"أسد سورية" المريض بكوهين

12 مارس 2021
يتواصل النبش بحثاً عن رفات إيلي كوهين (مناحيم كاهانا/فرانس برس)
+ الخط -

بين مكذّب ومصدق لها، انشغلت الساحة السورية أخيراً برواية وصول فيروس كورونا إلى رأس النظام، بشار الأسد وزوجته أسماء. في مقابل ذلك، وعلى الأرض، مع انهيار الأوضاع وتوسّع قهر الجوع والقمع، ثمة ثابت منذ مدة، يشير إليه المعلن وغير المعلن، وبمعية الجيش الروسي، وهو تقليب رفات الضحايا في "مقبرة الشهداء" بمخيم اليرموك، الذي هُجّر سكانه السوريون والفلسطينيون منذ 2012 تحت قصف طائرات "ميغ" الروسية.

من خُدع برواية "المؤامرة الكونية على النظام"، له أن يستغرب البحث عن رفات عميل الموساد إيلي كوهين (أُعدم صيف 1965) قرب تجمعات مليشيات و"جيش مستشاري" إيران، في منطقتي السيدة زينب وطريق المطار بدمشق. والحدث يؤكده من دمشق مصدر فلسطيني مطلع على ما يجري، وهو ليس خبراً من اختراع "المتآمرين"، أو لـ"صفقة تبادل" بمقابر الأرقام لدى الاحتلال (مقابر تحفظ فيها جثامين فلسطينية وعربية ويُشار لهذه الجثامين بالأرقام وليس بالأسماء)، بل جزء من حقيقة تطبيق إعلان ابن خال الأسد، رامي مخلوف، قبل 10 سنوات، عن "القتال حتى النهاية" و"تبادلية" استقرار النظام والاحتلال.

ما هو مؤكد، من أهل اليرموك، ومن بعض كوادر الفصائل الفلسطينية، أن العبث والنبش في "مقبرة الشهداء القديمة"، التي يرقد فيها خليل الوزير "أبو جهاد" وعشرات القيادات الفلسطينية، مستمر منذ العام الماضي.

فمنذ هلل البعض، من بيروت إلى إربد ورام الله، وخصوصاً المحسوبين على "تيار الممانعة" و"القومية اليسارية"، لـ"عاصفة السوخوي" الروسية في 2015، لم يخف الكرملين جهوده في التنسيق مع دولة الاحتلال، وحرصه على أمنها، وعلى قلق قادتها من سقوط "نظام الممانعة"، واستحضار فزاعة "الإسلاميين"، منذ الأيام الأولى للتظاهرات السورية في مارس/آذار 2011. ولم يأبه هؤلاء لتهاوي الخطاب، فأمعنوا في تحقير طلب الحرية والديمقراطية في العالم العربي. كما لم يأبهوا لما أنتجه شعار "الأسد أو نحرق البلد"، في وطن "مليشيات الارتزاق والتعفيش"، منزوع السيادة والقيمة والوزن.

والبحث عن رفات كوهين، وتسليم رفات (جندي الاحتلال) زخاريا باومل في 2019، أيضاً بمعية الكرملين، يعيد الصورة لدى الشارعين السوري والعربي إلى حقيقتها، في سؤال مكرر: ما هي "المؤامرة الكونية" إذا كان الإسرائيلي والروسي والإيراني والأميركي والبعض العربي متفقين على أنّ الأسد قاسم مشترك لتقاسم السيادة على سورية، ولتحقيق المصالح الحيوية للأطراف؟

ولعل من أغرب مسارات انفصام الشعارات القومية لـ"نظام الممانعة"، تزامن اللهث خلف رفات كوهين، مع بحث بنيامين نتنياهو عن رصيد انتخابي مشترك في دمشق وفي لقاءات أبوظبي، إذ تتحمس الأخيرة لاستعادة "ذراع إيران" إلى "الجامعة" الرسمية العربية بحجة الدفاع عن "الأمن القومي العربي". ولكن بمواجهة من؟ طالما أنّ اللاعبين "المتناقضين" يلتقون على المصالح، إلا إذا كان الإنسان العربي هو المقصود بعدو "الأمن القومي".

المساهمون