قال مسؤولون محليون في محافظة نينوى، شمالي العراق، إن عناصر مرتبطين بحزب "العمال الكردستاني"، المصنف على لائحة الإرهاب، أقدموا على إجراء "تغييرات واسعة" في عدد من مقراتهم الرئيسة بمدينة سنجار ونقلها إلى سكنية داخل البلدة، الواقعة على بعد 110 كيلو مترات غرب الموصل والخاضعة لسيطرة خليط من الفصائل المسلحة.
وجاءت التغييرات عقب يومين من غارات تركية استهدفت مقرا رئيسا للحزب وسيارة كان يستقلها سعيد حسن، المسؤول العسكري لمليشيا "وحدات حماية سنجار"، الذراع المحلية لحزب "العمال الكردستاني"، أدت إلى مقتله مع اثنين من مرافقيه.
وتبنت أنقرة رسميا، أمس الخميس، تنفيذها عملية استهدفت مبنى لمسلحي الحزب في المدينة، قالت إنها أسفرت عن تحييد 10 من عناصره، بحسب ما أعلنته وزارة الدفاع التركية.
وأكد مسؤولان محليان في محافظة نينوى أن شهوداً عيان وعناصر وصفوهم بـ"المتعاونين" في مدينة سنجار أكدوا إخلاء مسلحي الحزب عدداً من مقراته الواقعة جنوب مدينة سنجار، والتي بالعادة تستخدم مأوى لأفراد "العمال الكردستاني"، وجرى استخدام منازل فارغة داخل المدينة بديلا عنها.
وقال أحدهم، شريطة عدم كشف هويته، إنه تم ليلة أمس الاستيلاء على منزلين في سنجار القديمة وآخر بحي المعلمين تعود لمواطنين نازحين لم يرجعوا للعيش فيها، وجرى نقل أفرادهم إليها، من دون وضع أعلام أو أي إشارات تدلل على أنها مقرات لحزب "العمال الكردستاني".
ولفت إلى أن "وحدات حماية سنجار" تتولى عمليا نقل واستبدال المقرات، وترفع سيارات رباعية الدفع تابعة لها أعلام "الحشد الشعبي".
في غضون ذلك، كشف المسؤول الثاني عن شن "العمال الكردستاني" حملة اعتقالات داخل المدينة طاولت عدة أشخاص، على خلفية اتهامات بوجود مخبرين ومتعاونين يوصلون معلومات للجانب التركي، بعد الضربات الدقيقة التي جرى توجيهها أخيراً.
وحمل القيادي في "الحزب الديموقراطي الكردستاني" ماجد شنكالي حكومة بغداد مسؤولية انفلات عناصر "العمال الكردستاني" وعدم اتخاذ قرار بشأن وجودهم في الأراضي العراقية، وما يترتب على ذلك من أضرار تلحق بالمدنيين.
وقال شنكالي لـ"العربي الجديد" إن "عناصر الحزب يحظون بدعم إيراني لوجودهم في العراق، وإن هذا الوجود يؤثر سلبا على أمن الإقليم وأمن العراق بشكل عام، فضلا عن الأضرار الكبيرة التي تتعرض لها العائلات المدنية"، مضيفا "يتحتم على الحكومة أن تتخذ قرارا واضحا بإخراج هذه الجماعة من الأراضي العراقية".
من جهتها، دعت بعثة الأمم المتحدة في العراق "يونامي" إلى تجنيب الأهالي في البلدة الآثار العسكرية الناجمة عن النزاع.
وقالت البعثة، في بيان صدر في وقت متأخر من ليل أمس، إنها "تتابع بقلقٍ بالغٍ التطورات الأمنية الخطيرة في شمال العراق، والتي أدّت للأسف إلى وقوع خسائر في الأرواح والعديد من الإصابات في بلدة سنجار وقرية سكنية"، مؤكدة "يجب اتخاذ الاحتياطات اللازمة أثناء العمليات العسكرية، بما في ذلك الضربات الجوية، للحماية وتقليل الضرر على المدنيين الذين غالباً ما يعانون من عواقب مثل هذه الهجمات".
وأضافت "من المهم بنفس القدر إجراء تحقيق سريع وكامل في مثل هذه الحوادث، وإقرار المساءلة عن وقوع قتلى وجرحى من المدنيين، وفي غضون ذلك، يتحمل السكان المحليون المحاصرون منذ فترة طويلة وطأة هذا العنف، حيث يحل نزاعٌ محل الآخر".
ودعت البعثة كافة الأطراف المعنية إلى "وضع مصالح المواطنين في مقدمة أولوياتها، وضبط النفس لتجنب تصعيد خطير، حيث إن السلام والاستقرار شرطان أساسيان لإعادة الإعمار وعودة النازحين"، مشددة على "ضرورة تنفيذ اتفاق سنجار من دون تأخير".
ويقضي اتفاق سنجار بين بغداد وأربيل بتطبيع الأوضاع في المدينة، من خلال إخراج جميع المليشيات المسلّحة من مدينة سنجار وضواحيها، وتسليم الملف الأمني لقوات الجيش، والبدء بإعادة إعمار المدينة بالتزامن مع إعادة جميع سكانها من مختلف مكوناتها الدينية والعرقية.
وأشارت الى أنها "تواصل دعم الحوار وتحث جميع الأطراف على احترام مبادئ سيادة الدولة وسلامة أراضيها".
ولا يحظى حزب "العمال الكردستاني" بأي ترحيب شعبي في مناطق إقليم كردستان العراق شمالي البلاد، كما أن حكومة أربيل وجهت أخيرا اتهامات للحزب بالقيام بعمليات خطف وتجنيد أطفال وزرع مناطق سكنية بالألغام، متهمة إياه بأخذ إتاوات من المزارعين العراقيين الأكراد في القرى التي ينشط فيها.