"الإدارة الذاتية" تضيّق الخناق على النظام السوري في الحسكة

29 سبتمبر 2020
مقاتلة كردية في محيط القامشلي (فرانس برس)
+ الخط -

تواصل "الإدارة الذاتية" في الشمال الشرقي من سورية التضييق على النظام السوري في محافظة الحسكة، فلم يعد وجوده ذا معنى فيها عقب سيطرة قوات تابعة للإدارة، التي يهيمن عليها أكراد سوريون، على أغلب مباني الدوائر والمؤسسات التابعة للنظام. واستولت "الإدارة الذاتية"، يوم السبت الماضي، على "دائرة النقل والمرأب" التابعة للنظام السوري في مدينة القامشلي، وفق ما أفادت مصادر محلية، مشيرة إلى أن الإدارة التي يهيمن عليها "حزب الاتحاد الديمقراطي"، خيّرت الموظفين في الدائرة بين البقاء على رأس عملهم وتقاضي أضعاف ما كانوا يتقاضونه، أو التوجه إلى دوائر النظام السوري. وتدفع "الإدارة الذاتية" رواتب تراوح ما بين 100 و150 دولارا، بينما لا تكاد الرواتب لدى النظام تصل إلى ما يعادل 30 دولارا. ويأتي هذا الإجراء من قبل "الإدارة الذاتية" في سياق سياسة هدفها تضييق الخناق على النظام السوري، المسيطر على مربعين أمنيين في الحسكة والقامشلي وقرى مجاورة في محيطهما، بالإضافة إلى المطار الدولي في القامشلي، وينتشر فوجان عسكريان له بالقرب من المدينتين. وسبق أن استولت "الإدارة الذاتية"، في منتصف يوليو/ تموز الماضي، على مركز بريد الهواتف الأرضية في قرية صفيا، الواقعة بريف الحسكة الشمالي، والخاضعة لسيطرة "قوات سورية الديمقراطية" (قسد). وخلال العام الحالي، استولت "الإدارة الذاتية" على عددٍ من المباني التي تضم دوائر تابعة للنظام السوري، منها: مبنى الحبوب وشركة الكهرباء بالإضافة إلى المدينة الرياضية وفرع المرور ومديرية الصناعة والسياحة.

عززت زيارة جيفري إلى الحسكة خطوات "الإدارة الذاتية"
 

وكانت وكالة "سانا" الرسمية التابعة للنظام السوري قد ذكرت، يوم الجمعة الماضي، أن قوات "قسد" استولت أخيراً على 137 مدرسة حكومية من أصل 213 مدرسة لمختلف المراحل الدراسية "بهدف تجهيل الأطفال واليافعين وفرض النزعة الانفصالية عبر مناهج غير معترف بها أساساً"، وفق الوكالة. من جانبه، أشار الباحث السياسي المقرّب من "الإدارة الذاتية" إبراهيم مسلم، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن الإدارة بدأت بالسيطرة على الدوائر الحكومية في محافظة الحسكة، مع تعيين اللواء غسان خليل محافظاً من قبل النظام في أواخر شهر مايو/ أيار الماضي. وأشار إلى أن خليل متهم بارتكاب جرائم إبادة بحق السوريين خلال سنوات الثورة، ويعمل على خلق فتنة بين العرب والأكراد في شمال شرقي سورية. ولفت مسلم إلى أن "سيطرة الإدارة الذاتية على دائرة النقل والمرأب تؤكد أن العلاقة مع النظام سيئة في الوقت الراهن". ورأى أنه لا يمكن عزل هذه الخطوة عن زيارة المبعوث الأميركي إلى سورية، جيمس جيفري، إلى محافظة الحسكة واجتماعه مع "الإدارة الذاتية" وتأكيده أن الجانب التركي لن يتقدم أكثر في منطقة شرقي نهر الفرات. وتسيطر "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، على جل منطقة شرقي نهر الفرات، التي تضمّ كامل محافظة الحسكة والقسم الأكبر من محافظة الرقة وريف دير الزور، شمالي نهر الفرات، وبعض ريف حلب الشمالي الشرقي، وضمنه مدينة عين العرب (كوباني)، إضافة إلى مدينة منبج وبعض الأماكن في ريف حلب الشمالي، غربي نهر الفرات، أبرزها مدينة تل رفعت. وحلّت "الإدارة الذاتية" في هذه المناطق محل الدولة، فتمنح رواتب للموظفين التابعين لها، فضلاً عن اهتمامها بجانب التعليم، بالمستشفيات والمراكز الصحية والخدمات. وتُعدّ منطقة شرقي نهر الفرات أفضل حالاً على هذا الصعيد من مناطق النظام والمعارضة السورية و"هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً). لكن على الرغم من غنى منطقة شرقي نهر الفرات بالثروات، تعيش هذه المنطقة التي تعادل نحو ثلث مساحة سورية العديد من الأزمات المعيشية، وهو ما يعزز حالة عدم الاستقرار، ويؤدي إلى احتجاجات شعبية تتفجر بين وقت وآخر، تحديداً في ريف دير الزور الشرقي الذي يفتقر إلى الخدمات الرئيسية، رغم أن أراضيه تضم عدداً من حقول وآبار النفط والغاز، ومنها حقل العمر، الذي يعد من الحقول الكبرى في سورية. ويعزز استيلاء "الإدارة الذاتية" على مباني الدوائر الحكومية في محافظة الحسكة الاعتقاد بأن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ماض في سياسة منح منطقة شرقي نهر الفرات وضعاً سياسياً خاصاً في التسوية المرتقبة للقضية السورية. مع العلم أن "الإدارة الذاتية" والنظام السوري تصادما أخيراً، بعدما انتقدت "الإدارة" ما جاء في تصريحات وزير خارجية النظام وليد المعلم أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم السبت الماضي، الذي وصف مشروعها بـ"الانفصالي". وادّعت أن مشروعها "وطني ولا يمس وحدة سورية".