لم يمض شهر على غارات من قبل طيران يُعتقد أنه إسرائيلي استهدفت عدة مواقع تابعة للنظام ومليشيات إيرانية جنوب سورية، إلا وجدد هذا الطيران غاراته على المواقع ذاتها، خصوصاً مقرات "الفرقة الأولى" التابعة لقوات النظام، والتي تشير الوقائع إلى أنها تحولت لقاعدة متقدمة للحرس الثوري الإيراني، ليس بعيداً عن خطوط فك الاشتباك بين سورية وإسرائيل في الجولان السوري المحتل.
وبيّنت مصادر في العاصمة دمشق، لـ"العربي الجديد"، أن طائرات يُعتقد أنها إسرائيلية شنت قبل منتصف ليل الأربعاء- الخميس سلسلة غارات، استهدفت مواقع تابعة لقوات النظام السوري، و"حزب الله" اللبناني، وأخرى تتبع للحرس الثوري الإيراني. وأوضحت أن القصف طاول "الفوج 165" التابع إلى "الفرقة الأولى" في قوات النظام، في محيط ناحية الكسوة جنوب العاصمة السورية، والذي تحوّل إلى قاعدة عسكرية إيرانية في جنوب سورية.
استهدف الطيران الإسرائيلي شحنة أسلحة إيرانية في محيط مطار دمشق بغارتين
من جهته، أكد موقع "صوت العاصمة"، المهتم بأنباء دمشق وريفها، أن الطيران الإسرائيلي "استهدف شحنة أسلحة إيرانية في محيط مطار دمشق الدولي بغارتين، بعد أن جرى نقلها من إيران ظهر الأربعاء عبر طائرة شحن تتبع لخطوط فارس قشم إير الإيرانية". واكتفى النظام السوري بالزعم أن "الدفاعات الجوية في الجيش السوري تصدت مساء اليوم (الأربعاء) لعدوان إسرائيلي بالصواريخ على بعض الأهداف في المنطقة الجنوبية، وأسقطت معظم الصواريخ المعادية"، وفق وكالة "سانا" التابعة للنظام. وأكدت مصادر متقاطعة أن القصف الإسرائيلي استهدف أيضاً مواقع عسكرية لقوات النظام ومليشيات إيرانية في محيط مطار دمشق الدولي جنوب شرقي العاصمة.
ولم يمض شهر بعد على آخر غارات جوية إسرائيلية على جنوب سورية. وكان الطيران استهدف، في السابع من يناير/كانون الثاني الماضي، بـ3 غارات متتالية محيط "الفرقة الأولى"، الواقعة قرب بلدة الكسوة في ريف دمشق الجنوبي، وكتيبة "نجران" شمال غرب السويداء عند الحدود الإدارية مع محافظة درعا، ومواقع أخرى على طريق دمشق – درعا تنتشر فيها مليشيات موالية لإيران و"حزب الله"، إضافة لقوات النظام والمليشيات الموالية لها.
وكثّف الطيران الإسرائيلي خلال العام الماضي غاراته على مواقع تابعة لقوات النظام، يُعتقد أنها تحولت إلى قواعد للجانب الإيراني، الذي يتلطى خلف هذه القوات لتغطية وجوده في جنوب سورية. ومن الواضح أن الجانب الإسرائيلي يضع على رأس أولوياته منع التمدد الإيراني في جنوب سورية، ما يوضح تلاحق الضربات الجوية التي تتلقاها مراكز تجمّع الإيرانيين، الذين حوّلوا جانباً من مطار دمشق إلى غرفة عمليات تُشرف على الوضع العسكري في جنوب سورية. ويتركز القصف الإسرائيلي على مقرات "الفرقة الأولى"، التي تمتد على مساحة كبيرة قرب منطقة الكسوة جنوب دمشق بنحو 18 كيلومتراً، ليس بعيداً عن الطريق الدولي الذي يربط العاصمة بمحافظة درعا. وتعد "الفرقة الأولى" من أقدم الفرق العسكرية في جيش النظام السوري، الذي تأسس قبل 100 عام. ووفق موقع "وزارة الدفاع" في حكومة النظام فإن تعداد عناصر وضباط "الفرقة الأولى" بلغ 5000، وامتدت ولايتها من حمص شمالاً حتى الشيخ مسكين جنوباً، ومن البادية شرقاً حتى الخط الذي يمتد بين تلكلخ وسهل البقاع والقنيطرة من الغرب. وقد فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على هذه الفرقة منتصف العام الماضي ضمن إطار قانون "قيصر"، ما يؤكد قيامها بدور دموي في سياق الحرب التي يشنها النظام على السوريين.
حسون: تحولت الفرقة الأولى إلى مرتع للقوات الإيرانية وقياداتها
وبيّن العميد المنشق عن قوات النظام فاتح حسون، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "الفرقة الأولى اكتسبت أهمية كبيرة بعد قيام الثورة السورية". وأضاف "يشرف على قيادة هذه الفرقة زهير الأسد، وهو ابن عم رأس النظام بشار الأسد، والذي حوّلها إلى مرتع للقوات الإيرانية وقياداتها، ومحطة للأسلحة والتقنيات العسكرية واللوجستية القادمة من إيران". وأوضح أن هذه الفرقة "من أبرز التشكيلات التي لعبت هذا الدور وما زالت من خلال مقراتها ووحداتها المنتشرة، حيث تعتبر مراكز حيوية لنشاط المليشيات الإيرانية ومستودعاً مهماً من مستودعاتها المنتشرة ضمن المنطقة العسكرية الواقعة في الجنوب السوري".
وأشار حسون إلى أن "الفرقة الأولى تضم في مناطق انتشارها في جنوب سورية العديد من المخازن السرية، التي تصل بينها أنفاق لها مداخل ومخارج بعيدة عنها ومموهة. وغالباً ما تستخدمها قوات ومليشيات إيرانية لأغراض خاصة بها". ولفت إلى أن هذه الفرقة "مراقبة بعدة وسائل، فضائية وجوية وأرضية، من قبل الدول والجهات المهتمة بنشاطاتها، وعلى رأسهم إسرائيل، التي تعمل على قصف المواقع التابعة للفرقة حال ظهور ما يستدعي منع النشاط".
ومتّفقاً مع حسون، أعرب الرائد الطيار المنشق عن قوات النظام يوسف حمود، في حديث مع "العربي الجديد"، عن اعتقاده بأن جملة أسباب تقف وراء الاستهداف الإسرائيلي الدائم لـ"الفرقة الأولى"، منها تحوّل قطعاتها ووحداتها إلى مستودعات تخزين وتوزيع أسلحة للجانب الإيراني. وأشار إلى أن "قيادة هذه الفرقة موالية للجانب الإيراني"، لافتاً إلى أن الطيران الإسرائيلي سبق له إلقاء مناشير على هذه الفرقة تحذر قيادتها من تنفيذ الأجندات الإيرانية في جنوب سورية، موضحاً: هناك تغلغل إيراني كبير في وحدات هذه الفرقة.
وبحسب مصادر في المعارضة السورية، فإنه لا يرأس هذه الفرقة إلا ضباط من الطائفة العلوية لا يُشك في ولائهم للنظام، بسبب قربها من العاصمة دمشق، حيث لعبت هذه الفرقة دوراً رئيسياً في أغلب الانقلابات العسكرية التي جرت في سورية بين عامي 1949 و1963. وكان لهذه الفرقة دور دموي في محاولات وأد الثورة السورية، منذ العام 2011، إذ انتشرت ألوية تتبع لها في العديد من المناطق التي شهدت حراكاً ثورياً، حيث ارتكبت مجازر بحق المدنيين في ريف دمشق، خصوصاً في الغوطة الشرقية، وفي محافظة دير الزور شرقي سورية، وفي عدة بلدات وقرى في ريف إدلب شمال غربي البلاد.