"طالبان" تستعيد أفغانستان: أسئلة أوروبية عن الهجرة ومستقبل البلاد

17 اغسطس 2021
حذر ماكرون وميركل في تصريحاتهما من موجة هجرة جديدة (Getty)
+ الخط -

 

طرح نجاح حركة "طالبان" في استعادة السلطة بأفغانستان، أسئلة كثيرة في أوروبا، لم ترتق إلى مستوى الحدث، على الرغم من كثرتها. فلا أحد في السلطة في الدول الأوروبية، تحدث حتى الآن، عن فشل المجتمع الدولي بعد سنوات طويلة من القتال في أفغانستان، بحماية سكّانه من خطر "طالبان". وبدل مساءلة حلف شمال الأطلسي على سبيل المثال، ظلّ السؤال الأبرز يدور حول ما إذا ستعود الدول الأوروبية لتكون عرضة لموجة جديدة من الهجرة.
هذا السؤال طغى على الحدث السياسي الناجم عن التطورات الأفغانية، وأخرجه من سياقه، من خلال تصوير الأفغان على أنهم جيش من المهاجرين يستعدون للزحف إلى عواصم القارة العجوز. وفي باريس، اندلع هذا النقاش على أعلى المستويات، إذ تناوله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال كلمة حول تطورات الوضع في أفغانستان، ليل أمس الاثنين، معلناً عن إطلاق مبادرة تقودها فرنسا وألمانيا مع دول أوروبية أخرى، لـ"بلورة رد صلب ومنسق وموحد" للحؤول دون "موجات هجرة واسعة تغذي التهريب على أنواعه". ودعا ماكرون إلى "تضامن في الجهود وتجانس في معايير الحماية وإقامة آليات تعاون مع دول العبور". 

إطلاق مبادرة تقودها فرنسا وألمانيا، للحؤول دون موجات هجرة واسعة 

وحذّر الرئيس الفرنسي في كلمته، من ألا تتحول أفغانستان مجدداً "معقلاً للإرهاب"، داعياً إلى "رد (دولي) مسؤول وموحد"، معتبراً أن ذلك "رهان من أجل السلام والاستقرار الدوليين ضد عدو مشترك، الإرهاب ومن يدعمونه". وقال ماكرون: "سنقوم بكل ما هو ممكن لتتمكن روسيا والولايات المتحدة وأوروبا من التعاون بفاعلية، لأن مصالحنا واحدة".

ومع بداية الأسبوع الحالي، هرع الزعماء الأوروبيون إلى عقد اجتماعات لنقاش سبل مواجهة أزمة هجرة محتملة. كانت الإشارة إلى ذلك واضحة في تصريحات لرئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي تحدثت هاتفياً مع ماكرون، قبل أن يلقي الأخير خطابه، ويعلن فيه عن المبادرة المشتركة مع برلين، لأن "أوروبا وحدها لا تستطيع تحمل تبعات الوضع الحالي" على صعيد الهجرة. وسيشمل ذلك إجراء اتصالات سريعة مع دول العبور، مثل باكستان أو تركيا أو إيران.
وناقش وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي هذه المسألة خلال اجتماعهم الطارئ اليوم الثلاثاء، في حين سرّبت صحيفة "لوموند" مقتطفات من البيان الذي سيصدر، حيث ستعلن 25 دولة عضوا في الاتحاد الأوروبي، و40 دولة أخرى في القارة، أنها "مستعدة لمساعدة الشعب الأفغاني الذي يستحق العيش بأمان وأمن وكرامة". لكن مصدراً أوروبياً نقلت عنه "لوموند"، قوله، إن هذا البيان "ليس دعوة للأفغان للقدوم إلى أوروبا بأي حال من الأحوال". 
بيد أنه لا يمكن الجزم بمدى فعالية أي تحرك قد يقوم به الاتحاد الأوروبي. فعلى الرغم من أن أفغانستان هي المستفيد الأكبر من مساعدات صندوق التنمية الأوروبية، إلا أن محاولة لعب هذه الورقة ليست بالأمر الواضح بعد، لا سيما أن السلطات كلها باتت في يد "طالبان" التي لن تتأثر إذا ما قرر وزراء الخارجية الأوروبيون تعليق هذه المساعدات. كما أن هذه المساعدات كانت تقدم عبر منظمات غير حكومية للسكان والأقليات والنساء، ومع سيطرة "طالبان" على الحكم، أصبح استمرار عمل هذه المنظمات مهدداً.

لن تتأثر "طالبان" إذا ما قرّر الأوروبيون تعليق مساعداتهم

وكانت صحيفة "لوموند" قد حذّرت في افتتاحيتها اليوم، من المصير القاتم الذي ينتظر الأفغان، ولا سيما النساء بعد سيطرة "طالبان" على الحكم. واعتبرت أن الأسئلة التي تطرح الآن هي أسئلة مؤلمة جداً، تتعلق بمستقبل مدنيين وبلد. واعتبرت الصحيفة أن الخوف الأكبر هو من الأسوأ الذي ينتظر المدنيين والنساء، والمسؤولين الذين آمنوا لعقدين من الزمن في بناء بلد مختلف عن حكم "طالبان" السابق من عام 1996 إلى 2001. وأشارت الصحيفة، إلى أن التعامل مع القرار الأميركي بالانسحاب من أفغانستان مربك جداً، فهو على الرغم من شرعيته، إلا أنه يعيد إلى الأذهان مشاهد دموية في العراق بعد الانسحاب الأميركي عام 2011، حين كان الرئيس الحالي جو بايدن نائباً للرئيس الأسبق باراك أوباما، وهو عايش تلك اللحظات جيداً وعليه اليوم "الدعاء كي لا يضطر إلى إعادة نشر قوات أميركية بعد أشهر أو سنوات من أجل شن حرب على جيل جديد من الجهاديين".

المساهمون