"التيار الصدري" خارج البرلمان للمرة الأولى منذ 16 عاماً

24 يونيو 2022
هواجس من نزول الصدريين إلى الشارع (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

دخلت الأزمة السياسية في العراق منعطفاً جديداً بعد تصويت البرلمان في جلسة طارئة عقدت أمس الخميس، على بدلاء نواب "التيار الصدري" المستقيلين من البرلمان بطلب من زعيم التيار مقتدى الصدر (73 نائباً)، ما ينهي آمال عودة الصدريين إلى البرلمان والعملية السياسية بشكل عام.

وأكد سياسيون عراقيون بدء قوى "الإطار التنسيقي"، الذي بات فعلياً الآن التكتل الأكبر في البرلمان، التحرك نحو القوى الأخرى، وخصوصاً العربية السنية والكردية، لبحث ملف تشكيل الحكومة والتصويت على استحقاق منصب رئاسة الجمهورية.

العراق: تحذيرات من حراك "التيار" واستفزاز الصدر

وهذه المرة الأولى منذ عام 2006، التي يكون فيها "التيار الصدري" خارج البرلمان، بعدما ظلّ طوال السنوات الماضية محافظاً على نسبة لا تقل عن ثلث مقاعد القوى السياسية الشيعية، وسط هواجس من أن يكون "التيار الصدري"، الفائز في الانتخابات التشريعية التي جرت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يعدّ لمرحلة جديدة من الحراك عبر قواعده الشعبية.

ويأتي ذلك وسط تحذيرات أخرى من مغبة ترشيح شخصية مستفزة للصدريين لرئاسة الحكومة، في إشارة إلى رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي الذي باتت أطراف من تحالفه، "دولة القانون"، تطرحه لترؤس الحكومة المقبلة، إلى جانب شخصيات أخرى من حزب "الدعوة"، الغريم السياسي الرئيسي لـ"التيار الصدري".


بدأت قوى "الإطار التنسيقي" التحرك نحو القوى الأخرى لبحث ملف تشكيل الحكومة

 

وعقد البرلمان العراقي، أمس الخميس، جلسته الاستثنائية، بحضور 202 نائب من أصل 325، وبمشاركة القوى السياسية الرئيسية في البرلمان بما في ذلك الإطار التنسيقي والحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة (حلفاء التيار الصدري)، ومقاطعة قسم من النواب المستقيلين ونواب الكتل المدنية أيضاً. وخلال الجلسة التي استمرت نحو ساعة واحدة، أدّى النواب البدلاء عن "التيار الصدري" اليمين الدستورية.

وقالت مصادر برلمانية لـ"العربي الجديد"، إن عدد النواب البدلاء بدل نواب الكتلة الصدرية هو 73 نائباً، توزع أغلبهم على قوى "الإطار التنسيقي"، بواقع يقارب الـ50 نائباً أضيف إلى هذا التحالف المدعوم من إيران.

مقايضة بين الحلبوسي و"الإطار التنسيقي"

وبيّنت المصادر أن "خلافاً داخل قوى الإطار التنسيقي على منصب النائب الأول لرئيس البرلمان، دفع إلى تأجيل حسم التصويت على هذا المنصب إلى حين بدء الفصل التشريعي الجديد، واتفاق هذه القوى على شخصية معينة".

وكشفت المصادر البرلمانية أن "الأسماء المطروحة لمنصب النائب الأول لرئيس البرلمان هي كل من عدنان فيحان، أحمد الأسدي، عطوان العطواني، مصطفى سند، لكن الأقرب لنيل المنصب هو مرشح حركة "عصائب أهل الحق" عدنان فيحان، وجميعهم من قوى "الإطار التنسيقي".

وأضافت المصادر أن "رئيس البرلمان محمد الحلبوسي أجرى خلال الجلسة الاستثنائية تعديلاً على نظام البرلمان، حيث تمّ إلغاء هيئة الرئاسة واستبدالها برئيس المجلس ونائبيه، لتكون صلاحية الرئاسة في يده حصراً، وهذا الأمر تمّ الاتفاق عليه مع قوى الإطار التنسيقي مقابل حضور نواب تحالف السيادة إلى الجلسة لاكتمال نصاب الجلسة الاستثنائية".

وختمت المصادر البرلمانية المطلعة بالقول إن "مجلس النواب حسم ملف النواب البدلاء من نواب الكتلة الصدرية، بعد فشل جميع الوساطات في ثني زعيم التيار الصدري عن الانسحاب من العملية السياسية، مع محاولات ثني نواب التيار عن قرار الاستقالة وفق الإجراءات القانونية التي تتيح لهم هذا الأمر".


توزع أغلب النواب البلاء على قوى "الإطار التنسيقي"، بواقع يقارب الـ50 نائباً

ويقضي قانون الانتخابات البرلمانية في العراق بأن يكون بديل النائب المتوفى أو المستقيل، من يليه بعدد الأصوات في ذات الدائرة الانتخابية، بينما تتوزع المقاعد الأخرى على قوى وكتل أخرى. وحصلت قوى "الإطار التنسيقي" على حصة الأسد من مقاعد "التيار الصدري"، بما يقارب الـ50 مقعداً نيابياً.

تحديات المرحلة المقبلة

وقال القيادي في "الإطار التنسيقي"، محمد الصيهود، لـ"العربي الجديد"، إنه "بعد أداء النواب البدلاء لليمين الدستورية، أصبحت حالة الانسداد السياسي من الماضي، والوقت حالياً هو للحوار والتفاوض بين جميع الكتل للإسراع بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة"، بحسب رأيه.

وبيّن الصيهود أن "عدد نواب الإطار التنسيقي بعد أداء النواب البدلاء لليمين الدستورية تجاوز الـ125 نائباً، غير النواب من حلفاء الإطار أو القريبين منه".

وأضاف الصيهود أنه "خلال اليومين المقبلين، سيكون هناك حراك سياسي مكثف بين كل القوى السياسية، من أجل تشكيل حكومة جديدة قوية، تشارك فيها كل الأطراف السياسية دون تهميش أي طرف سياسي، وهناك تفاهمات أولية كبيرة جرت خلال اليومين الماضيين بين الإطار والحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة".


ألغى الحلبوسي هيئة رئاسة البرلمان لتكون صلاحية الرئاسة في يده حصراً

في المقابل، رأى المحلل السياسي أحمد الشريفي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "خروج التيار الصدري من البرلمان لا يعني غيابه عن المشهد السياسي"، لافتاً إلى أن "الأيام المقبلة ستشهد، بحسب ما يجري تسريبه، صدور قرارات جديدة من قبل زعيم التيار مقتدى الصدر بشأن تطورات العملية السياسية".

وبيّن الشريفي أن "كل القوى السياسية تدرك جيداً صعوبة تشكيل أي حكومة دون موافقة الصدر عليها، وتحريك الشارع من قبله لإيقاف تشكيل أي حكومة أمر وارد جداً".

وبرأيه، فإن الكتل السياسية "لن تخوض لهذا السبب أي حوارات جدية من دون إقناع الصدر"، مؤكداً أن أي حكومة "تشكل من دون موافقة الصدر لن تصمد طويلاً أمام الاحتجاجات الشعبية".

المساهمون