05 أكتوبر 2024
ترامب يعلن الحرب.. التجارية
بدأت الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، أمس الجمعة، ففرضت واشنطن رسوماً على 34 مليار دولار من الواردات الصينية، وكذلك فعلت بكين بالنسبة للواردات الأميركية. هدف الحرب برأي الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، هو "حماية الاقتصاد الأميركي"، إذ سبق له أن شنّ حرباً أصغر مما هي مع الصين، ضد الاتحاد الأوروبي، خصوصاً على واردات الصلب والألومينيوم. في هذا السياق، تبدو البشرية كأنها وصلت إلى "قمة حروبها". في التاريخ كانت الحروب التوسعية، خصوصاً الاستعمارية منها، بهدف استغلال موارد البلدان المُستعمَرَة من جهة، وفتح أسواق جديدة لبضائع الدول المُستعمرة من جهة أخرى. وهو منطق أفضى إلى مجموعة صدامات على مرّ التاريخ، خصوصاً في الحربين العالميتين الأولى (1914 ـ 1918) والثانية (1939 ـ 1945). وبما أنه لا يمكن التنبؤ بمسار الحرب التجارية الأميركية ـ الصينية، إلا أنها بطبيعة الحال ستؤدي إلى ارتفاع أسعار السلّة الغذائية عالمياً، خصوصاً أن الاقتصاد الحرّ يُمكن أن يشعل المنافسة ويخّفض الأسعار، أما الاقتصاد المكبّل بقيود ضرائبية فادحة، فمن شأنه رفع الأسعار.
قد يكون للحرب الأميركية ـ الصينية نهاية في حالة واحدة، وهي المشاركة الأميركية الفعّالة في بحر الصين الجنوبي، موئل الاقتصاد المستقبلي في سياق طريق الحرير البحري. هذا ما يريده ترامب، فهناك بإمكانه تأمين الوظائف لملايين الأميركيين، بحسب ظنّه، ما يُسهم في تخفيف القيود على الواردات الصينية، مع العلم أن 59% من الواردات الآتية من الصين تُصنّعها شركات دولية، ومنها شركات أميركية. يريد ترامب فرض الخيار الأميركي الاقتصادي على العالم، سواء في أوروبا أو الصين. في الحالة الأولى، يبدو رابحاً، في انتظار ما ستُسفر عنه الحالة الثانية بعد فترة زمنية.
أما الاقتصاد الصيني فيبدو أنه سيتأثر في تقليل نسبة الصادرات إلى الولايات المتحدة، وهو وإن اقترح الاعتماد على أوروبا والتحالف معها ضد الأميركيين، إلا أنه فشل في مسعاه حتى الآن. لا يبدو الأوروبيون متسرعين في خطواتهم لمعاداة الولايات المتحدة بسبب حليف شرقي. يعلم الأوروبيون أن ترامب مع كل "علله" أفضل من الصين التي تسعى إلى إغراق سوقهم ببضائعها. لذلك، يبقى أمام الصين حل من اثنين: مواجهة ترامب اقتصادياً، والصمود لأطول فترة ممكنة، أو السماح بتحوّل الولايات المتحدة إلى شريك أساسي في بحر الصين الجنوبي. الأمران صعبان على بكين، فالولايات المتحدة باتت شبه جاهزةٍ لاقتحام كوريا الشمالية اقتصادياً، ولا تريد الخروج من الوسط الآسيوي من دون أثمان اقتصادية، وتمكّنت من الحصول على الأموال الباهظة من الشرق الأوسط. الحرب التجارية مع الأميركيين ليست رابحة للصين.
الأهم في هذا الصدد هو اعتماد مبدأ "الحرب التجارية" نوعا متجددا من الحروب بين الأقطاب العالمية، وهي على عكس حروب العقوبات المتبادلة أو الحرب الباردة، تبدو متحرّكة. فالمال عنصر غير ثابت، وتقلّب الأسعار يتأثر حكماً بأي فرضٍ لرسوم وضرائب. والحالة الأميركية ـ الصينية هي الأولى من نوعها تاريخياً، خصوصاً بهذه الكمية الهائلة من الأموال. ومن شأن هذا النوع من الحروب أن يضاهي "الحرب الإلكترونية" ضراوةً، والتي وُصفت مطلع عام 2000، بأنها "حروب المستقبل". لا يزال المال أقوى من الإلكترونيات حتى الآن.
ومن شأن هذه الرسوم أن تؤدي إلى تقليل الاستثمارات الصينية في مختلف دول العالم، أو عرقلة مشاريعها، خصوصاً في أفريقيا والشرق الأوسط، وهو ما تريد الصين التحرّر منه، في سياق سعيها إلى تطبيق خططها الخمسية المتتالية. أما الولايات المتحدة، فإن ضمان تأمين الأموال للخزينة يبدو أهم بالنسبة لترامب، على الرغم من هروب إنتاجيات بعض الشركات الأميركية إلى الخارج، كشركة "هارلي ديفيدسون" للدراجات النارية التي تعمل لإعادة تصنيع بضائعها في تايلاند، لتفادي تعريفات الاتحاد الأوروبي الجمركية. حتى الآن، تبدو أميركا متقدمة على الصين، في انتظار ردّ فعل ما.
قد يكون للحرب الأميركية ـ الصينية نهاية في حالة واحدة، وهي المشاركة الأميركية الفعّالة في بحر الصين الجنوبي، موئل الاقتصاد المستقبلي في سياق طريق الحرير البحري. هذا ما يريده ترامب، فهناك بإمكانه تأمين الوظائف لملايين الأميركيين، بحسب ظنّه، ما يُسهم في تخفيف القيود على الواردات الصينية، مع العلم أن 59% من الواردات الآتية من الصين تُصنّعها شركات دولية، ومنها شركات أميركية. يريد ترامب فرض الخيار الأميركي الاقتصادي على العالم، سواء في أوروبا أو الصين. في الحالة الأولى، يبدو رابحاً، في انتظار ما ستُسفر عنه الحالة الثانية بعد فترة زمنية.
أما الاقتصاد الصيني فيبدو أنه سيتأثر في تقليل نسبة الصادرات إلى الولايات المتحدة، وهو وإن اقترح الاعتماد على أوروبا والتحالف معها ضد الأميركيين، إلا أنه فشل في مسعاه حتى الآن. لا يبدو الأوروبيون متسرعين في خطواتهم لمعاداة الولايات المتحدة بسبب حليف شرقي. يعلم الأوروبيون أن ترامب مع كل "علله" أفضل من الصين التي تسعى إلى إغراق سوقهم ببضائعها. لذلك، يبقى أمام الصين حل من اثنين: مواجهة ترامب اقتصادياً، والصمود لأطول فترة ممكنة، أو السماح بتحوّل الولايات المتحدة إلى شريك أساسي في بحر الصين الجنوبي. الأمران صعبان على بكين، فالولايات المتحدة باتت شبه جاهزةٍ لاقتحام كوريا الشمالية اقتصادياً، ولا تريد الخروج من الوسط الآسيوي من دون أثمان اقتصادية، وتمكّنت من الحصول على الأموال الباهظة من الشرق الأوسط. الحرب التجارية مع الأميركيين ليست رابحة للصين.
الأهم في هذا الصدد هو اعتماد مبدأ "الحرب التجارية" نوعا متجددا من الحروب بين الأقطاب العالمية، وهي على عكس حروب العقوبات المتبادلة أو الحرب الباردة، تبدو متحرّكة. فالمال عنصر غير ثابت، وتقلّب الأسعار يتأثر حكماً بأي فرضٍ لرسوم وضرائب. والحالة الأميركية ـ الصينية هي الأولى من نوعها تاريخياً، خصوصاً بهذه الكمية الهائلة من الأموال. ومن شأن هذا النوع من الحروب أن يضاهي "الحرب الإلكترونية" ضراوةً، والتي وُصفت مطلع عام 2000، بأنها "حروب المستقبل". لا يزال المال أقوى من الإلكترونيات حتى الآن.
ومن شأن هذه الرسوم أن تؤدي إلى تقليل الاستثمارات الصينية في مختلف دول العالم، أو عرقلة مشاريعها، خصوصاً في أفريقيا والشرق الأوسط، وهو ما تريد الصين التحرّر منه، في سياق سعيها إلى تطبيق خططها الخمسية المتتالية. أما الولايات المتحدة، فإن ضمان تأمين الأموال للخزينة يبدو أهم بالنسبة لترامب، على الرغم من هروب إنتاجيات بعض الشركات الأميركية إلى الخارج، كشركة "هارلي ديفيدسون" للدراجات النارية التي تعمل لإعادة تصنيع بضائعها في تايلاند، لتفادي تعريفات الاتحاد الأوروبي الجمركية. حتى الآن، تبدو أميركا متقدمة على الصين، في انتظار ردّ فعل ما.