عن انتفاضة الشباب المسلم

28 نوفمبر 2014
+ الخط -

ينظر بعضهم إلى انتفاضة الشباب المسلم على أنها مجرد موجة ثورية، مثل سابقاتها التي دعا إليها التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب، والحقيقة أن هذه الدعوة مختلفة عن كل الموجات السابقة.
فإذا نظرنا إلى ما سبق، نجد أن تحالف دعم الشرعية هو الداعي والمنظّم، بينما الجديد في هذه أن "الجبهة السلفية" هي التي أطلقت شرارة الفكرة، على الرغم من أن الجبهة هي أحد مكونات التحالف، إلا أن هذه الدعوة تشي بوجود كتل ثورية على الساحة، غير التحالف، قادرة على الابتكار في الأفكار، وناجحة في جعلها وسائل قابلة للتنفيذ، وهذا لا يعتبر تشرذماً أو انقساماً، لأنه طالما توحّدت الأهداف والاستراتيجيات، فمهما اختلفت الوسائل وأشكال تنفيذها فالوحدة قائمة.
ونحن، الآن، في طور انتظار فعالية هذه الدعوة، فإن نجحت، فبها ونعمت، وإن أخفقت بعض الشيء، فيكفي أنها فتحت مجال التنافس للقوى الثورية في الميدان أن تبدع الأفكار والوسائل لإسقاط هذا الانقلاب.
الأمر الثاني الذي يوضح اختلاف هذه الانتفاضة، والذي يعتبر سبباً في نجاحها الجزئي، بمجرد إعلانها هي أنها أعلنت، بكل وضوح، وبدون أي مداهنة أو مواربة أيديولوجية، الثورة واتجاهها الذي يسعى إلى الحفاظ على هوية الشعب المصري والدولة المصرية الإسلامية، وليس كما يظنه بعضهم أن دعوة مثل هذه قد تؤدي إلى انقسام شعبي طائفي، أو ما شابه، لأن هذه الانتفاضة لا تسعى إلى الإتيان بجديد، ولكن تسعى إلى الحفاظ على الثوابت المصرية التي يقر بها كل المصريين، باختلاف أديانهم وطوائفهم، فكأنّ هذه الانتفاضة اتخذت أحد الثوابت شعاراً لها إيذاناً منها، وإعلاناً أن أهدافها المحافظة على كل الثوابت المصرية التي تؤمن العيش الكريم لكل مواطن بحرية وكرامة، وتضمن للدولة تفوقها بين كل دول العالم.
"انتفاضة الشباب المسلم".. ذكرت الشباب، ولكنها لجميع الأعمار، وذكرت المسلم، ولكنها أيضاً للجميع، للحفاظ على ثوابت وقيم المصريين التي يهددها الانقلاب، وأهمها دين الدولة، ولا أحتاج إلى ذكر دليل أكثر من قتل الساجدين وحرق المساجد وإغلاقها والاستعمار الإداري من الأوقاف على أئمة المساجد والفتاوى التي لا أصل لها، لكي أثبت أن دين الدولة يُحارب من الانقلاب.. بل يكفيك تصريح قائد الانقلاب العسكري الذي يؤكد فيه أنه عزل محمد مرسي لأنه كان يريد إقامة دولة اسلامية، وتصريحه الآخر أنه لن يسمح لدولة اسلامية بالقيام في مصر.
يظهر اختلاف هذه الانتفاضة عن سابقاتها في توجس الانقلابيين منها، واستخدام كل أسلحتهم الإعلامية والمحسوبة على الدين، ليشوهوا ويهاجموا هذه الانتفاضة، واستخدام قواتهم للانتشار في الميادين، استعداداً لوأد هذه الانتفاضة، قبل انطلاقها بأيام طوال، هذا غير تهديد قوات الداخلية للمواطنين بعدم النزول تحت لافتة "هنضرب في المليان"، واعتقال معظم قيادات الجبهة السلفية الداعية لهذا اليوم.
لا شك أن يوم الثامن والعشرين من نوفمبر، يوم "انتفاضة الشباب المسلم"، سيكون له ما بعده، وسيكون حدثاً فارقاً في الثورة المصرية، لأنه، بالفعل، أخذ الثورة خطوة إلى الأمام، وللميدان في هذا اليوم كلمته التي ربما تأخذ الثورة خطوات وخطوات للأمام.

32C28B34-F62F-4803-B2F5-AA8B5E66EEA2
32C28B34-F62F-4803-B2F5-AA8B5E66EEA2
إسلام فتحي (مصر)
إسلام فتحي (مصر)