"طالبان" تنفي التوصل إلى اتفاق مع الوفد الحكومي حول جدول أعمال محادثات السلام الأفغانية
نفى المتحدث باسم المكتب السياسي لحركة "طالبان" محمد نعيم، اليوم الثلاثاء، أن "يكون قد تم التوصل إلى اتفاق مع الوفد الحكومي على جدول أعمال محادثات السلام في أفغانستان الجارية في الدوحة".
وقال نعيم، في ردّه على سؤال لـ"العربي الجديد" عبر الهاتف، إنّ "الاتفاق لم يتمّ بعد والخبر لا صحة له".
وفي سياق مواز أيضاً، أكدت مصادر في حركة طالبان لـ"العربي الجديد" أن ما تداولته بعض وسائل الإعلام بشان اتفاق طالبان والحكومة على مدونة سلوك أمر غير صحيح، وأن نقطتي الخلاف بين الطرفين ما زالتا في مكانهما ولم تحصل لجنة التواصل بين الطرفين أي تقدم بهذا الخصوص في الأيام الأخيرة.
وذكرت المصادر أن نقطتي الخلاف هما مطلب طالبان أن يكون التوافق بينها وبين واشنطن أساس المفاوضات بين الأطراف الأفغانية، الأمر الذي ترفضه الحكومة. كما تطلب طالبان أن يكون الفقه الحنفي هو أساس لحل أي مشاكل قد تبرز أثناء عملية الحوار، بينما الحكومة تضيف إليه الفقه الجعفري أيضاً.
لكن المصادر تؤكد أن الطرفين اتفقا على مواصلة الحوار من أجل إزالة العقبات، مع تقدم في الكثير من الجوانب الأخرى فيما يتعلق بمدونة سلوك.
وكانت وكالة "رويترز" للأنباء قد نسبت، في وقت سابق اليوم الثلاثاء، لثلاثة مصادر رسمية لم تحدّدها قولها "إن مسؤولين من (طالبان) وممثلين عن حكومة أفغانستان اتفقوا على مدونة سلوك تحدّد القواعد الأساسية للمضي قدماً في محادثات السلام بينهم في الدوحة"، وقالت المصادر إن "الوفدين اتفقا أمس الاثنين، وبمساعدة مسؤولين أميركيين، على 19 قاعدة تشكل مدونة سلوك سيتم الالتزام بها للحيلولة دون انهيار محادثات السلام".
وبدأت المفاوضات بين الحكومة الأفغانية وحركة "طالبان" في شهر سبتمبر/ أيلول الماضي في الدوحة، للتوصل إلى اتفاق ينهي عقوداً من الحرب في أفغانستان. ويؤكد طرفا الحوار في العاصمة القطرية استمرار الاجتماعات لإنجاح المحطة الأولى منها، والمتمثلة بوضع خريطة طريق للحوار، وهي محطة أرجئ البتّ فيها بسبب الخلاف بين الطرفين على نقطتين. وتتمثل النقطة الأولى في مطلب الحركة أن يكون الفقه الحنفي الرائج في أفغانستان أساساً لحل جميع المشاكل التي قد تبرز أثناء الحوار، بينما تصرّ الحكومة الأفغانية على ضمّ الفقه الجعفري إلى الحنفي، أما النقطة الثانية فهي أن يكون التوافق بين "طالبان" وواشنطن هو الأصل للحوار بين الأطياف الأفغانية، وهو ما ترفضه أيضاً الحكومة الأفغانية، التي تفسر الاتفاق وشروطه بشكل مختلف.
ويواصل الرئيس الأفغاني أشرف غني زيارته إلى العاصمة القطرية الدوحة، ويتابع، في اليوم الثاني من زيارته، مباحثاته بشأن المصالحة الأفغانية.
وبحسب الرئاسة الأفغانية، فإن غني ناقش المصالحة الأفغانية مع قيادة دولة قطر، كما اجتمع بأعضاء وفد الحكومة الذي يتفاوض مع "طالبان"، علاوة على اجتماعه بالمبعوث الأميركي الخاص للمصالحة الأفغانية زلماي خليل زاد وقائد القوات الأميركية في أفغانستان الجنرال سكوت ميلر.
من جانبه، قال خليل زاد، في سلسلة تغريدات له على حسابه في "تويتر"، إنه والجنرال ميلر التقيا بالرئيس الأفغاني في الدوحة، وإنه شدد خلال اللقاء على استغلال فرصة الحوار الحالية، مؤكداً أن خفض وتيرة العنف، وبشكل ملحوظ، سيحافظ على الأرواح، وسيخلق جواً من الاعتماد بين الفرقاء الأفغان، وهذا أمر لا بد منه.
6/6 A significant reduction in violence will save lives; increase trust; broaden support for peace; and help the negotiating teams make progress at a faster pace. This is what the Afghan people want. And the United States stands with them.
— U.S. Special Representative Zalmay Khalilzad (@US4AfghanPeace) October 6, 2020
وأكد الرئيس الأفغاني، وفق خليل زاد، أنه يدعم قيام مفاوضي الجمهورية الإسلامية بعملهم مهما استغرق الأمر.
كذلك التقى خليل زاد رئيس المكتب السياسي لحركة "طالبان" الملا عبد الغني برادر، حيث ناقش الجانبان تنفيذ اتفاق الدوحة للسلام في أفغانستان، والخطوات المتخذة بعد توقيع اتفاق السلام، اعترافاً منهما بأهمية المضي قدماً بحسب متن ومحتوى اتفاق الدوحة.
وتسود حالة من الترقب والانتظار حيال زيارة الرئيس الأفغاني أشرف غني المفاجئة إلى الدوحة واجتماعه هناك بمسؤولين قطريين وأميركيين ووفد الحكومة، في ظل عدم وجود أي تقدم في المفاوضات بين الطرفين في الأيام الأخيرة، ووجود خلافات بينهما بشأن بعض النقاط المهمة.
كذلك يتوقع الأفغان أن تلعب أميركا ودولة قطر دورهما في إزالة الخلافات بين الطرفين كي تمضي عملية المفاوضات بينهما إلى الأمام، علّها تخرج أفغانستان من مأزق الحرب الحالي.
في غضون ذلك، توجه، اليوم الثلاثاء، رئيس المجلس الأعلى الوطني للمصالحة الأفغانية دكتور عبد الله عبد الله نحو الهند، في زيارة رسمية يناقش من خلالها مع القيادة الهندية دور نيودلهي في المصالحة الأفغانية.
وقال الناطق باسم المجلس فريدون خزون، لـ"العربي الجديد"، إن عبد الله يزور الهند على رأس وفد رفيع، وهدف الزيارة الحصول على دعم دول المنطقة للمصالحة الأفغانية. وأضاف أن عبد الله والوفد المرافق له سيلتقيان خلال الزيارة مع رئيس الوزراء الهندي ومستشار أمنه القومي ووزير الخارجية والقيادة الهندية بشكل عام.
وذكر خزون أن دور الهند بارز وريادي في المصالحة الأفغانية، كما هو شأن باقي دول المنطقة والجوار، معرباً عن أمله في أن تساند نيودلهي عملية المفاوضات الأفغانية، مشيراً إلى أن الزيارة تأتي ضمن سلسلة زيارات مسؤولين أفغان إلى دول المنطقة بهدف خلق الإجماع بينها بشأن عملية السلام في أفغانستان.
وكان عبد الله قد قام بزيارة رسمية الأسبوع الماضي إلى باكستان، المنافسة للهند في المنطقة، وكان هدف الزيارة هو مناقشة دور باكستان في عملية السلام. وحينها، أعربت الحكومة الأفغانية على لسان أكثر من مسؤول فيها عن نجاح تلك الزيارة وحصول دعم القيادة السياسية والعسكرية في باكستان لعملية السلام في أفغانستان.
بهذا الصدد، قال مندوب الرئيس الأفغاني في شؤون باكستان محمد عمر داوود زاي، وهو يرافق عبد الله في زيارته إلى باكستان، في تصريح له، إنّ إسلام أباد جادة في التعاون مع ملف المصالحة في أفغانستان، وإن تلك الزيارة كانت مثمرة جداً وستُلمس آثارها في القريب العاجل.