"إيكونوميست" تصف الأسد بزعيم المافيا: التهام ما تبقى من سورية

18 يونيو 2022
غادر كثير من سكان المناطق الخاضعة لسيطرة النظام ويعيش 90% ممن بقي منهم في فقر (فرانس برس)
+ الخط -

"على عكس الدكتاتوريين العرب الذين اشتهروا بأزيائهم العسكرية محمّلة بالأوسمة وبالميداليات، أو الذين يرتدون أزياء قبائلهم التقليدية، فإن بشار الأسد يظهر بصورة نموذجية لحاكم متواضع. هو عادة لا يرتدي أي مجوهرات أو ساعات برّاقة أو خاتم زواج، بل يفضل ارتداء البدلة وربطة العنق. مع ذلك، هو أكثر الحكام نهبا لأوطانهم، وقد أفرغ الدولة المدمّرة في سورية من كل ما تملك، مستمرا في تدمير سورية كزعيم مافيا".

هكذا تصف ميرزا شهناز الرئيس السوري بشار الأسد، في مقال لها نشرته مجلة إيكونوميست (The Economist) البريطانية، الخميس. وتتابع أنه "كان ينبغي أن تتحسن حياة السوريين بعد هزيمة تنظيم داعش في عام 2019، واستعادة النظام أجزاء كبيرة من الأراضي التي يسيطر عليها المعارضون المتمردون، إلا أن الأمور ازدادت سوءا".

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وتتطرّق إلى الأحوال المعيشية الصعبة للسوريين، وتقول إنه غالبًا لا تتوفر الكهرباء، وانخفض عدد سكان المناطق الخاضعة لسيطرة النظام إلى النصف منذ عام 2011، يعيش 90 في المائة ممن بقي منهم تحت خط الفقر، معتمدين على المساعدات الخارجية، والتحويلات المالية. والعملة السورية فقدت 90 بالمائة من قيمتها.

يلقي المسؤولون باللوم على العقوبات الغربية، وعلى باء كوفيد -19، وعلى انهيار البنوك المجاورة في لبنان. ومؤخراً، على الحرب في أوكرانيا، المصدّر الأكبر للقمح، وفق ما تصف. إلا أن شهناز تؤكد أن السبب الرئيسي هو قيام "الأسد بتفكيك بلاده". وتنقل عن أحد المقربين من النظام انشق أخيرًا: "إنه يحكم مثل زعيم المافيا".

كان ينبغي أن تتحسن حياة السوريين بعد هزيمة تنظيم داعش في عام 2019 واستعادة النظام لأجزاء كبيرة من الأراضي التي يسيطر عليها المعارضون المتمردون إلا أن الأمور إزدادت سوءا

أباطرة جدد

وبحسب المقال، قرر الأسد قبل بضع سنوات هزّ المؤسسة المالية، حين استدعى كبار رجال الأعمال إلى فندق شيراتون دمشق، ليخضع من رفض منهم تسليم الأصول والأسهم للاستجواب في الفرع 251 (فرع الخطيب). وُضِع رامي مخلوف، ابن خاله وكبير وسطاء نظامه، رهن الإقامة الجبرية.

فر العديد من أغنى الرجال في سورية الذين لم يدفعوا، واستولى الأسد على المئات من الشركات أو أغلقها.

تضيف الكاتبة أنه حلّت مكان هؤلاء مجموعة أضعف من أباطرة المال، وفقًا لتقرير صادر عن مركز "حرمون" في إسطنبول، وبدلا من الاستثمار في المشاريع الصناعية، يغسل هؤلاء أموال عائدات التهريب، ويفضلون امتلاك مطاعم فاخرة. وفي الوقت الذي يكسب فيه الأسد ثروة من الغاز والبنزين والكهرباء، يقبع السوريون العاديون في الظلام غير قادرين على الحركة بسبب أزمة المواصلات.

يمد الأسد، بحسب شهناز، "سماسرة النفوذ في لبنان"، الذين يدفعون بالدولار، بالوقود، فيحصل "حزب الله"، الحركة المدعومة من إيران، عليه كمكافأة للقتال من أجل نظامه. عملية احتيال رئاسية أخرى هي بيع جوازات السفر للعديد من السوريين اليائسين للمغادرة. يتقاضى الوكلاء 1000 دولار للمعالجة السريعة أو لإزالة الأسماء من القوائم السوداء عند نقاط التفتيش.

مصادر دخل أكثر ربحا

توضح الكاتبة أن مصدر الدخل الأكثر ربحاً بالنسبة للأسد هو المخدرات. وفقًا لمعهد New Lines للاستراتيجية والسياسة في واشنطن، ينتج 15 مصنعًا داخل مناطق نفوذ النظام الكبتاغون، والأمفيتامين، وحتى الكريستال ميث (ميثامفيتامين)، قرب الحدود مع لبنان والأردن.

ورغم أن الأسد ينفي تورطه في هذه الأنشطة، فإن "الرفاق"، الذين انقلبوا ضده أخيرا يقولون إن "نقابة المخدرات" هذه تعمل من خارج الدائرة المالية للرئاسة، ويشرف عليها مساعد يوصف بأنه "بابلو إسكوبار السوري"، الذي ينسق النقل عبر السفن قبالة ساحل البحر الأبيض المتوسط، باستخدام شركته الأمنية الخاصة لمرافقة القوافل. ويضيف المقال أن "إسكوبار السوري" يستدعي رجال الأعمال نيابة عن الأسد ويطالبهم بالمساهمات في صندوق "شهداء سورية"، وهو مصدر جيد آخر بالنسبة للأسد.

حتى مع انهيار العملة السورية فإن أولئك الذين يمتلكون الدولارات في الدائرة المقربة للأسد لا يزالون يمتلكون القدرة على الازدهار

تشير الكاتبة إلى أهمية هذه التجارة بالنسبة للأسد لشراء ولاء زملائه من الأقلية العلوية، الذين بدأ بعضهم بالابتعاد عنه، مستشعرين بخيانته بعد تقاربه مع الإمارات، كارهين قراره إطلاق سراح مئات المعتقلين في الآونة الأخيرة، مستائين من تخفيضات دعم المواد الغذائية الأساسية والوقود التي كانت سببا في تزايد الاحتجاجات عبر الإنترنت، كما يقول أحد العلويين المنشقين. يعاقب قانون الجرائم الإلكترونية الجديد أي شخص "يثير الرأي العام السلبي" بالسجن سنوات.

سوريون ينتظرون المفرج عنهم على أمل لقاء حبيب معتقل بسجون الأسد

فزّاعة الحرب ومزايا إفقار السوريين

تذهب الكاتبة إلى أن الأسد بات أقل ثقة بأمنه مع انشغال حليفه الروسي بالحرب في أوكرانيا، وتشير إلى القصف الإسرائيلي لمطار دمشق، في 10 يونيو/حزيران، الذي أخرج المطار من الخدمة، وإلى تقارير في الصحافة الإسرائيلية ترجّح أن تكون قصور الأسد هي التالية. السوريين يخشون الانجرار إلى الحرب مع إسرائيل بوصفهم حلفاء لإيران.

تخلص الكاتبة إلى القول بأن إفقار السوريين يمنح المزايا للأسد، فحتى مع انهيار العملة السورية، فإن أولئك الذين يمتلكون الدولارات في الدائرة المقربة للأسد لا يزالون يمتلكون القدرة على الازدهار. في المقابل، يبدو أن معظم السوريين خاضعون ومسحوقون، لأنه كما أشار مسؤول في الأمم المتحدة: "مهما كانت الأمور سيئة، فإن السوريين متعبون للغاية من العودة إلى الحرب".

المساهمون