظراً لإجرائهما على 6 فترات بواقع فترتين لمجلس الشيوخ (جولة أولى وإعادة)، و4 فترات لمجلس النواب (مرحلتين وجولتي إعادة)، وما تبع ذلك من زيادة عدد اللجان، وتوزيع كميات كبيرة من الكمامات والمعقمات على الناخبين منعاً لتفشي كورونا.
وحظي القضاة والموظفون المسؤولون عن الإشراف على عملية التصويت في انتخابات البرلمان، وكذلك ضباط وأفراد الجيش والشرطة المناط بهم تأمين اللجان من الخارج، على الحصة الأكبر من كلفة الانتخابات، في ضوء تقاضيهم لبدلات مالية ضخمة في اليوم الواحد، علماً أن عملية الانتخاب في المجلسين ستصل إلى 12 يوماً في الداخل، وكان من الممكن إجراؤهما في آن واحد ترشيداً لهذه النفقات.

يستغل "مستقبل وطن" حاجة الفقراء إلى المال، لمواجهة ضعف الإقبال 

تجدر الإشارة إلى موافقة مجلس النواب على زيادة مخصصات الهيئة الوطنية للانتخابات من 60 مليون جنيه إلى 72 مليون جنيه (4 ملايين دولار)، في مشروع الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2020-2021، والتي لم تكن تتخطى 7 ملايين جنيه في العام المالي 2018-2019. وجاء ذلك بهدف تمويل أجور ومكافآت رئيس وأعضاء الهيئة من القضاة والمستشارين، والأمانة الفنية لها، وذلك إضافة إلى ما يحصل عليه القضاة المشاركون مقابل الإشراف على الانتخابات.

ولم تسمح هيئة الانتخابات في مصر سوى لأربع منظمات أجنبية فقط بالإشراف على انتخابات مجلسي الشيوخ والنواب، وهي منتدى "جالس" من أوغندا، ومنظمة "إيكو" من اليونان، ومنظمة "متطوعون بلا حدود"، والبرلمان العربي. وقبلت الهيئة إشراف 37 منظمة محلية، ليس بينها أي منظمة حقوقية مستقلة، بعدما استبعدت جميع المنظمات التي توجه انتقادات للنظام المصري حول انتهاكات حقوق الإنسان.

سوشيال ميديا
التحديثات الحية
المساهمون