"داعش" في الجنوب السوري: خطة النظام لإخضاع درعا

16 أكتوبر 2022
هدوء حذر في مدينة جاسم بريف درعا (لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -

يسود هدوء حذر مدينة جاسم في ريف درعا الشمالي جنوبي سورية، اليوم الأحد، بعد الاشتباكات وعمليات التمشيط التي جرت خلال اليومين الماضيين بين مسلحين محليين وعناصر مفترضين من تنظيم "داعش"، أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى من الطرفين، واعتقال العديد من الأشخاص.

وذكر الناشط أبو محمد الحوراني، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن المقاتلين التابعين للواء الثامن (مقره في بصرى الشام، وكان يتلقى الدعم من روسيا قبل إلحاقه بالأمن العسكري التابع للنظام السوري)، ومقاتلي فصائل التسوية والمصالحة المنضوية تحت اللجان المركزية في المنطقة الغربية، انسحبوا من مدينة جاسم، بعدما ساعدوا المسلحين المحليين في المدينة في مطاردة عناصر "داعش"، بينما يستمر العمل بحظر التجول مع تعطيل المدارس، اليوم الأحد.

وأشار الحوراني إلى "سماع إطلاق نار متقطع خلال الليلة الماضية، خاصة في منطقة العالية غربي المدينة، بينما تتواصل النداءات من مكبرات الصوت في المساجد بضرورة التزام الأهالي بحظر التجول والبقاء في منازلهم حفاظاً على حياتهم حتى الإعلان عن انتهاء العملية الأمنية".

وبين المتحدث ذاته، من جهة ثانية، أن "العديد من الأهالي لم يلتزموا بالحظر المفروض منذ 3 أيام، بسبب اضطرارهم للخروج من أجل تأمين احتياجاتهم الغذائية أو استلام مادة المازوت، حيث وصلت للعديد منهم رسائل على الهاتف المحمول لاستلام حصتهم، وفق نظام "البطاقة الذكية" المعمول به في مناطق سيطرة النظام لتوزيع معظم الاحتياجات الضرورية".

حصيلة الاشتباكات

ووفق شبكات محلية، منها "تجمع أحرار حوران"، فقد أسفرت الاشتباكات خلال اليومين الماضيين داخل مدينة جاسم بين المقاتلين المحليين وعناصر "داعش" عن مقتل اثنين من قادة مجموعات التنظيم من أبناء المنطقة، وثالث من الجنسية اللبنانية (فجّروا أنفسهم بأحزمة ناسفة)، في حين قتل نحو 10 عناصر آخرين، وجرى أسر العديد منهم أيضاً، فيما لا يزال مصير بقية قادة التنظيم الأجانب مجهولاً، ومن بينهم مصير القيادي عبد الرحمن العراقي (سيف بغداد)، الذي يعتقد أنه غادر المدينة صباح أمس السبت إلى مكان مجهول.

وفي المقابل، قتل 4 من عناصر المجموعات المحلية، وهم الشقيقان إبراهيم خالد عميره وأسامة خالد عميره من مدينة جاسم، ومعتز تركي البردان من مدينة طفس، وباسل محمد شامان السعدي من مدينة إنخل، وأصيب عدد آخر بجروح متفاوتة.

وأكد المتحدث باسم "تجمع أحرار حوران"، أيمن أبو محمود، لـ"العربي الجديد"، أن قوات النظام لم تشارك في العملية الأمنية ضد عناصر التنظيم، خلافاً لادعاءات وسائل إعلام النظام، حيث اقتصرت المؤازرات على مجموعات من "اللواء الثامن" وأخرى من "اللجان المركزية" من ريف درعا الغربي، حيث استقدم مقاتلو اللواء الثامن أسلحة ثقيلة بناءً على طلب أهالي جاسم، من دون تنسيق مع النظام السوري.

تعاون بين "داعش" والنظام

وكانت قوات النظام حشدت حول المدينة في الأيام الماضية بحجة محاربة تنظيم "داعش"، وجاءت الحملة الأمنية المحلية بهدف قطع الطريق على قوات النظام والمليشيات الإيرانية لدخول المدينة. كما رفض معظم أهالي جاسم عروضاً من النظام للانضمام لأجهزته الأمنية.

وحول وجود هذا العدد اللافت من عناصر تنظيم "داعش" في المدينة، قال أبو محمود إنه من غير المستبعد أن تكون أجهزة النظام الأمنية سهلت دخولهم إلى المدينة، خاصة في الأسابيع الأخيرة بعد عملية النظام في مدينة طفس المجاورة.

وأوضح أنه، وفق مصادر التجمع، فإن عدد عناصر التنظيم لم يكن يزيد عن 15 عنصراً، في حين تجاوز 100 عنصر خلال الشهر الماضي، معتبراً أن دخولهم المدينة كان لإعطاء الحجة للنظام من أجل اقتحامها.

وأضاف المتحدث باسم "تجمع أحرار حوران" أن عناصر وقادة التنظيم الذين وصلوا من مناطق الشمال السوري بتسهيل من قوات النظام كان لهم دور لافت في تكثيف عمليات الخطف والقتل وطلب الأموال من المدنيين، حتى إنهم أسسوا محكمة شرعية في إحدى المزارع القريبة من المدينة، وطلبوا من الأهالي مراجعتها للمحاكمة، في وضع مشابه لنشأة التنظيم في منطقة حوض اليرموك في ريف درعا الغربي أواخر عام 2014.

وأوضح أبو محمود أن عناصر التنظيم لم يستهدفوا أبداً قوات النظام، واقتصرت عملياتهم على استهداف قادة سابقين في "الجيش الحر" ومدنيين، ما يشير إلى توظيفهم من جانب أجهزة النظام الأمنية لتصفية معارضي النظام من جهة، ولكي يكون وجودهم ذريعة لإخضاع مدن درعا من جهة أخرى.
 
وتوقع المتحدث أن تستمر الحملة العسكرية على "داعش" في جاسم حتى إنهاء وجوده في بلدة العالية القريبة والحي الغربي الذي لم تدخله المجموعات المحلية حتى الآن، مشيراً إلى أن نظام الأسد كان أطلق سراح العشرات من قادة وعناصر تنظيم "داعش" من أبناء محافظة درعا مطلع عام 2020 من سجونه، بعد اعتقالهم خلال سيطرته على المحافظة عام 2018.