هل تورطت الإمارات في تمويل ترامب؟

09 مارس 2018
+ الخط -
تتكاثر الأخبار الواردة من أميركا بشأن خبايا العلاقة الملتبسة بين دولة الإمارات وروسيا والرئيس الأميركي دونالد ترامب. فقبل أيام نشرت صحيفة نيويورك تايمز تحقيقاً مثيراً عن احتمال تورط أحد مستشاري ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، في تنسيق العلاقة بين مستشارين لترامب ورجال أعمالٍ قريبين من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وذلك على خلفية استدعاء المحقق الأميركي روبرت ميلر الذي يحقق في التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأميركية ذلك المستشار، رجل الأعمال الأميركي من أصول لبنانية، جورج نادر، والذي تربطه علاقة وثيقة مع بعض مستشاري ترامب. وكان قد لعب دوراً محورياً في توطيد العلاقة بين بن زايد والفريق الرئاسي لترامب، بعد فوز الأخير في انتخابات الرئاسة أواخر عام 2016، حيث قام بترتيب الزيارة السرية التي قام بها بن زايد لنيويورك في ديسمبر/ كانون الأول 2016، والتقى خلالها الفريق الرئاسي لترامب، في حضور أحد رجال الأعمال الروس القريبين من بوتين، هو كيريل ديمتريف، وهو ما لفت أنظار مكتب التحقيقات الفيدرالية الذي بدأ في تتبع خيوط العلاقة الشائكة بين هذه الأطراف المختلفة.
وقد تم توقيف نادر بواسطة مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف.بي.آي) في يناير/ كانون الثاني الماضي، عند عودته من أبوظبي في مطار واشنطن، ومنذئذ وهو يقدّم شهادته لمولر عن العلاقة بين أبوظبي وترامب وروسيا. وقد عمل نادر فترة في شركة بلاك ووتر التي تؤجر محاربين مرتزقة، ويقودها مؤسسها إيريك برنس الذي يُشاع أنه أيضا يعمل مستشاراً لمحمد بن زايد. ويبدو أن نادر سوف يتم استخدامه شاهدا أساسيا في تحقيقات مولر، وذلك فيما يخص العلاقة الشائكة بين أبوظبي وموسكو وترامب. الأكثر من ذلك تواتر الأخبار، أخيرا، عن احتمال وجود دور إماراتي في تمويل ترامب، خصوصا بعد وصوله إلى السلطة، وهو ما يثير تساؤلات عديدة عن احتمال تورط أبوظبي، إلى جانب روسيا، في الانتخابات الأميركية. وحتى الآن، لم يصدر بيان رسمي إماراتي من أجل تفنيد هذه المزاعم ودحضها. ولو ثبت أن أبوظبي فعلت ذلك، فسيكون له عواقب وخيمة على العلاقات مع الولايات المتحدة. كما كان نادر حاضراً في اجتماع جزيرة سيشيل الذي جمع بن زايد مع ديمتريف وبرنس، أوائل عام 2017، وقبل أسابيع قليلة من حلف ترامب اليمين، وتتويجه رئيسا للولايات المتحدة.
الأكثر من ذلك ما أشارت إليه "نيويورك تايمز" عن الضغوط الإماراتية على ترامب، من أجل إقالة وزير خارجيته، ريكس تيلرسون، بسبب موقفه من الأزمة في قطر. وقد جاءت هذه الضغوط عبر نادر الذي لديه علاقات قوية مع رجل أعمال آخر، هو إليوت برودي الذي يعد قريباً من البيت الأبيض. وبعيداً عن العلاقة بين ترامب والروس والإماراتيين، من الواضح أن أبوظبي كانت، وربما لا تزال، تحاول الاستثمار بشكل مكثف في ترامب ومستشاريه، من أجل تجييرهم لخدمة مصالحها، وتحقيق أجندتها في المنطقة. ولربما تحاول أبو ظبي الآن البحث عن طريقةٍ للتخلص من المحقق مولر، بعدما فضح دورها المشبوه في السياسة الأميركية، والذي إن ثبت سيكون بمثابة ضربة كبيرة للعلاقة بين واشنطن وواحد من أهم حلفائها في المنطقة، ممثلاً في أبوظبي وحاكمها.
A6B2AD19-AA7A-4CE0-B76F-82674F4DCDE4
خليل العناني

أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة جونز هوبكنز الأميركية. عمل كبير باحثين في معهد الشرق الأوسط، وباحثاً في جامعة دورهام البريطانية، وباحثاً زائراً في معهد بروكينجز.من كتبه "الإخوان المسلمون في مصر ..شيخوخة تصارع الزمن".