"تسوية الشيخ جراح".. محاولات الاحتلال اختراق حصن الأهالي

06 نوفمبر 2021
تراجع عن القبول بالتسوية التي اقترحتها المحكمة الإسرائيلية على أهالي حي الشيخ جراح (Getty)
+ الخط -

تراجع أهالي حي الشيخ جراح في القدس المفاجئ عن القبول بالتسوية التي كانت اقترحتها المحكمة العليا الإسرائيلية، رغم تأكيد عديد المصادر لـ"العربي الجديد" قبولهم بها، أثار ردود فعل لدى مختلف الأطراف سواء لدى الأهالي أو الرموز والشخصيات الوطنية التي تابعت القضية على مدى سنوات، وسط تأكيدات على ضرورة تحصين الجبهة الداخلية الفلسطينية للأهالي بوجه محاولات الاحتلال عملية تهجيرهم.

وأجمعت ردود هذه الأطراف، بما في ذلك أصحاب المنازل المهددة بالتهجير القسري، على الدور الكبير الذي قام به محامو الأهالي في الدفاع عن قضيتهم، نافين بذلك ما تردد من تقارير أشارت إلى ضغوط مارسها المحامون على الأهالي للقبول بالتسوية أو التواطؤ ضدهم.

بدوره، رفض رئيس الهيئة الإسلامية المسيحية في القدس حاتم عبد القادر، في حديث لـ"العربي الجديد"، الاتهامات الموجهة للمحامين بمحاولة توريط أهالي الشيخ جراح. 

وقال: "لا أعتقد أن المحامين كانوا يريدون فعلاً أن يورطوا العائلات من خلال قبول مقترح التسوية، وقاموا بجهد كبير بتمسكهم بفلسطينية الأرض ووقوفهم إلى جانب العائلات، ولكن كانت هناك وجهة نظر عند المحامين بأن هذه التسوية ليست بالضرورة اعترافاً كاملاً بملكية الأرض للمستوطنين، وأن التسوية نتيجة نضال سياسي وميداني قام به الفلسطينيون، وأنها ألغت كل القرارات السابقة حول حسم قضية الملكية للمستوطنين، وحالت دون حسم قضية الملكية في موضوع التسوية على الأرض والتي ستجرى لاحقاً".

وشدد عبد القادر على أن القوى الوطنية أكدت أن الاعتراف ولو مؤقتاً بملكية المستوطنين للأرض يعتبر سابقة خطيرة في مدينة القدس، يمكن أن تنسحب على العديد من المواقع التي يتنازع فيها المواطنون على الملكية مع الجمعيات الاستيطانية كما هو الحال في سلوان، والقضية لم تعد قضية شخصية تعني فقط أصحاب المنازل، بل باتت قضية وطنية وحتى دولية.

سيناريوهات متوقعة

وعن التبعات المحتملة لقرار رفض مقترح التسوية، قال عبد القادر: "ثلاثة سيناريوهات متوقعة؛ فرض المحكمة تسوية على الطرفين وسيرفض الأهالي ذلك، وقد تلجأ المحكمة لتنفيذ قرارات الإخلاء حال الرفض، وستكون له عواقب وتداعيات خطيرة على الصعيدين السياسي والميداني، أما السيناريو الثالث، وهو المرجح، أن تجمد المحكمة الوضع لفترة من الزمن إلى حين حدوث مستجدات جديدة".

أما منسق الائتلاف الأهلي للدفاع عن حقوق الفلسطينيين في القدس زكريا عودة، فقال لـ"العربي الجديد": "المحاميان كان لهما اجتهاد، حيث شرحا سلبيات وإيجابيات الموافقة على المقترح أو رفضه، وقالا للأهالي لكم الخيار، علماً أن العائلات السبع وافقت على قبول مقترح التسوية، ثم حدث ما حدث لاحقاً من ضغوط من قبل الجميع بدءاً بالرئاسة الفلسطينية، ومحافظة القدس، والقوى الوطنية والإسلامية ووزير القدس لرفض مقترح التسوية المذكور"، مضيفًا، "نحن نرفض أي تشكيك أو تخوين أو اتهام بالتقصير بحق المحاميين اللذين تفانيا في الدفاع عن وجود وصمود أهالي الحي".

وشدد عودة على أن قضية الشيخ جراح سياسية، وقرار العائلات برفض التسوية يضعهم تحت احتمالات لقرارات وإجراءات الاحتلال، لذلك هم بحاجة إلى إسناد حقيقي وليس بالشعارات والكلام.

ويرى الباحث في شؤون القدس مازن الجعبري، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن التسوية التي رفضت تخللها مساران؛ سياسي ومبدئي يرفض التعامل مع محاكم الاحتلال وقراراتها، وبراغماتي مثّله المحامون، ونحن نقدرهم ونحترمهم.

ووفق الجعبري، فإن "المحامين ومنذ البداية مقتنعون بوجود نقاط إيجابية في القرار منها وقف الإخلاء، والدعوة لتسوية الأرض، ودعوة للقبول بالقرار، وكان واضحاً أن هناك انقساماً داخل أهالي الحي، وفي مرحلة معينة، وافقت العائلات على القرار مع طلب توضيح موضوع دفع الإيجار إذا كان يعني ملكية المستوطنين، وكذلك إلزام الجهات الإسرائيلية بعمل تسوية للأرض".

وأكد الجعبري أن بعض الأهالي يخشون الإخلاء، ما دفعهم للقبول بالقرار مع مطالبة المحامين لهم بالقبول، وخلال اليومين الأخيرين، كان الرفض من القوى الوطنية والإسلامية والشعبية في الداخل والخارج، وانضمام المستوى الفلسطيني الرافض للتسوية مع المستوطنين، قوة دافعة للضغط على العائلات التي قبلت بالقرار لتغيير موقفها وتعديل قرارها ليتوحد مع القرار العام الرافض للقبول بالتسوية مع المستوطنين.

من ناحيته، رفض زياد بحيص من مؤسسة الدولية الاتهامات التي وجهت للمحامين بتوريط العائلات في قبول المقترح، وقال لـ"العربي الجديد": "ما حصل هو أن المحامين نظروا إلى القضية من زاوية قانونية تقنية بحتة، وقدموا رأيهم انطلاقاً منها، وحاولوا إقناع الأهالي بقبول التسوية مع إغفال الجوانب الأخرى التي كانت أكثر أهمية وفاعلية من الجانب القانوني".

وتابع بحيص "المحامون يتابعون القضية منذ ثلاثين عاماً كما في حالة الأستاذ حسني أبو حسين، وقد أعلن مراراً أن المحاكم الإسرائيلية لم تقبل فتح باب مناقشة الملكية ولا مرة واحدة، وهي تفعل ذلك للمرة الأولى، ورأى فيها المحامون فرصة تاريخية وشجعوا أهل الحي على اغتنامها، لكن لماذا نعيد أنفسنا إلى مربع المحكمة التي كانت أداة الاحتلال بطرد عائلات من الحي سابقًا".

وحول توقعاته بشأن ارتدادات وتبعات رفض أهالي الحي مقترح المحكمة العليا، قال بحيص: "بالتأكيد ستكون هناك ارتدادات كبيرة، لقد كان الاحتلال يتوقع قبول التسوية، وأن يُخرج قضية الشيخ جراح من قائمة قضايا المواجهة المركزية في القدس، ولو جرت الموافقة على التسوية، لرد الاحتلال بشروط، وميز بين العائلات، بقبول انضمام بعض العائلات للتسوية وإخلاء بعضها، وهكذا نكون سمحنا له أن يصدّر أزمته إلى صفنا".

ووفق بحيص، فإن "الاحتلال قرأ اليوم وجود اختلال في صفنا الداخلي، وقد يعمد بالتالي في الأيام التالية إلى تصعيد الضغوط على أهل الحي لمعاقبتهم على الرفض، ولاستغلال ميل بعضهم السابق إلى الموافقة ليفجر صفنا الداخلي، ولذلك، فإن الواجب الأول اليوم هو تجاوز ما حصل وإعادة تأكيد الالتفاف حول أهل الحي ودعمهم في نضالهم الطويل".

المساهمون